الوعى يحمى الإنسان من السقوط.. والإنزلاق نحو الهاوية.. الوعى يحمى الإنسان من الاستدراج لمنازلات ربما لم يكن مستعداً لها.. الوعى يحمى من مجرد الدخول فى مهاترات ومسارات جدلية لا طائل منها إلا استنزاف طاقتك وقدراتك.. الوعى يحمى الانسان من فخاخ قوى الشر التى تنصبها لك عن يمينك وعن شمالك ليل نهار حتى تسقط وتلف حبل المشنقة بيديك حول عنقك.. ولعل أحداث 25 يناير 2011 وما صاحبها من انهيار دول ودمار شعوب خير دليل على السقوط فى براثن السوشيال ميديا.. والسير معصوب العينين وراء أوهام وشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الخراب والدمار.. وعندما سقطت الدول وانهارت وصارت اطلالاً.. لم تجد الشعوب ولا عيش ولا حرية ولا ديمقراطية بل لم تجد وطناً من الأساس.. وانما دمار وخراب ينعق فيها البوم.. ولم يبق وطن ولا شعب.. حيث لا ينفع الندم ولا البكاء على اللبن المسكوب.. ليدرك الجميع أن الوعى نجاة.
>>>
والحقيقة لم أر على مر الأحداث الإقليمية والدولية أمة يقودها الفيس بوك.. وتحركها كتائب السوشيال ميديا مثلما يفعل الفيس بأمتنا.. وصرنا لقمة سائغة فى يد قوى الشر.. تشعل نار الفتنة بيننا بسهولة.. فمجرد بوست صغير.. يصاحبه آلاف التعليقات والآراء يمكن أن يشعل أزمة بين بلدين شقيقين.. وتبدأ مساجلات التلاسن.. والتراشق بين الشعوب.. ثم تنتقل المعركة الوهمية التى نشأت بلا سبب إلى وسائل الاعلام.. والمستوى الرسمي.. من لا شيء إلا السقوط فى فخاخ أزمات السوشيال ميديا.
>>>
والأمثلة كثيرة وعديدة.. أقول ذلك بمناسبة ما أراه على الصفحات الفيسبوكية والمواقع من محاولات جر الدولة المصرية إلى حرب مع العدو الصهيوني.. واشعال معركة وهمية ضارية على السوشيال ميديا.. وأرى آلاف التعليقات والمنازلات على وهم وخيال واشياء ما انزل الله بها من سلطان فى غياب الوعى الذى هو أكبر مشكلة تواجه الكثير من الشعوب.. وقليل من الوعى كفيل بأن يبعدك تماماً عن الدخول فى مهاترات فيسبوكية ما أنزل الله بها من سلطان.. قليل من الوعى تدرك ثقتك فى بلدك وجيشك وقيادتك ويبعدك فوراً من الإنزلاق فى الهراء.. قليل من الوعى يجعلك تدرك اهداف قوى الشر من وراء ما يروجون له من أكاذيب وشائعات لا أساس لها.
>>>
والحرب.. ليست شيئاً سهلاً.. ولا مجرد قرار يتخذ فى لحظة تهور.. ولا انفعال عاطفى لحظي.. الحرب ليست قراراً يولد متأثراً بمساجلات السوشيال ميديا.. ولا المهاترات غير الواعيه.. الحرب ليست قرار شعوب.. وانما قيادة واعية مسئولة دارسة واعية.. اعداد.. ومعدات.. وتقدير موقف.. واشياء كثيرة.. لا يحيط بها العامة ولا الخاصة ولها رجالها وقادتها.. فلا تنزلق عزيزى وصديقى القارئ وراء مهاترات السوشيال ميديا وما يحيط بها من اكاذيب وشائعات لاشعال الفتن والتوترات التى تقود فى النهاية إلى اسقاط الأوطان فى براثن الحروب والدمار والنيران.
>>>
دار فى خلدى الكثير والكثير عن حرب أكتوبر العظيمة التى تحل ذكراها بعد غد السادس من أكتوبر.. هذه الحرب المجيدة التى سطر فيها الجيش المصرى أعظم ملاحم البطولة والفداء والشجاعة.. والقوة والتخطيط والتمويه وتقدير الموقف المدروس.. والقيادة الحازمة الواعية للمعركة وما تحقق فيها من إعجاز.. تدرسه الآن المؤسسات العسكرية العالمية.. وما صاحبه من تخطيط وإعداد وقدرة فائقة على التنفيذ وتحقيق العبور المعجز والنصر المبين.
.. مر أمامى شريط ذكريات يوم العبور عندما ذهبنا إلى المدرسة الصف الثانى الاعدادى وعرفنا أن الدراسة مؤجلة بسبب عبور الأبطال فى السادس من أكتوبر 73.. ولم يعد جديداً أن نرصد حكايات ورايات البطولة والشجاعة التى سطرها الجندى المصرى البطل.. ولكنها كانت بالنسبة لنا نحن التلاميذ الصغر آنذاك هى العودة إلى الحياة.. فقد عشنا كابوس كارثة بحر البقر فى مدارسنا الابتدائية.. وكنت شخصياً كلما مرت طائرة أو سمعنا مجرد الازيز فوق رؤوسنا ونحن فى مدرسة الدمرداش الابتدائية بشارع رمسيس.. حضرت صورة دمار مدرسة بحر البقر أمامنا.. حتى تمر الطائرة بسلام هذا الكابوس يطاردنا.. حتى تحقق نصر السادس من أكتوبر.. عادت لنا الثقة وعادت لنا الحياة والهدوء والاستقرار.. بعيداً عن عظمة هذا النصر العظيم.. مشاعر تلميذ فى الابتدائي.. كان نصر أكتوبر بالنسبة له هو الحياة ذاتها..
