كلما عاد أكتوبر.. يهل على المصريين بالفخر والعزة.. ويمر شريط الذكريات بطعم الكرامة والانتصارات.. ويأخذنا الحنين إلى تلاحم الشعب والوقوف خلف جيشه لتحقيق المعجزات وتحدى المستحيل.
سيظل السادس من أكتوبر محفوراً فى وجدان الجيل الذى صبر وصمد وخطط وأخذ بالأسباب وجاهد وحارب وعبر مسلحاً بالإيمان بالله وبالوطن وعزيمة الرجال مطلقاً صيحة «الله أكبر» التى زلزلت الأرض من تحت أقدام الأعداء وحطمت «بارليف» أقوى خط دفاعى عرفته العسكرية.
إنها «روح أكتوبر» التى افتقدناها منذ زمن ومازلنا نبحث عنها لأننا قصرنا فى تعريف الأجيال ببطولات الجنود الذين حققوا للعرب ولمصر أول نصر فى العصر الحديث.. ولم نقم برواية كيف عانى الشعب بعد هزيمة ٥ يونيو 1967.. ولا حجم المرارة والعار الذى لحق بالعرب.. وهل عرف أولادنا وأحفادنا كم التضحيات التى قدمتها أفراد القوات المسلحة والمواطن العادى أيام سنوات حرب الاستنزاف والإعداد لمعركة التحرير؟!
لن يصدق شباب هذه الأيام الملحمة الكبرى يوم السادس من أكتوبر وما واجهه الأبطال البواسل الذين عبروا بعدما جاءت ساعة الصفر فى عز الظهر وسمعوا كلمة السر المتفق عليها «الستات حوامل» وتعنى أن القوارب المعدة للعبور تم نفخها وأصبحت جاهزة.. لم يرهبهم ما قيل إن سطح القناة سيتحول إلى كتلة من النيران تطلقها فوهات «النابالم».. جدفوا بسواعدهم وتسلقوا خط بارليف الذى يصل ارتفاعه أحياناً إلى 20 متراً.. يحمل كل جندى على ظهره «جربندية» تزن على الأقل 20 كيلو ومعه مدفع «آربجيه» يزيد على 100كم.. تخيلوا هذا الحمل الذى تنوء به عزائم الرجال يحمله الجندى وهو يتسلق ثم يمسك بخرطوم مياه ليجعلوا جبل الرمال ينهار فى ثوان ويشتبكون مع من فى النقطة الحصينة ويرفعون العلم فوقها بعد تحريرها وتأمينها.
هؤلاء الأبطال ومعهم جنود سلاح المهندسين الذى ينصب الكبارى ومن فوقهم نسور الجو الذين مهدوا لهم الاقتحام ومن بعدهم دخلت المدرعات وكانت معركة الدبابات حاسمة ولا ننسى بطولات جنود باقى الأسلحة مثل الإشارة والإمداد والتموين والاستطلاع.. ولا عظمة أداء القوات البحرية والدفاع الجوى.. إنها ملحمة متكاملة خطط لها ببراعة قادة نفتخر بهم جميعاً المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان والمشير عبدالغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات وقادة الأسلحة والجيوش وقبلهم الرئيس الراحل أنور السادات الذى اتخذ القرار وكان وراء خطة «الخداع الإستراتيجى» التى حققت المفاجأة وكانت من أهم أسباب النصر على العدو الإسرائيلى وتحرير سيناء.
نصر أكتوبر والبطولات التى قام بها أبناء القوات المسلحة وأبناء الشعب الذين كانوا وراءهم.. كل ذلك مازال يحتاج إلى تعريف الأجيال به.. وقلت أكثر من مرة إننا لو كنا فى زمن الفراعنة لوجدت الأجيال بطولات أكتوبر محفورة على جدران المعابد ومدونة على أوراق البردى.. وكنا نقشنا صور الأبطال من القادة والجنود ومن ساعدوهم من المدنيين على المسلات.
علينا أن نعى أن تلاحم الشعب والجيش فى أكتوبر 73.. ووقوف العرب صفاً واحداً مع مصر وسوريا.. هو ما جعل كل أعداء الأمة العربية تخطط لتدمير المنطقة وتحطم جيوشها التى بدأت بالعراق ثم ليبيا وسوريا واليمن.. ولن يتركوا مصر المحروسة بإذن الله وجيشها بأبطاله خير أجناد الأرض.
تحية لكل أبطال أكتوبر الذين حققوا النصر من 52 عاماً.. وليتنا نستعيد «روح أكتوبر» حتى يعود تلاحم الشعب وتكاتف العرب لأن المخاطر والتحديات التى تواجه مصر والأمة أخطر مما كان عام 1973.
مجلس سلام.. أم عودة الانتداب؟!
لا أدرى لماذا يدير غزة غير أهلها وممثلهم الشرعى منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية المسئولة عنها وفقاً لاتفاقيات أوسلو المعترفة بها إسرائيل وبضمان من الولايات المتحدة؟!
ماذا يعنى أن يتكون مجلس سلام يرأسه ترامب ومن بين أعضائه تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق أحد المسئولين عن تدمير العراق عام 2003 والأهم أنه يمثل الدولة المسئولة عن زرع إسرائيل والتى كانت تدير فلسطين التى كانت تحت الانتداب البريطانى قبل ضياعها!!
هل يمكن أن يتم الوثوق فيمن يؤيد ممارسات الاحتلال الإسرائيلى وحكومة نتنياهو العنصرية اليمينية المتطرفة سواء أكانت أمريكا أم بريطانيا؟!
155 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية التى تضم غزة والضفة الغربية والقدس.. فلماذا يتم ترك إدارتها للجنة دولية من كل أجناس الأرض إلا الفلسطينيين أصحاب الأرض والمصلحة؟!
لا شك أن خطة ترامب بها جوانب إيجابية.. ولكن هناك سم فى العسل.. ولن يستطيع هو أو بلير الاعتراض على تدخلات إسرائيل فى غزة.. ولا على إدعاءات المتطرفين من وزراء نتنياهو إذا طالبوا مثلاً باستبعاد بعض الشخصيات من أهالى غزة بدعو أنهم من حركة «حماس» فمن الذى يكذبهم وكل من ليس على هواهم من الفلسطينيين سيستبعدونه من غزة والضفة؟!
لا يهم إسرائيل سوى الحصول على الرهائن الأحياء وجثث الأموات وبعدها سيعود نتنياهو إلى مواصلة تدمير غزة ولن يهمه المجلس الذى يحكمها حتى لو كان برئاسة ترامب وبلير!!
إذا كانت بريطانيا هى التى أضاعت فلسطين.. فإن بلير سيمنح غزة لإسرائيل بعد أن يساعدها فى تنفيذ مخطط التهجير ولكن على مراحل وسيدبر لأهل غزة الدول التى ستحضنهم بعيداً عن مصر الرافضة للتهجير!!.









