ثوابت واضحة.. رؤية شاملة.. ونداء صادق
دبلوماسيون وسياسيون:
الرئيس وضع الجميع أمام مسئولياتهم
«خارطة طريق» مصرية.. لإنقاذ القضية الفلسطينية.. وإحلال السلام
10 رسائل:
- موقف مصر ثابت «فعلاً وقولاً».. رفض تصفية القضية والتهجير
- الحل الأمنى والعسكرى لا يحقق الأمن ولا المصالح
- غياب الإرادة الدولية لإنهاء الاحتلال وإحلال السلام
- على المجتمع الدولى الاختيار بين السلام والاستقرار.. أو الفوضى والدمار
- دماء أطفال فلسطين.. ستظل سيفاً مسلطاً على ضمير الإنسانية
- سياسة «حافة الهاوية» لن تجدى نفعاً أو تحقق مكسباً
- مصر أضاءت شعلة السلام بالمنطقة.. وتتمسك بالأمل فى تغليب صوت العقل
- حياة الشعب الفلسطينى لا تقل أهمية عن حياة أى شعب آخر
- ثقة الشعوب فى عدالة النظام الدولى تتعرض لاختبار لا مثيل له
- الأجيال القادمة تستحق منا أن يعم السلام والأمن
حظيت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة العربية بالبحرين بأصداء واسعة واهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية والعربية.
الكلمة التى جاءت قوية وواضحة أشاد بها خبراء الدبلوماسية ورجال السياسة والبرلمان برسائل الرئيس للعالم.. قالوا إن القمة أكدت بصدق على الثوابت التاريخية لمصر إزاء القضية الفلسطينية.. والرفض القاطع لتصفية القضية.. ومحاولات تهجير الشعب الفلسطينى وجسدت بجلاء الرؤية المصرية على حل الدولتين والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته والتحرك الفورى لإنقاذ المستقبل.. وعدم الوصول إلى الفوضى والدمار وليكن خيار العالم للسلام والاستقرار وليس الحرب والدمار.
قال السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية واضحة ومحددة ترد على ادعاءات واهية كثيرة ظهرت خلال الفترة الماضية، وتؤكد على دور مصر المحورى وتعيد التاكيد على موقف مصر الصلب لدعم القضية الفلسطينية واجهاض أى محاولة لتصفيتها.
شدد العرابى ان رسائل الرئيس تتماشى وتتناسب تماما مع الموقف الصعب الذى تمر به المنطقة العربية فى الفترة الحالية، وفى نفس الوقت تؤكد على ضرورة الحشد الدولى لمناصرة القضية الفلسطينية واتخاذ إجراءات من شأنها الانخراط فى عملية سياسية جادة تصل إلى أهداف الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أضاف ان القيادة الإسرائيلية الحالية لا تدرك ان السلام اسهل وسيلة للوصول إلى الاستقرار وأقل تكلفة فالحروب تكلفتها عالية وفى نفس الوقت لن تؤدى إلى نتيجة، مشيرا إلى أنه لا توجد معارك عسكرية تحكم الآن أى قضايا والتى يجب ان تحل عن طريق الجهود الدبلوماسية.
إسرائيل تراوغ
أشار العرابى أن إسرائيل مستمرة فى التهرب من مسئوليتها وتراوغ لتجنب جهود وقف إطلاق النار، ونرفض عملية إسرائيل العسكرية فى رفح الفلسطينية ومحاولاتها استخدام الجانب الفلسطينى من المعبر لإحكام حصار غزة، وهو الموقف الثابت لمصر والذى دائما تسعى له وتؤكده وهو كان من يوم 8 أكتوبر الماضى خلال اجتماع مجلس الأمن القومى المصرى والذى اشتمل على 7 مبادئ واصبحت خارطة طريق لدول العالم وليس لمصر.
ولفت العرابى إن الرئيس أكد فى كلمته انه واهمٌ من يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن، ومخطئ من يظن أن سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدى نفعاً أو تحقق مكسباً، ففى النظام الدولى الحديث لا يوجد شيء اسمه أى انتصار غير منقوص وان أى هزيمة سوف تكون غير كاملة، وبالتالى يجب ان يكون هناك وعى أكثر.
أوضح ان الرئيس اعاد للأذهان أهمية مبادرة السلام المصرية، ويذكر إسرائيل أيضا بأنها استفادت كثيرا من معاهدة السلام وان أى محاولات لانتهاك هذه المعاهدة فى حد ذاتها سيكون خسارة كبيرة لإسرائيل.
مصداقية الموقف المصرى
السفير على الحفنى نائب وزير الخارجية السابق، وصف كلمة الرئيس السيسى أمام القمة العربية متزنة للغاية ومتماشية تماما مع البيان الصادر عن قمة البحرين، مشيرا الى انها من انجح القمم التى تم انعقادها لان كل ما صدر عنها ومجرياتها تتسم بالرشادة والحكمة والعقل وهذا يعكس صورة للمجتمع الدولى كله مختلفة تماما عن صورة الكيان الإسرائيلى الذى يبيد شعباً أعزل ويرتكب كل الانتهاكات والجرائم التى يمكن أو لا يمكن نتخيلها.
قال السفير الحفنى ان هناك تفكيراً وتخطيطاً وتحركاً فى محله، وفى نفس الوقت نطرح تصور موضحا ان هناك تفاهماً مبدئياً خاصة من بعض الدول الفاعلة فى المجتمع الدولى الا وهو المؤتمر الدولى للقضية الفلسطينية والذى يعكف على هذه القضية ويبحث عن تسوية أو حل لها، وهو قائم على ان الشعب الفلسطينى يمارس حقه فى تقرير مصيره ويستعيد أرضه المنزوعة المحتلة والمغتصبة تأسيسا على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أوضح ان كلمة الرئيس السيسى حددت مسارين أما الأمن والأمان والاستقرار والتنمية أو الفوضى والدمار فى المنطقة، لافتا الى ان كلمة الرئيس أظهرت بوضوح مصداقية الموقف المصرى تجاه رفع المعاناة وتقليل المأساة الإنسانية التى يعيشها الشعب الفلسطينى جراء العدوان الإسرائيلى ضد المدنيين بقطاع غزة.
كما ان الرئيس السيسى كان حريصاً على إيصال الرؤية المصرية الكاملة بشأن رفض الأوضاع المتصاعدة بقطاع غزة وتحميل المجتمع الدولى مسئولياته عما يحدث، إذ طالب بضرورة تخلى المجتمع الدولى عن صمته وتفعيل قواه ومؤسساته لوقف إطلاق النار وانهاء الحرب بشكل مستدام.
أشار إلى أن الرئيس دعا بشكل صريح إلى نشر ثقافة السلام فى المنطقة، لتسمو فيها آمال المستقبل فوق آلام الماضي، وتطرق أيضاً إلى ضرورة الاختيار بين مسارين وهما السلام والاستقرار والأمل أو الفوضى والدمار الذى يدفع إليه التصعيد العسكرى المتواصل فى قطاع غزة، مشدداً على أن مصر دائما كانت من الدول الداعية للسلام.
ونوه إلى أن كلمة الرئيس جاءت فى توقيت مهم نظرًا للأحداث والصراعات التى تشهدها المنطقة، وفى وقت تنعقد خلاله القمة العربية متزامنة مع ظرف تاريخى دقيق تمر بها المنطقة العربية، والقضية الفلسطينية التى تعد محرك الأحداث فى المنطقة.
وذكر نائب وزير الخارجية السابق بأن مصر طرقت جميع الأبواب من أجل وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وقادت مفاوضات شاقة رغم تعنت كبير من جانب الاحتلال الإسرائيلى وإمعانه فى مواصلة عدوانه على المدنيين.
ينذر بعواقب وخيمة
من جانبه.. قال السفير عمرو رمضان مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن كلمة الرئيس السيسى خلال القمة العربية، ووضحت اننا أمام مسارين بشكل واضح إما الاستقرار والتنمية أو الفوضى والدمار للمنطقة كلها وانه لا خيار ثالث.
مضيفًا أنها ركزت على ما سببته أو خلفته الحرب أو العدوان على غزة الذى مازال مستمرا من وضع مأساوى ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة ومستقبلها.
كما تعكس الموقف المصرى الرصين فى هذا الموضوع منذ بدايته والحكمة المصرية فى التعامل بدقة بحذر مع معطيات الموقف وفى إطار من الشرعية الدولية والقانون الدولى وكذلك القانون الدولى الإنساني.
الثوابت التاريخية لمصر
ومن جهته.. قال السفير أيمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس السيسى أكد خلال مشاركته فى قمة المنامة على الثوابت التاريخية المصرية إزاء القضية الفلسطينية بصفة عامة واستمرار العدوان والإبادة الجماعية لسكان القطاع بصفة خاصة.
أضاف مشرفة ان الرئيس السيسى أعاد التأكيد على رفض التدمير المنهجى للقطاع وسياسة العقاب الجماعى الذى تمارسه إسرائيل، مشيرا إلى أن دماء الأطفال والنساء الفلسطينيين ستظل وصمة عار فى جبين الإنسانية لعقود قادمة ولابد ان يضطلع المجتمع الدولى بمسئولياته إزاء المأساة التى يعيشها الشعب الفلسطيني، ويعيش على شفا أسوأ كارثة إنسانية فى العصر الحديث.
أوضح مشرفة ان الرئيس السيسى أشار إلى أن الحل الوحيد لإنهاء العنف والاحتلال هو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وضرورة قيام المجتمع الدولى بدوره لوقف إطلاق النار وايصال المساعدات الإنسانية لهذا الشعب المكلوم الذى يعش أسوأ وأطول وأقسى احتلال عرفه تاريخ المنطقة.
تقاعس المجتمع الدولى
من جانبه يرى محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطينى محمود عباس أن كلمة الرئيس السيسى كشفت تقاعس المجتمع الدولى وأنه للأسف الولايات المتحدة الأمريكية جعلت من مجلس الأمن مجرد كيان بلا فاعلية، تستخدمه لصالحها فقط كيفما تشاء، وتتلاعب بقراراته وأنظمته كيفما يحلو لها، وهذه أوضح صور ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، مشيراً إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين والمصالح والحقوق السياسية والاقتصادية والإنسانية للعرب والمسلمين، فى مجلس الأمن يعارضه الفيتو الأمريكي، ولكن عندما يتعلق بمصالحها ومصالح حلفائها مجلس الأمن فلا مجال لهذا الفيتو.
أوضح أنه بدون عدالة دولية وبدون إعادة النظر فى هذا النظام العالمى القائم على القطب الواحد، لا يمكن للسلام أن يعم، ولا الاستقرار السياسى أن يتحقق، وسوف يعيش الجميع فى العالم بدون أمن وتظل شريعة الغاب هى السائدة يأكل فيها القوى الضعيف.
أضاف الهباش قائلاً: نريد تغيير هذه المنظمات الدولية، التى أوصلت العالم للصراعات فى شتى بقاع الأرض، وتجلى الوجه القبيح لهذا النظام العالمى فى إبادة شعبنا، مضيفاً نريد نظاماً يتسم بالعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات ولا يوجد به أحد فوق القانون وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسى.
أشار إلى أن الإدارة الأمريكية تريد أن تستمر بهذه الطريقة، فى إدارة النظام الدولي، ونحن فى مواجهة مصير بشع، ولم يعد هناك خيار سوى العمل العربى المشترك، لأنه ببساطة لا تستطيع أى دولة عربية بمفردها أن تواجه التحديات الواقعة على العالم العربي، والتى قد تكون الأكثر صعوبة فى التاريخ المعاصر.
مشيراً إلى إن أولى الخطوات نحو بداية المواجهة الحقيقية الفاعلة، هى أن تطبق القمة العربية قراراتها بفاعلية وتضامن كامل.
ردع انتهاكات إسرائيل
السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق اعتبر أن كلمة الرئيس حددت وشخصت الأزمة ووضعت الحلول وكشفت أن المنظمات الدولية تعمل لصالح الدول الأقطاب، ولا تستطيع أن تحرك ساكناً وأن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لن تتغير مستقبلاً فى التعامل مع الأوضاع، فى الشرق الأوسط عموماً وليس فلسطين وحدها، وأن التحركات المحدودة للمنظمات الدولية لردع انتهاكات إسرائيل لا تلقى القبول لدى معظم الدول الكبرى فى العالم.
أضاف أن مجلس الأمن الدولى كمنظمة دولية، تأسست مع تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتضم فى عضويتها 15 دولة من أعضاء الأمم المتحدة، عشر منها بعضوية مؤقتة تتغير دورياً، وخمس أخرى بعضوية دائمة، يمتلك كل منها حق النقض «الفيتو»، أى تعطيل أى قرار دولى إن لم يناسبها، مشيراً إلى أنها المؤسسة الدولية الأكثر تأثيراً فى السياسة الدولية، لكن مشكلته الأساسية كانت ومازالت، امتلاك الأعضاء الدائمين حق النقض، الذى يبطل أى قرار دولى لحل المشاكل العالمية.
وهذا عيب كبير فى المنظومة الدولية تؤثر على العدالة، وهو يعتبر السبب الرئيسى للتلكؤ فى اتخاذ القرارات المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لأنه يمكن الأعضاء الدائمين من حماية أنفسهم وحلفائهم باستخدام حق الفيتو، وأننا نتعامل مع هذه الازدواجية منذ سنوات طو يلة ولكن القرار الذى اتخذته الأمم المتحدة بتصويت 143 دولة لصالح فلسطين هو خطوة مهمة، نحو الإصلاح ودعم كبير للقضية الفلسطينية ويمثل ورقة ضغط كبيرة على إسرائيل التى أصبحت منبوذة من حكومات بعض الدول ومن شعوب العالم.
سقوط الأقنعة
د.جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يرى أن كلمة الرئيس وضعت العالم أمام الوجه الآخر للمجتمع الدولى لأنه ظل يتشدق بفكرة احترام حقوق الإنسان وغيره، وقد سقطت الأقنعة الزائفة لأنه يكيل بمكيالين، مشيراً إلى أنه يتبنى السردية الإسرائيلية من ناحية وهى سردية مزعومة بأنها تحمى نفسها من أن تعرضها لهجمات إرهابية، فى حين أنها مقاومة مشروعة للفلسطينيين، وينكر من ناحية أخرى حقوقهم المشروعة فى الدفاع عن أرضهم وتحريرها من الاحتلال، وقوة الاحتلال لا تؤدى المهام المطلوبة منها بل تمارس العدوان، والإبادة الجماعية وتدمير البنية التحتية وقتل المدنيين والأطفال، فضلاً عن سياسة التجويع والحصار، وبالطبع هذا ليس دفاعاً مشروعاً بل هو ذاته الإرهاب المتجلى فى أبشع صوره. ولذلك فكلمة الرئيس رسالة للعالم ويجب أن يستمع إليه الجميع الآن