شهد الاقتصاد المصرى خلال العام المالى 2024/2025 أداءً لافتًا تمثل فى تسجيل معدل نمو ربع سنوى بلغ نحو %5 خلال الربع الرابع، وهو ما يعد أعلى معدل نمو ربع سنوى تحقق منذ ثلاثة أعوام، وقد انعكس هذا الأداء على المعدل السنوى ليسجل نحو 4.4 % متجاوزًا معدل النمو المستهدف البالغ 4.2 % ومتفوقًا على المعدل المتواضع المسجل خلال العام المالى 2023/2024 والذى لم يتجاوز 2.4 %. ويؤكد هذا التحسن أن الاقتصاد المصرى تمكن من استعادة مرونته وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية المتتالية التى شهدتها الساحة العالمية والإقليمية، مستفيدًا من استمرار تطبيق السياسات الداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين كفاءة إدارة الإنفاق الاستثمارى العام، إلى جانب تحفيز مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى فى إطار البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية الذى تبنته الدولة.
جاء النمو فى هذا العام مدفوعًا بالأداء القوى لعدد من القطاعات الرئيسية التى شكلت ركيزة أساسية لدفع الناتج المحلي. فقد حقق قطاع السياحة والفنادق والمطاعم معدل نمو بلغ 19.3 % فى الربع الرابع و17.3 % على مستوى العام المالى بأكمله، كما استحوذ قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية على نصيب مهم من النمو، حيث سجل معدلًا قدره %18.8 فى الربع الرابع و14.7 % على مستوى العام بأكمله، متجاوزًا مرحلة الانكماش التى مر بها خلال العامين السابقين.
وشهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هو الآخر نموًا لافتًا، حيث سجل معدلًا قدره 14.6 % فى الربع الرابع و13.8 % خلال العام المالى بأكمله، مدعومًا بالاستثمارات الكبيرة فى البنية التحتية الرقمية وإطلاق شبكات الجيل الخامس والتوسع فى صناعة التعهيد التى ارتفع عدد شركاتها بنسبة 180 % ليصل إلى 186 شركة. كما واصل قطاع الوساطة المالية أداءه القوى ليسجل معدل نمو بلغ 10.8 % فى الربع الرابع و12.16 % خلال العام، فى حين حققت قطاعات الكهرباء والتأمين والتجارة بالجملة والتجزئة والتشييد والبناء معدلات نمو إيجابية أسهمت جميعها فى تنويع مصادر النمو الاقتصادى المصرى بما يتماشى مع التوجه الحكومى لتعزيز القطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على التصدير.
أما على جانب الإنفاق والاستثمار، فقد شهد الربع الرابع تحولًا مهمًا حيث تحولت مساهمة الاستثمار والمخزون من السالب إلى الموجب، وهو ما يعد مؤشرًا على استعادة الزخم الاستثمارى. وقد بلغ إجمالى الاستثمارات المنفذة بالأسعار الثابتة نحو 1.23 تريليون جنيه، مع تسجيل تحول هيكلى لافت فى مكونات الاستثمار، إذ تراجعت مساهمة الاستثمارات العامة من 51.2 % فى 2023/2024 إلى 43.3 % فى 2024/2025، بينما ارتفعت مساهمة الاستثمارات الخاصة إلى 47.5 % من الإجمالى وهو المستوى الأعلى خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. ويؤكد هذا التحول توجه الدولة نحو ترشيد الاستثمارات العامة وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك رئيسى للنمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجابًا على كفاءة توظيف الموارد وتحسين القدرة التنافسية.
وفيما يخص التجارة الخارجية، فقد ارتفعت الصادرات السلعية والخدمية بنسبة 23.7 % لتصل إلى 1.7 تريليون جنيه، مدفوعة بزيادة صادرات الوقود والمواد الخام بنسبة 29.4 % و23.9 % على التوالى إلى جانب الصادرات الصناعية. وفى المقابل، شهدت الواردات نموًا يعكس استمرار النشاط الإنتاجى والاستثماري، حيث ارتفعت واردات السلع الوسيطة بنسبة 55.3 % لتستحوذ على 34.5 % من إجمالى الواردات، كما ارتفعت واردات الوقود بنسبة 27 %.