صدق أو لا تصدق .. دونالد ترامب رئيس أقوى دولة فى العالم وأكثرها تشدقاً وادعاءً بحرية الرأى والتعبير، ضاق ذرعاً بالصحافة والصحفيين، فبعد أيام قليلة من تهديده للصحفى الذى سأله عن تضارب المصالح والقرارات التى يتخذها ترامب الرئيس وترامب رجل الأعمال، ها هو يلوح برفع دعوى قضائية ضد صحيفة «نيويورك تايمز» وأنه سيطالب بتعويض مالى ضخم من الصحيفة، بسبب ما أسماه سباً وقذفاً فى حقه!
نعم يا سادة، أعلن الرئيس الأمريكى عن رفع دعوى قضائية ضد صحيفة «نيويورك تايمز» للمطالبة بتعويض قدره 15 مليار دولار، على خلفية اتهامه للصحيفة الشهيرة بنشر أكاذيب بحقه.. حيث جاء فى بيان للرئيس ترامب أنه رفع الدعوى القضائية ضد الصحيفة الأمريكية تتضمن تهمتى القذف والإضرار بالسمعة، وذلك على خلفية أكاذيب استمرت لعشرات السنين بحقه.
كتب ترامب على صفحته فى منصة «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي: يشرفنى أن أرفع دعوى قضائية بتهمتى القذف والإضرار بالسمعة بقيمة 15 مليار دولار ضد صحيفة «نيويورك تايمز»!!
يأتى ذلك بعد أيام من قيام «نيويورك تايمز» بنشر تحقيق صحفي، جمعت فيه- وفق رؤيتها- ما أسمته بأكاذيب وأضاليل ترامب فى خطابه الذى ألقاه أمام الأمم المتحدة مؤخراً، وردت عليها بالحقائق والأرقام من خلال النقاط التالية:
قال ترامب إن إدارته جلبت 17 تريليون دولار خلال 8 أشهر، مقابل أقل من تريليون فى عهد بايدن.
قالت الصحيفة: الحقيقة الرقم مبالغ فيه.. إدارته نفسها أحصت 8.8 تريليون دولار فقط، ومعظمها وعود غير مؤكدة.. بينما بايدن حقق نحو 800 مليار بمشاريع فعلية موثقة.
زعم ترامب أن عمدة لندن «صادق خان» يريد تطبيق الشريعة.. وقالت الصحيفة: إن الحقيقة لا دليل إطلاقاً.. خان أكد مراراً رفض الشريعة فى بريطانيا، والاتهامات ضده قائمة على شائعات وحملات كراهية.
قال ترامب إن الصين لا تستخدم طاقة الرياح وتكتفى ببيع التوربينات.. وردت الصحيفة: الحقيقة، أن الصين تمتلك أكبر قدرة إنتاجية للرياح عالمياً «نحو نصف الإجمالي»، وتدير ثلث مزارع الرياح فى العالم.
قال ترامب إن فواتير الكهرباء والبنزين انخفضت كثيراً، والحقيقة: الكهرباء ارتفعت بنسبة 6.2٪، أما البنزين فانخفض بشكل طفيف جداً مقارنة بالعام الماضى وبداية ولايته.
قال ترامب إن ملايين من نزلاء السجون ومؤسسات الأمراض العقلية دخلوا عبر الحدود.. والحقيقة: لا دليل على ذلك.
ادعى ترامب أنه أنهى سبع حروب لا نهاية لها.. فيما قالت «نيويورك تايمز» إن الحقيقة الدور الأمريكى فى تلك النزاعات محل خلاف، وبعضها لم يُنهَ فعلياً.
زعم ترامب أن إدارة بايدن فقدت 300 ألف طفل كثير منهم مات أو تم الاتجار بهم، والحقيقة، الرقم مبالغ فيه جداً، ولا يوجد دليل على وفيات واسعة.
قال ترامب إن 300 ألف أمريكى ماتوا بسبب المخدرات العام الماضي.. ووفقاً للصحيفة، العدد الحقيقى يقارب 80 ألفاً.
وصف ترامب واشنطن بأنها «عاصمة الجريمة» وقال إن الناس عادوا للخروج للعشاء بعد الفيدرالية، بينما الحقيقة واشنطن ليست عاصمة الجريمة، وحجوزات المطاعم لم تتغير بشكل ملحوظ.
اختتمت «نيويورك تايمز» تحقيقها أو قُل تقريرها الخطير بأن الجريدة عاجزة عن ملاحقة أكاذيبه- على حد تعبيرها.
أخيراً وليس آخراً، يمكننا القول إن بلد الحريات أبعد ما تكون عن ذلك، ولم لا، وهى التى رفضت منح الرئيس الفلسطينى محمود عباس تأشيرة دخول أمريكا ومنعته من حضور اجتماعات الأمم المتحدة، فى حين سمحت بدخول مجرم الحرب «نتنيا هو» رئيس وزراء الكيان الصهيوني، والأدهى من ذلك أنها قامت بإلغاء تأشيرة الرئيس الكولومبى وإنهاء إقامته فى نيويورك، ولن أبالغ إذا قلت طرده بسبب موقفه التاريخى من العدوان الإسرائيلى الغاشم على أبناء غزة ومطالبته بتكوين جيش دولى لتحرير فلسطين، وهذه الحرية على الطريقة الأمريكية.