سيطرت الاحداث الجارية فى الاراضى الفلسطينية المحتلة خاصة ما يجرى من اعتداءات غاشمة بحق المدنيين فى قطاع غزة، على اهتمام كل عربى ومصرى باعتبارها القضية الاولى لكل شعوب المنطقة.
وانطلاقا من تلك الاحداث الجسيمة التى بدأت فى السابع من أكتوبر عقب عملية طوفان الاقصي، جاءت التحركات المصرية المتوازنة والجاهزة لكل السيناروهات لتحقيق عدد من الاهداف يأتى فى مقدمتها وقف اطلاق النار بين الطرفين والسماح بادخال المساعدات الانسانية لسكان القطاع.
الا انه وبعد التطور اللافت فى اعقاب الاقدام الاسرائيلى على اقتحام مدينة رفح الفلسطينية، أعلنت مصر انضمامها لدعوى جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل فى محاولة قانونية وضغط دبلوماسى لاستصدار قرار بوقف الحرب على المدنيين فى قطاع غزة، كما قامت بالتعاون مع بعض الدول الشقيقة باسقاط المساعدات جوا بعد اغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطينى ورفض مصر التنسيق مع الجانب الاسرائيلى لادارة المعبر لمخالفته الاتفاق الاممى لتشغيل المعبر.
وعن هذه الجهود والخطوات التى تتخذها مصر لوقف الحرب الدائرة منذ اكثر من ٧ أشهر حاورت «الجمهورية الاسبوعي» عددا من السفراء والخبراء العسكريين من خلال السطور التالية.
قالت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارحية الاسبق: «
انضمام مصر لدعوى جنوب افريقيا أمام محكمة العدل الدولية يشكل نوعا من التغيير الايجابى فى التكتيك الدبلوماسى لمصر، فبحكم اننا الوسيط الرئيسى فى المفاوضات لايقاف العدوان، كنا حريصين على المسار التفاوضى طوال الوقت وقمنا باستقبال الوفود ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهم والوصول لحلول لمحاولة ايقاف الحرب، ولكن بسبب استمرار التصعيد والاصرار عليه من الجانب الاسرائيلى كان رد الفعل السريع والايجابى من جانب الدبلوماسية المصرية بالتصعيد والانضمام للدعوى وهو ما اثار القلق لدى الاوساط الاسرائيلية خاصة الاعلامية والصحفية انضمام مصر للدعوى لاسيما وان هذا الانضمام جاء مصاحبا لتصعيد مصر الضغط على اسرائيل عبر المجتمع الدولى والامم المتحدة.
أشارت مساعد وزير الخارجية الاسبق إلى ان اسرائيل الآن تحاول تصدير صورة للعالم بان رهائنها فى يد جماعة ارهابية وان العالم عليه مساندتها لاعادتهم ومواجهة هذا الارهاب، موضحة ان خطاب نتنياهو الاخير قبل ايام وتعمده البكاء كان اشبه بتمثيلية هزلية لبث صورة للاسرائيليين والعالم بأن الخطر يحيط بالاسرائيليين وان دولتهم فى خطر، مؤكدة ان هناك تغيرا ايجابيا فى مواقف العديد من دول العالم وعلى رأسهم فرنسا ومن قبلها ايرلندا، ولكنها تصطدم فى النهاية بالموقف الامريكى صاحب ازدواجية المعايير، مختتمة تصريحاتها بالقول : «ماذا بعد موافقة 143 دولة فى الجمعية العامة للامم المتحدة على قرار لقبول عضوية فلسطين الدائمة بالامم المتحدة،ورغم ذلك امريكا اعترضت على القرار.
ومن جانبه قال اللواء دكتور نصر سالم استاذ العلوم الاستراتيجية ورئيس جهاز الاستطلاع المصرى الأسبق: «اعلان مصر عن نيتها الانضمام الى دعوى جنوب افريقيا، يعتبر أمرا ايجابيا وطيبا لانه جاء فى توقيت هام سيشكل ضغطا بطريقة مباشرة على اسرائيل، فبعد ما حدث فى رفح الفلسطينية واستمرار اسرائيل فى عدم الاستماع لاصوات العقل او الاستجابة للضغوط الدولية، كان لابد لمصر ان ترفع الكارت الاحمر لديها للضغط بالطرق القانونية لاثبات موقفها الرافض لهذا التمادى الاسرائيلى .
اضاف: «مصر توجة رسالة مباشرة لاسرائيل بانها لايمكنها ان تظل تلعب دور الوسيط فقط، وانها قد تتحول فى اى لحظة للوقوف ضد اسرائيل، وهذا بالتأكيد موقف سيجعل اسرائيل تعيد تفكيرها مرارا قبل اتخاذ خطوات أخري.
أكد سالم ان الموقف المصرى لابد ان يتكرر فى جميع الدول العربية وقال: «اعتقد ان الدول العربية عليها الانضمام الى الدعوى ايضا لاثبات ان الموقف العربى منظم وواحد وواضح من التمادى الاسرائيلي، وكذلك لتضيع الفرصة على اسرائيل مستقبلا باعلان مصر طرفا غير محايد ولا يمكن ان تكون وسيطا بعد الآن فى أى مفاوضات، وهو الامر الذى سيكون له انعكاسات سلبية خطيرة على ابناء غزة الذين سيعانون على المستويين السياسى والانسانى خاصة ان نسبة كبيرة من المعونات والمساعدات الانسانية تدخل عن طريق مصر.
وحول رفض مصر التنسيق مع الجانب الاسرائيلى بشأن ادارة معبر رفح الفلسطينى قال سالم: «وجود إسرائيل فى معبر رفح الفلسطينية غير شرعي، لان تشغيل وتنظيم العمل بهذا المعبر يخضع لاتفاقية بين 3 أطراف هى مصر وفلسطين ممثلة فى منظمة التحرير الفلسطينية والاتحاد الأوروبي.
وعن امكانية محاكمة نتنياهو حال فشله فى تكوين الحكومة الجديدة قال: «للاسف الشديد الشخصيات أمثال نتنياهو مثل الزئبق، فهو رسميا عليه ثلاثة احكام جميعها بشأن الفساد، وجميعها معطلة ولم يتم تنفيذها بسبب تواجده على رأس الحكومة التى تعطى له حصانة ضد اى حكم يصدر ضده، ولذلك هو يسعى للبقاء فى السلطة للاستفادة من هذه الحصانة، مضيفا ان نتنياهو يعتمد فى بقائة على المتطرفين الذين يباركون و يمجدوا كافة قراراته، وبهذه الطريقة فأتوقع للاسف الشديد فى حال خوضة السباق الانتخابى -وليس هناك قانون يمنعة من خوض سباق الانتخابات بالمناسبة- ان ينجح فى تشكيل ائتلاف ليشكل منه حكومة جديدة مدعومة من جانب كل المتطرفين فى اسرائيل ليظل فى السلطة دون محاكمة.
من جانبه أضاف اللواء حمدى بخيت المحلل الاستراتيجى والعسكري، والمستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن: «التوجه السياسى المصرى الحالى يأتى فى اطار حزمة من الاجراءات المصرية لدعم القضية الفلسطينية على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والانسانية لاسيما مع جهود الوساطة المصرية المتواصلة ومحاولة توفيق الاوضاع، إلى جانب الاصرار على ادخال المساعدات لقطاع غزة وغيرها من الجهود.
اضاف: «انضمام مصر لدعوى مذكرة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية لادانة اسرائيل وتحميلها مسئولية جرائم الحرب فى غزة، يؤكد لاسرائيل ان هناك تحولا كبيرا فى الموقف المصري، وان مصر التى تصبر وتؤدى دور الوساطة لصبرها حدود بدأ فى النفاد.