صورة النموذج الأمريكى تنهار فى وجدان من يتمسك بمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان
فى الوقت الذى تداولت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية تهديدات موشيه دافيدوفيتش رئيس المجلس الإقليمى لمنطقة الشمال للارض المحتلة بإعلان الانفصال والاستقلال لمنطقة الجليل عن إسرائيل التى خذلتهم ولم تعد تهتم بأمن ما يتجاوز 50 ألفاً من النازحين من مدن الشمال ليجدوا أنفسهم مقيمين فى مراكز إيواء منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى ويدبرون أمور حياتهم دون افق للعودة وعدم حصولهم على الموازنات التى وعدتهم بها الحكومة لإعادة الاعمار ولذا قرروا القيام بذلك بعد إعلان الاستقلال من جانب واحد.
رغم عدم واقعية هذا الإعلان واندراجه فى اطار الاحتجاج والتعبير عن الغضب لتجاهل مطالب سكان مستوطنات الشمال إلا أن السبب حالة الغضب المتسارعة فى الشارع الإسرائيلى من التداعيات الاقتصادية والامنية للحرب على غزة بجانب ضغوط الحلفاء على نتنياهو لعدم تقديمه خطة لما بعد انتهاء الحرب ولذا سرب لوسائل إعلام إسرائيلية بداية هذا الأسبوع ما وصفه بخطة اليوم التالى لحرب غزة والتى سيتم مناقشتها فى مجلس الوزراء المصغر والتى تضمنت سيطرة الإدارة المدنية الإسرائيلية ومنسق عمليات حكومة الاحتلال فى غزة والضفة الغربية على قطاع غزة لفترة تمتد من ستة اشهر إلى عام على ان ينتهى حكم غزة لاطراف محلية غير معادية لإسرائيل وعلى ان يتم توفير الخدمات لسكان القطاع من خلال شركات عربية.
المراقبون يرون ان ما تطرحة إسرائيل يفتقد لرؤية إستراتيجية وغير واقعى وغير قابل للتنفيذ وليس له بعد سياسى وسيواجه بمعارضة داخلية لأنه سيؤكد على ان إسرائيل دولة احتلال مسئولة عن السكان وتوفير احتياجاتهم الأساسية.
مما يحمل اقتصادها المنهك من الحرب أعباء إضافية. كما ان الاقتراح يفترض أنه تم القضاء على فصائل المقاومة وسيطرة الجيش الإسرائيلى على كافة القطاع وهذا لم يحدث بل عاد القتال لمناطق أعلن وزير الدفاع منذ شهور الانسحاب منها بعد القضاء على عناصر المقاومة فيها. فالاقتراح ينطلق من انتهاء الحرب وهذا لم يخدث ليستمر انهاك الجيش وزيادة خسائره فى الأرواح والمعدات.
الكارثة تكمن فى توحد الموقفين الأمريكى الإسرائيلى فى الأهداف من الحرب وهو القضاء على المقاومة ومصادرة سلاحها وعودة الاسرى وهذا لم يتحقق ومن ثم لا يمكن الاتفاق على خطة ولن تكون يسيرة ولن تكون قابلة للتنفيذ.
ولذا نجد تراجعاً فى التصريحات الأمريكية التى تشى بالضغط على إسرائيل والتهديد بحجب بعض الامدادات العسكرية الأمريكية فى الوقت الذى تستمر كل من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وهولندا فى توريد السلاح لجيش الاحتلال.
المأزق الأمريكى جزء منه بسبب الضغوط الداخلية من الحزب الديمقراطى نفسه ناهيك عن حراك طلاب الجامعات وقطاع من القضاة والنقابات المهنية والذين يرون ان صورة النموذج الأمريكى تنهار فى وجدان من يتمسك بمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان.
الإدارة الأمريكية تريد ان تكسب الانتخابات التى ستجرى فى نوفمبر المقبل وتريد ان تستمر فى الدفاع عن إسرائيل وحقها فى الدفاع عن النفس حتى لوكان هذا على حساب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وهذا ما يؤثر سلباً عليها داخلياً واقليمياً وبين الحلفاء من منطقة الشرق الأ وسط.