نجحنا فى وقت يعانى العالم من غياب السلام و تراجع الأمن والاستقرار
كانت نشأة إسرائيل عام 1948، أكبر تحد لميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لذا فإنه ليس مستغربا قيام مندوب الكيان الصهيونى فى الأمم المتحدة بتمزيق نسخة من الميثاق الأممى فى اجتماع الجمعية العامة للمنظمة الدولية الجمعة الماضي، بعد تصويت 143 دولة لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، أما سبب عدم الاستغراب هنا فهو أن إسرائيل خالفت «منذ نشأتها» كل بنود الميثاق الأممي، بداية من احتلال أراضى الغير ومرورًا بالفصل العنصرى وصولا إلى القتل والتدمير والتهجير القسرى على مدى أكثر من سبعة عقود، دون أن يمنعها أو يردعها أحد، لذا فالغرابة الحقيقية فى واقعة تمزيق مندوب إسرائيل للميثاق الأممي، تكمن فى كشفه لمدى الضعف الذى وصل إليه النظام العالمى الحالي، وعجزه عن أبسط قواعد «الحوار» وتحقيق الأمن والاستقرار.
وحقيقة فإن الحروب والصراعات التى يعانى منها العالم الآن، بما فيها الحرب الروسية- الأوكرانية، وعربدة إسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط، جاءت كنتيجة حتمية لضعف البناء الذى أقيمت عليه منظمة الأمم المتحدة، وفى ظل ميثاق أممى كان بمثابة «حبر على ورق» ولم يتم تنفيذه على أرض الواقع، فقد تعهد الميثاق»بانقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب وضمان السلام وحسن الجوار وبتحسين المستوى المعيشى لشعوب العالم الثالث، غير أن كل ذلك لم يتحقق.
المؤلم فى هذا السياق، أن العالم أصبح يعانى من غياب السلام «ومن تراجع الأمن والاستقرار بعدد كبير من الدول ومن أزمة اقتصادية عالمية « خانقة، هذه الأوضاع تجعلنا نقرأ الصورة فى الداخل المصرى بمزيد من الوعى والإمعان فى التحليل، مع ملاحظة أن مصر» 106 مليون نسمة» ويعيش فيها أكثر من 9 ملايين ضيف أجنبي، وتمثل إحدى الاقتصادات الناشئة والتى تأثرت بطبيعة الحال بالتوترات العالمية وبعربدة إسرائيل فى المنطقة.
لقد مرت مصر فى العقد الماضى بظروف بالغة التعقيد، بسبب أحداث يناير2011 وبسبب مؤامرات تيار الإسلام السياسي، ورغم ذلك فقد نجحت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ومنذ توليه مقاليد الحكم عام 2014 فى اعادة بناء الدولة وتنفيذ برنامج اصلاح اقتصادى هائل- وفى العقد الحالى عانت مصر من تداعيات أزمات دولية وإقليمية فى غاية الخطورة ورغم ذلك فقد واصلت الدولة المصرية نجاحاتها فى الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وفى تنفيذ آلاف المشروعات بالبنية التحتية وبمجالات الطاقة والزراعة والأمن الغذائي.
فى مداخلته خلال حفل افتتاح المرحلة الأولى من موسم الحصاد لمشروع مستقبل مصر للتنمية المستدامة قبل أيام، تحدث الرئيس السيسى عن دور الدولة فى تحقيق التنمية وزيادة الرقعة الزراعية وفى توفير فرص العمل للشباب، الرئيس السيسى قال: إن ما تحقق فى 200 عام أنجزناه فى أربع سنوات وتحملنا لإنشائه مبالغ طائلة.
هكذا جاءت كلمات الرئيس واضحة و»حاسمة»، فهل وصلت الرسالة، وهل استوعب «المشككون» حجم المسئوليات التى تتحملها القيادة السياسية لمواصلة الانجازات وحماية مصر ومقدساتها، فى وقت تعانى الشعوب من ضعف النظام العالمي، ومن عربدة إسرائيل فى المنطقة، ومن عجز الأمم المتحدة و»ميثاقها الأممي» عن تنفيذ القانون الدولى ومنع أى صراع.