نريد من القمة العربية موقفا موحداً لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة
سؤال بسيط يتردد هذه الأيام: ماذا نريد من القمة العربية التى تنطلق اليوم فى البحرين؟ وما هى الآمال المعقودة على القمة فى هذا التوقيت الصعب محليا ودوليا؟
وبرغم بساطة السؤال إلا ان الاجابة معقدة للغاية لأن الوضع الراهن عربيا ومحليا ودوليا فى غاية التعقيد.. ولعل أبسط دلالات هذا التعقيد ما يحدث فى غزة.. وأوكرانيا.. والمنطقة العربية ككل.
تحمل هذه القمة التى تقام لأول مرة فى البحرين رقم 33 للقمم العربية بعد 78 عاما من انطلاق أول قمة عربية عام 1946 فى مصر.. وإذا كانت القمة الأولى عربيا جاءت بعد عام واحد من انتهاء الحرب العالمية الثانية وقبل عامين فقط من نكبة فلسطين.. فإن القمة الحالية تأتى فى نفس اليوم الذى أعلن فيه معاهدة سايكس بيكو التى قسمت العرب إلى دول ورسمت حدودا أشعلت الفتنة.. وبرغم أننا كعرب أمة واحدة ونتحدث لغة واحدة والأغلبية العظمى تدين بدين واحد ولا تفرقنا جغرافيا أى عوائق أو حدود إلا أن تاريخنا الحديث منذ بداية الاحتلال الغربى لأراضينا لم يشهد يوماً واحداً من الوحدة اللهم إلا مع انتصار أكتوبر المجيد.. وبرغم كل المعوقات إلا ان الشعوب العربية مازالت تحلم وتأمل فى وحدة عربية حتى لو من خلال سوق عربية مشتركة اقتصادياً أو من خلال رأى واحد تجاه قضية فلسطين والحرب المدمرة الآن على غزة.
وهنا نعود للسؤال الأساسى وهو ماذا نريد من القمة العربية التى تنطلق اليوم فى البحرين؟
لو أجرينا استطلاع رأى فى الشارع العربى لكانت الاجابات بسيطة للغاية برغم الموقف الصعب والمعقد على أرض الواقع.. نحن نريد وحدة عربية وتوافقا عربيا على رأى واحد يدعم أهل غزة ويساند الموقف المصرى تجاه ما يحدث فى غزة ورفض مصر التهجير القسرى إلى سيناء وإنهاء القضية الفلسطينية.. فما يحدث فى غزة الآن يوازيه ما يحدث فى الضفة الغربية من بناء لمستوطنات صهيونية.. وما تفعله أمريكا فى مساندة لا حدود لها للكيان الصهيونى يؤكد موقف أمريكا الدائم ضد الوحدة العربية ويكفى دلالة على ذلك الفيتو الأخير ضد إعلان دولة فلسطين برغم ادعاء أمريكا أنها مع حل الدولتين!!!
نريد من القمة العربية موقفا موحداً لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة ورفض الاجتياح الذى أعلنته إسرائيل لرفح الفلسطينية وموقفاً موحداً صارماً مع الجهود المصرية لدخول المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة الذين يعانون وضعاً كارثياً والعالم يتفرج.. ومدعو حقوق الإنسان غائبون.. وإذا كانت القضية الفلسطينية هى العامل المشترك لكل القمم العربية السابقة فإن هذه القمة بالذات تحتاج إلى موقف عمل داعم وقوى وحاسم فى كل الاتجاهات دبلوماسياً وإنسانياً وعلى أرض الواقع.
وبعيداً عن قضية فلسطين وليس بعيداً عن المؤامرات ضد العرب فإن القمة مطالبة بالتدخل عملياً فى الأزمات التى تعيشها دول الصراعات العربية خاصة السودان وسوريا واليمن وليبيا والعراق.
ما يحدث فى السودان منذ عام.. والصراع فى ليبيا منذ سنوات والانقسام الخطير فى اليمن.. كل ذلك يحتاج إلى تعاون عربى لإنهاء الصراعات العربية خاصة وان هناك اتصالات لحل الأزمة المعقدة فى ليبيا.. وتبقى الأزمة الأثيوبية- الصومالية وتداعياتها على القرن الأفريقى وشمال أفريقيا وتحتاج إلى موقف عربى حاسم ضد تصرفات أثيوبيا التى يدينها القانون الدولي.. وتبقى أزمات أخرى فى حاجة إلى قرار عربى وتعاون عربى مثل القضايا الاقتصادية وتأثيرها على المجتمعات والشعوب العربية وكذلك قضايا اللاجئين التى زادت عن حدها فى الفترة الأخيرة وتحتاج إلى رؤية عربية مشتركة وواحدة.. وتبقى قضية اجتماعية فكرية ثقافية مهمة تواجه شعوبنا العربية وليتها تجد مكانا واهتمامات قادة الأمة لمواجهتها وهى حالة التغريب المتعمدة وضرب المقدسات والقيم والرؤى المشتركة ومحاولات التفريق وخلق حالة من التشرذم العربى لصالح أعداء العرب.