فى مثل هذا اليوم أو غداً.. ولد عادل إمام بأحدى قرى محافظة الدقهلية، وبعدها انتقل مع أسرته إلى القاهرة وحى السيدة زينب ليكمل مسيرته التعليمية بدخول كلية الزراعة جامعة القاهرة، وفيها عرف المسرح بجانب الزراعة وشارك فى عروض مسرح الجامعة، وتعرف على زملاء دراسة أصبحوا زملاء العمر مثل سعيد صالح وغيره، وقرر ان يكمل مشواره مع المسرح وليس الزراعة فتقدم لاختبارات «فرق التليفزيون المسرحية» التى قرأ الإعلان عنها وقتها، ونجح، وهو لا يزال طالباً، وبدأ بأدوار صغيرة لكنها لفتت الأنظار إليه وإلى قدرته على انتزاع الضحكات من الجمهور، فزادت مساحة أدواره بعد المسرحية الأولى «سرى جداً» عام 1960 إلى الثانية «أنا وهو وهى «عام 1964 إلى أن أصبح الجمهور ينتظره مع فؤاد المهندس وشويكار فى المسرحية الرابعة «السكرتير الفنى «عام 1968 فى دور المحامى الشاب الملعب لتبدأ بعدها أعماله المسرحية التى أصبح اسمه وسيرته فيها هما الأكثر جاذبية لجمهور عريض احبه وانتظره بشغف مثل مسرحيات «مدرسة المشاغبين» التى قدمت لنا جيلاً من الممثلين المبدعين سعيد صالح وأحمد زكى وهادى الجيار ويونس شلبى وحسن مصطفى وغيرهم، وبعدها ذهب عادل إمام إلى «شاهد ما شفش حاجة» و»الواد سيد الشغال» ليصل فى نهاية مرحلة التسعينات إلى نهاية لعلاقته بالمسرح بمسرحية «بودى جارد» التى شارك فيها عزت أبوعوف ورغدة وشيرين سيف النصر وأحمد أبوداود، والملفت هنا أن صعود عادل إمام فى عالم المسرح كان يصاحبه صعود آخر فى عالمى السينما والتليفزيون، لكن، ليس بنفس الترتيب، أو الصعود السريع نحو جماهيرية ساحقة جعلت مسرحياته الأخيرة تسجل رقماً قياسياً فى عدد مرات وسنوات العرض.
أحلام ودموع
التحول المهم فى أعمال عادل إمام التليفزيونية جاء فى نهاية السبعينيات مع بطولة مسلسل «أحلام الفتى الطائر» الذى تعاون فيه للمرة الأولى مع الكاتب وحيد حامد والمخرج محمد فاضل فى دور سجين تنتهى فترة سجنه ويقرر الاستمرار فى عمليات ضد القانون لكن ظروف خارجة عن ارادته تدفعه للتراجع، قبلها يقدم دوره المهم فى مسلسل «دموع فى عيون وقحة» جمعة الشوان الذى يتلقى عرضا للعمل مع جهاز المخابرات الإسرائيلية فيبلغ اجهزة الامن التى تدعمه لكى يبلغها بكل ما يعرفه عن الأعداء من خلال هذا العرض الذى يتلقاه أثناء سفره للبحث عن عمل خارج بلده، بعدها يبتعد عن دراما التليفزيون لمدة تتجاوز ثلاثة عقود، ويعود من جديد بأعمال جديدة اولها «فرقة ناجى عطالله»2012، ثم بالترتيب العراف -صاحب السعادة -أستاذ ورئيس قسم- مأمون وشركاه – عفاريت عدلى علام – عوالم خفية – فالنتينو عام 2020 وليكون هذا هو المسلسل الأخير له .غير انه من الضرورى هنا الإشارة إلى مسلسله الأول فى هذه القائمة «فرقة ناجى عطالله» والمتفرد فى قصته التى تدور حول ضابط مصرى يعمل ملحقاً إدارياً بالسفارة المصرية فى تل أبيب، ويتعرض لمشاكل بسبب مواقفه الرافضة لسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين والتى يعايشها، ويتم تجميد رصيده فى أحد بنوك إسرائيل فيقرر تكوين فريق خاص لسرقة اكبر بنك فى تل أبيب واستعادة أمواله واستخدامها فى أعمال خيرية، وهو مايعرضه هو وفريقه إلى مواقف صعبة متتالية استطاع الكاتب يوسف معاطى والمخرج رامى إمام تقديمها ببراعة تمزج بين الإثارة وكوميديا الموقف فى عمل أشار مبكراً إلى عنف الاحتلال الأسرائيلى ضد الفلسطينيين والعرب عامة.
هو.. واللعب مع الكبار
بدأ عادل إمام عمله فى السينما مبكراً فى نفس زمن عمله بالمسرح تقريباً، لكنه لم يصل للبطولة بسرعة بطولاته المسرحية، وإنما بدأها فى عقد السبعينيات مع فيلم «البحث عن فضيحة» عام 1973، وبعدها بدأت البطولات الجماعية أيضاً تتوالى قبل ان تعود البطولات الكاملة فى أفلام مثل «المحفظة معايا» و»البعض يذهب للمأذون مرتين» و»إحنا بتوع الأتوبيس» و»رجب فوق صفيح ساخن»، وفى الثمانينات توسعت قضايا الأفلام التى قدمها، وبينها أفلام مهمة لمخرجين جدد ومختلفين وقتها مثل محمد خان وفيلم «الحريف» ورأفت الميهى وفيلم «الافوكاتو» وكان من أهم أفلامه فى هذه المرحلة النمر والأنثي، وسلام يا صاحبي، وكراكون فى الشارع، وواحدة بواحدة، وحب فى الزنزانة، وافلام أخرى فى حقبة مميزة جداً، لتأتى بعدها مرحلة التسعينيات وأربعة عشر فيلماً قدم فيها أعمالاً لامست الكثير من المسكوت عنه من قضايا المرحلة، خاصة الإرهاب مثل «اللعب مع الكبار» و»الإرهاب والكباب»، وبعدها «الإرهابي» و»طيور الظلام» و»المنسي» وفى المرحلة التالية والأخيرة، قدم عادل إمام عشرة أفلام مهمة اهمها فى تقديرى «التجربة الدانماركية» و»عمارة يعقوبيان» و»بوبوس» و»زهايمر» وفيلمان طرحت السينما المصرية من خلالهما القضيتين المحوريتين، القضية الفلسطينية من خلال «السفارة فى العمارة» الذى يؤكد رفض الشعب المصرى التطبيع مع عدو يقتل الأطفال، وقضية التسامح ورفض التطرف من خلال فيلم «حسن ومرقص» ليثبت نجم التمثيل الكبير الملقب بالزعيم أنه دائماً مع القضايا العادلة لوطنه، وليصبح هذا الرصيد الجبار له من المسرحيات والأفلام والمسلسلات ثروة فنية وثقافية حقيقية لابد من الحفاظ عليها وكل سنة وهو طيب.