الرئيس: التعاون بين دول حوض النيل يتطلب تغليب روح التفاهم لتحقيق المصلحة المشتركة
رئيس رواندا: مصر شريك قوى والتعاون بين البلدين يحقق نتائج ملموسة

قال السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى إنه أجرى مع الرئيس «بول كاجامي» رئيس جمهورية رواندا الشقيقة مباحثات بناءة ومثمرة عكست تطابق الرؤى وصدق النوايا فى دفع علاقاتنا نحو آفاق أرحب لاسيما فى مجالات الصحة والتعليم وبناء القدرات، والنقل والتجارة والاستثمار، وإدارة الموارد المائية، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، والتشييد والبناء.
جاء ذلك فى كلمة الرئيس السيسى خلال مؤتمر صحفى مشترك عقده ضيف مصر الكبير لاستعراض نتائج المباحثات بين الجانبين، حيث أشار الرئيس فى المباحثات إلى سبل تعزيز نقل الخبرات المصرية وتقديم الدعم الفنى وتطوير الكفاءات الوطنية فى رواندا بما يخدم مصالح الشعبين ويلبى تطلعاتهما نحو التنمية والازدهار.
كما أكد الرئيس أنه تم خلال اللقاء العزم على الارتقاء بمستوى الشراكة بين البلدين التى تعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضى والعمل على زيادة حجم التبادل التجارى وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بما يسهم فى ترسيخ التعاون الاقتصادى بين مصر ورواندا، فى هذا السياق أشاد الرئيس بما حققته رواندا من إنجازات لافتة خلال سنوات قليلة تحولت خلالها رواندى إلى نموذج يحتذى به فى المصالحة الوطنية، وتوحيد الصف الداخلي، والانطلاق نحو بناء اقتصاد قوى ومستدام.
وقال الرئيس إنه فى إطار تعزيز التعاون القائم فقد شهد والرئيس كاجامى مراسم توقيع عدد من مذكرات التفاهم فى مجالات متعددة من بينها إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيص الأراضى لأغراض لوجستية واقتصادية وتجارية، والإسكان، وتعزيز وحماية الاستثمار.
كما أعرب الرئيس السيسى عن تقدير مصر للمواقف المتوازنة التى تتبناها رواندا تجاه العديد من الملفات الإقليمية التى تحظى باهتمام مشترك من البلدين مثمنا استمرار التشاور بين القاهرة وكيجالى ودورها الفاعل فى دعم الجهود الرامية لإيجاد حلول سلمية توافقية للأزمات التى تشهدها منطقة شرق إفريقيا، وحوض النيل، والبحيرات العظمي.
وأكد الرئيس حرص مصر على دعم جهود إحلال السلام، واستعادة الأمن والاستقرار فى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ومساندة المساعى التى يبذلها الوسطاء الأفارقة والدوليون والإقليميون وتشجيع الأطراف المعنية على الانخراط الجاد فى مسارات الحل السلمى بروح من المسئولية وحسن النية.
واستعرض الرئيس السيسى خلال المباحثات مع رئيس رواندا الدور المصرى المقترح لدعم تنفيذ اتفاق واشنطن لاسيما فيما يتعلق بإجراءات بناء الثقة، ومحاور تعزيز وبناء السلام وفى مقدمتها جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات انطلاقا من ريادة مصر لهذا الملف داخل الاتحاد الإفريقى واستنادا إلى الخبرات التى تتمتع بها مصر فى هذا المجال.
وأشار الرئيس الى أنه استمع باهتمام بالغ إلى رؤى وتقديرات الرئيس كاجامى بشأن مستقبل التسوية المستدامة فى منطقة البحيرات العظمى وتم الاتفاق على مواصلة التشاور والتنسيق وصولا إلى تحقيق السلام والاستقرار المنشودين.
وأضاف الرئيس إلى أنه تناول وكاجامى قضية مياه النيل، حيث أكد الرئيس أن هذه القضية تمثل مسألة وجودية لمصر وشعبها وأننــا لا نقبـــل المســــــاس بحقوقنــــــا المائية فى الوقت الذى نبدى فيه انفتاحا كاملا.على التعاون البناء مع أشقائنا فى دول الحوض من أجل إدارة هذا المورد الحيوي، بشكل يحقق التنمية المشتركة بعيدا عن منطق الهيمنة أو الإضرار بمصالح أى طرف.
كما أعرب الرئيس عن تطلعه لاستمرار الدور الرواندى الإيجابى فى تعزيز روح التفاهم والتعاون فى منطقة حوض النيل ومراعاة الشواغل المصرية فى هذا الملف المصيري.
وأشار الى تناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية من بينها الأوضاع فى منطقة القرن الإفريقى وتطورات الأزمة فى السودان الشقيق فضلا عن ملفات العمل الإفريقى المشترك، مشيرا الى انهما اتفقا على مواصلة التنسيق وتبادل الرؤى بين القاهرة وكيجالي.. بما يسهم فى دعم جهود التسوية وتحقيق الأمن والاستقرار فى القارة.
وأضاف الرئيس أن المباحثات تطرقت إلى تطورات القضية الفلسطينية، حيث أطلع الرئيس كاجامى على الجهود التى تبذلها مصر لوقف الحرب الجارية وزيادة المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن والأسري.
كما جدد الرئيس السيسى التأكيد على رفض مصر القاطع لأى محاولات لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أرضهم، وأنه لا بديل عن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولى لإطلاق عملية سياسية جادة تفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها «القدس الشرقية» مشددا على أهمية دعم السلطة الفلسطينية لتكون شريكا أساسيا فى أى عملية سياسية وفى جهود إعادة الإعمار، مشيرا الى ترحيبهما بنتائج مؤتمر «حل الدولتين».. الذى عقد فى «نيويورك»، واعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية بما يعزز حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
وجدد الرئيس ترحيبه بالرئيس كاجامى فى بلده الثانى «مصر»، معربا عن تطلعه لمواصلة العمل المشترك بينهما بما يحقق المصالح المتبادلة للشعبين ويسهم فى تعزيز وحدة القارة الإفريقية ودفع مسيرتها نحو التقدم والازدهار.
كان الرئيس قد استقبل أمس بقصر الاتحادية بول كاجامى رئيس جمهورية رواندا.
صرح السفير محمد الشناوى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن مراسم الاستقبال الرسمية عُقدت فور وصول الرئيس الرواندي، حيث عُزف السلامان الوطنيان لمصر ورواندا، أعقبها عقد لقاء مغلق بين الرئيسين، ثم جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدى البلدين.
وأشار المتحدث الرسمى إلى أن الرئيس استهلّ المقابلة بالترحيب بأخيه الرئيس «بول كاجامي»، مشيدًا بالعلاقات التاريخية الوطيدة بين مصر ورواندا، ومؤكدًا أهمية مواصلة العمل على تعزيز التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، لا سيّما فى القطاعات الاقتصادية والتجارية والطبية، مع التركيز على تعظيم فرص الاستثمار المشترك، خاصة فى مجالات الدواء والمستلزمات الطبية، والمنتجات الغذائية، والتشييد والبناء.
وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس أعرب عن حرص مصر على مواصلة دعم رواندا فى تحقيق تطلعاتها التنموية، واستعدادها لتعزيز التعاون فى مجال بناء القدرات، بما يسهم فى إنجاح رؤية رواندا للتنمية 2050. من جانبه، ثمّن الرئيس كاجامى التعاون القائم بين البلدين، مشيدًا بما يحققه من منفعة متبادلة للشعبين، ومؤكدًا تطلع رواندا إلى توسيع هذا التعاون المثمر مع مصر.
وذكر المتحدث الرسمى أن اللقاء تناول عددًا من القضايا الإقليمية والدولية، حيث تم بحث مستجدات الأوضاع فى منطقة البحيرات العظمي، حيث جدد السيد الرئيس موقف مصر الداعم لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة، ومواجهة التحديات التى تعيق التنمية والازدهار. كما ناقش الجانبان تطورات الأوضاع فى منطقة القرن الأفريقي، وسبل تعزيز السلم والأمن فى الإقليم. وفى ذات السياق، تبادل الرئيسان الرؤى حول سبل تعزيز التكامل بين دول حوض النيل، واتفقا على مواصلة التشاور والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة لكافة دول الحوض، مع التأكيد على احترام القانون الدولى فى إدارة الأنهار العابرة للحدود. وقد شدد السيد الرئيس فى هذا الخصوص على أن ملف المياه يمثل قضية وجودية لمصر، خاصة فى ظل الندرة المائية الشديدة التى تواجهها، مؤكداً على أن مصر لن تقبل المساس بحقوقها المائية، وأن التعاون فى منطقة حوض النيل يتطلب تغليب روح التعاون والتفاهم لتحقيق المصلحة المشتركة.
وذكر المتحدث الرسمى أن المباحثات تطرقت إلى التعاون داخل الاتحاد الأفريقي، حيث اتفق الرئيسان على مواصلة التنسيق وتبادل الرؤى بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأشاد الرئيس كاجامى بجهود الرئيس فى قيادة ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، فيما أعرب الرئيس عن تقديره لإسهامات الرئيس الرواندى فى دفع ملف الإصلاح المؤسسى داخل الاتحاد.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ناقش الجانبان تطورات الوضع فى أعقاب مؤتمر حل الدولتين فى نيويورك، وزيادة عدد الدول التى أعلنت اعترافها بدولة فلسطين. وقد أطلع السيد الرئيس نظيره الرواندى على جهود مصر لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية. كما شدد السيد الرئيس على رفض مصر القاطع لأى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، مؤكداً سيادته على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط ٤ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار فى المنطقة.
وأوضح المتحدث الرسمى أن الرئيسين شهدا، عقب انتهاء المباحثات، التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم فى مجالات إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيص الأراضى للأغراض اللوجستية والاقتصادية والتجارية، والإسكان، وتعزيز وحماية الاستثمار.
من جانبه أشاد الرئيس الرواندى بول كاجامى بمتانة العلاقات الثنائية التى تربط رواندا ومصر ، مؤكداً أن التعاون بين البلدين ينمو بشكل ثابت ، ويستند إلى أسس قوية تم ترسيخها خلال السنوات الماضية.
وقال الرئيس الرواندى ، خلال المؤتمر الصحفى إن الاتفاقيات التى جرى توقيعها مع الجانب المصرى تمثل امتداداً لنهج الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وكيجالى ، لافتاً إلى أن هذه الاتفاقيات تفتح آفاقاً جديدة فى مجالات الصحة والدواء والزراعة والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن البلدين يعملان معاً على إنشاء مركز جديد لرعاية القلب فى رواندا، وهو ما سيعزز بشكل كبير قدرات بلاده على علاج أمراض القلب، ليس فقط داخل رواندا، بل فى بلدان أخرى ، وأوضح أن هذا المشروع يعكس ثمرة العمل المشترك والدعم المتبادل.
وأعرب الرئيس الرواندى عن إمتنانه لمصر على دعمها المستمر ، خاصة فى مجال تدريب الكوادر الطبية ونقل الخبرات، مؤكداً أن بلاده تعتمد على مصر بشكل وثيق فى صناعة الدواء والحصول على اللقاحات.
وأضاف أن المزارعين الروانديين يعتبرون من أبرز المستفيدين من الشراكة مع مصر، معبراً عن تطلعه لمزيد من التعاون فى هذا القطاع الحيوي، إلى جانب استكشاف فرص جديدة فى التغذية والتكنولوجيا المتقدمة وإدارة البيانات ، مؤكدا أن التعاون مع مصر يعكس نموذجاً ناجحاً للتكامل الإفريقي، موجهاً الشكر للقاهرة على دعمها المستمر لشعب رواندا.
كما أكد الرئيس الرواندى أن التخصيص المتبادل للأراضى بين مصر ورواندا يمثل خطوة محورية تعزز قدرة البلدين على النفاذ إلى أسواق إقليمية أوسع.
وقال : «إن القارة الإفريقية تتمتع بثراء كبير فى الموارد الطبيعية، ولكن من الضرورى ، من أجل المستقبل ولأجل الأجيال القادمة ، أن ننتقل إلى تصنيع منتجات عالية القيمة من المواد الأولية المتوفرة لدينا».
وأشار إلى أهمية البناء على التعاون القائم حاليًا بين مصر ورواندا، معتمدًا على الفهم السياسى العميق والمتبادل للظروف التى تمر بها كلتا الدولتين، ليس فقط على مستوى القارة، بل على مستوى العالم.
وأضاف : «نطمح إلى وضع نظام عملى ومستدام للتنمية، يحقق الرفاهية لشعبينا .. لدينا الزخم الآن، وأنا واثق من أننا سنشهد نتائج ملموسة قريبًا».
وأعرب الرئيس كاجامى عن تطلعه إلى مواصلة العمل المشترك مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيدًا بحسن الضيافة وكرم حكومة وشعب مصر ، وأضاف : « نتطلع إلى تعزيز التعاون معكم عن كثب لمواجهة العديد من التحديات التى نواجهها».
وفى ختام كلمته، وجّه الرئيس الرواندى الدعوة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى لزيارة رواندا، مؤكدًا أن رواندا هى بلده الثاني.