نستكمل مقال الأسبوع الماضى الذى اختتمناه باعتراف أمريكا بنقل عاصمة إسرائيل إلى القدس فى 6 ديسمبر 2017.
وبعد أن تقدمت إسرائيل أكثر من مرة للحصول على عضوية الأمم المتحدة، وقد أقرت بقبولها قرار التقسيم ووجود دولة عربية بجوارها وقبول جميع قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها ومنظماتها، إلا انها قد أطاحت بكل هذا وعارضت جميع قرارات الأمم المتحدة بعد الاعتراف بها.. والآن وقد التزمت دول العالم الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة بمواثيق انشائها، وبالتالى بتنفيذ قراراتها، وإلا فلا مبرر من وجودها من الأساس، ولا داعى للالتزام بقرارات جمعيتها أو مجلس أمنها، إذ لم تنصف الشعب الفلسطيني.. والسؤال الذى تبادر للذهن مباشرة عقب إخفاء الجهات المعنية لرسم جرافيتى على أحد حوائط إحدى محاكم بريطانيا «قلعة الديمقراطية» بصندوق قمامة وتصدر من أمامه شرطيان يهددان من يقترب من المواطنين من هذا الرسم، والواقعة تبدأ عندما قضت محكمة بريطانية بحذف جدارية لفنان الشارع الشهير «بانكسي» التى عُرضت على جدار محكمة، فقد حُذفت جدارية «بانكسي» الأخيرة من السجلات، حيث أُزيلت لوحة رشّ مُنقوشة لمتظاهر مُستلقى على الأرض حاملاً لافتة ملطخة بالدماء، بينما يضربه قاضٍ يرتدى شعراً مستعاراً تقليدياً وثوباً أسود بمطرقة، من جدار مبنى المحاكم الملكية الشهيرة.
ما أشبه هذا الحكم بما حكم به دول الديمقراطية والحضارة على الشعب الفلسطينى المقاوم ضد الاحتلال، الذى لا يتظاهر ولا يطالب سوى من أجل تفعيل ما اتفق عليه العالم وأقرته جمعية الامم المتحدة ومجلسها الأمني، فلا اعتراف بدولة اسرائيل ما دامت لم تعترف بدولة فلسطين، طبقاً لقرار التقسيم «181»، ولا اعتراف بدولة إسرائيل ما دامت لم تنفذ القرار «194» وتعترض طريق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، ولا اعتراف بدولة اسرائيل ما دامت لم تنفذ قرار الاعتراف بها رقم «237» الذى أقرت فيه بعد إلحاح منها بالموافقة على الاعتراف بدولة فلسطين، فى مقابل اعتراف العالم بوجودها، ولا اعتراف بدولة اسرائيل التى لم تنفذ قرار «242» القاضى بانسحابها من الجولان، بل زادت عليها جبل الشيخ والقنيطرة، والقاضى بانسحابها من جنوب لبنان، بل زادت عليه احتلال التباب الخمس، والقاضى بانسحابها من الضفة الغربية وغزة والقدس، بل زادت ونفذت جرائم إبادة جماعية فى حق الفلسطينيين، ولا اعتراف بدولة اسرائيل ما دامت لن تنفذ قرار «452» القاضى بوقف بناء المستوطنات اليهودية على الأراضى العربية، ولا اعتراف بدولة اسرائيل ما دامت تعارض قرارى «256» و«271» ومادامت تدنس القدس الشريف فى مخالفة علنية لمواثيق وقرارات الامم المتحدة والقانون الدولي، ولا اعتراف بدولة اسرائيل مادامت دولة اثنية عقائدية قائمة على التمييز الديني، ولا اعتراف بدولة اسرائيل مادامت تمارس الارهاب والقتل والتعدى على حقوق الانسان وسيادة الدول وتعلن نواياها العدائية تجاه جيرانها العرب فى التوسع على حساب احتلال مزيد من الاراضى العربية، لا اعتراف بدولة ارهابية قائمة على خرافات لا تتفق مع العلم والمدنية والحضارة.