مع الاعتذار لموسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب لاستعارة عنوان المقال من رائعته الغنائية فى غير معانيها الرومانسية وموسيقاها العذبة.
ولكنه لو كان حياً بيننا يعيش ليل مدينة القاهرة الصعبة هذه الأيام وهى تضجر بالضوضاء المزعجة المدمرة للأعصاب ما يمنع سكانها من النوم.. لالتمس لنا العذر.. ولعله كان يلملم «كوتشينته» من «البلكونة» ويغلق الأبواب والشبابيك على صحبته.. فلم تعد القاهرة «الساحرة» فى زمانه تسمح بالهدوء والسمر.. بعدما تحول ليلها إلى مسرح موحش بلا رقيب ولا حسيب تمرح فيه الكلاب الضالة براحتها تطلق نباحها على مدار ساعات الليل.. يشاركها الصحبة الإخوة راكبو الموتوسيكلات من السادة «الطيارين الجدد» عمال «الدليفري» الذين سمحت وزارة التنمية المحلية لمحالهم ومطاعمهم وفقاً لقانون فتح وإغلاق المحال العمل على مدار الـ ٤٢ ساعة..!!
والحقيقة اننى فى دهشة كيف ارتضت بذلك محافظة القاهرة وأظن أن السادة المسئولين بها من سكانها الذين يبيتون الليل فيها ولا يغادرونها على الأقل فى نهاية الأسبوع مثل غيرهم فى الأقاليم والمحافظات الأخري.. وبالتأكيد فإنهم يعانون مثلنا من هذا الازعاج المستمر غير المبرر طوال الليل ما يمنعهم من النوم.. فلماذا لا يتحركون ويضعون حداً لتدهور الأوضاع الليلية فى عاصمة أصبح سكانها دوناً عن كل عواصم العالم لا يهنأون بساعات النوم بعدما غاب السكون ولم يعد الليل سباتاً والنهار معاشاً كما جاء فى آيات الذكر الحكيم..!!
>>>
وأتحدث عن مشكلة الكلاب الضالة التى تجول فى شوارعنا ليل نهار تهدد حياة الناس بالخطر وتصيب الصغار والكبار على السواء بالرعب خاصة فى المناطق النائية والمدن الجديدة حيث تسير جماعات متآلفة وتفرض سطوتها وتغلق جوانب الشوارع ونواصيها وتطارد السيارات والمارة الذين يفرون من أمامها ليصيروا قبل أن تعقرهم من زبائن مستشفى الكلب.. التى لا أدرى إن كانت مازالت تعمل مثلما على أيامنا صغاراً يتجرعون إحدى وعشرين حقنة فى البطن!
ولكن مع الفارق إبان صحوة زمن «البلدية» قبل المسميات الجديدة المستحدثة ما بين الإدارة المحلية أو التنمية المحلية أو المراكز التكنولوجية التى تتعامل مع المواطنين وتمنعهم من الشكوى مباشرة للمسئولين.. كان يشعر الناس أن هناك عملاً وحركة ومسئولية كاملة من المراكز والأحياء.. ولم نكن نشعر أننا فى حالة فوضى وإهمال وتسيب ما بين احتلال الباعة وأصحاب الورش والمقاهى للأرصفة.. وتحول الناس إلى عرض الشارع يعرضون حياتهم للخطر يشاركون السيارات المساحات الضيقة بعد احتلال السادة الأباطرة من «السياس» لمعظم الشارع وتحويله لجراج للانتظار صفوفاً ثانية وثالثة لا تسمح أيضاً للمارة بالسير من جانبها.
ناهيك عن الطوابق الأرضية فى العمارات وقد تحولت إلى أنشطة تجارية حتى فى الأحياء الراقية التى لم يكن مسموحاً بها فتح محال فى بعض شوارعها حفاظاً على الشكل الحضارى والمبانى التراثية والمظهر العام الذى كان وغيره الحدائق والأشجار ولم يكن يسرح به باعة الروبابكيا بالميكروفونات المزعجة.
>>>
الحديث يطول عن الفوضى فى شوارعنا وفيه من المرارة والأسف على عاصمة كنا نسمع أن شوارعها تغسل بالماء والصابون عبر «عربات الرش» ولا تترك القمامة متروكة أمام البيوت والنواصى مرتعاً للحيوانات الضالة.. وقد كانت هناك فرق مدربة من الأحياء تقوم بجمع الكلاب الضالة.
وأعتقد أن من الضرورة إعادة تفعيل قانون الإدارة المحلية بعد تطويره وإشراك الشباب المصرى الواعد بالمساهمة فى مثل هذه الخدمات العامةً.