الخوف من اليهود عقدة وعقيدة غربية.. خافوا منهم عندما كانوا مواطنين فى بلادهم ولم يهدأ لهم بال حتى طردوهم شر طردة وبلا رحمة أو أدنى شعور بالذنب.. تاريخ أوروبا القديم والحديث ينضح بالكثير من الحكايات عن طرد ومطاردة اليهود حتى التخلص منهم ومن شرورهم وفسادهم وإفسادهم.. حتى وجدوا مخرجا وملاذا فى أكذوبة الوطن القومى لليهود فى فلسطين.. واخترعوا ونسجوا أكاذيب وأساطير أرض الميعاد حتى يهاجروا فيها.. وكان هذا أصل وحقيقة الخوف الأول.
الخوف الغربى الثانى من اليهود الصهاينة جاء أكبر خطراً وأشد بأسا.. إذ جاء محملا باعباء لا قبل لهم بها.. فاذا كان اليهود فى المرحلة الأولى لموجات الطرد كانوا أكثر استسلاما وخضوعا وخنوعا وادعاء للمظلومية من الإبادة والطرد والحرق وما عرف بالهولوكوست وما صاحب ذلك من شعور غربى بضرورة التكفير عن الخطيئة مع التعويض للضحايا وما استتبع ذلك من مساندة وتأييد مطلق لكل أفعال اليهود لتمكينهم من احتلال واغتصاب أرض فلسطين وغض الطرف عن جرائمهم فى إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم من قراهم وبلداتهم واستبدالها بأخرى تحمل أسماء عبرية ويهودية امعانا فى التضليل وطمس الهوية وتسهيل الاستيلاء عليها وكذلك حملات التضليل وتزييف الوعى وغسل العقول الغربية واخذها بعيدا عن الحقائق التاريخية وفرض سياسة الأمر الواقع التى يجيدها ويلعب عليها الصهاينة بمساعدة ومباركة غربية.
الخوف الغربى الثانى من اليهود وهو الأخطر والاشد ألما ظهر بقوة مع الهجرة العكسية من إسرائيل إلى الدول الغربية عامة سواء كانت أرض المنشأ أو غيرها.. وذلك بفعل السياسات العنصرية الحمقاء وصدمة المهاجرين بحقيقة الدعاية الصهيونية عن الجنة وحلم أرض الميعاد والامتيازات.. وأن هناك شعباً فلسطينياً يعيش على الأرض من آلاف السنين ومطلوب من المهاجرين اقتلاعهم وأن يحلوا محلهم.. وللحقيقة بعضهم رضى بخوض المعركة وبعضهم لايزال يرفض حتى الآن.. فبدأت موجات الهجرة العكسية بصورة جادة من إسرائيل.
وإذا كانت الهجرة العكسية قد بدأت مع ارتفاع وتيرة الحروب على لبنان وفى فلسطين وغيرها فانها زادت حدة فى عهد الحكومة اليمينية المتطرفة التى يقودها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية.
صوت الهجرة العكسية كان أقوى مع طوفان الأقصى حينما بات أكثر من نصف سكان إسرائيل نازحين بعد أن فرضت الحرب فى غزة تهجير كل سكان بلدات غلاف غزة حتى الآن أى ما يقرب من عامين وكذلك الحرب مع حزب الله التى هجرت كل بلدات الشمال بفعل الضربات الصاروخية الموجعة من المقاومة.. وزادت العملية سوءا بحرب الاثنا عشر يوما مع إيران والتى كان الهروب الإسرائيلى برا وبحرا وجوا هو القاعدة حتى أن حكومة الكيان أغلقت المجال واجبرت المستوطنين على البقاء وفى الاثناء ازدهرت عمليات التهجير عبر القوار البحرية إلى قبرص واليونان وكانت تجارة رائجة وقت الحرب.
لم يكن الأمر مرحبا به من قبل حكومة الكيان ولا من قبل الحكومات الغربية ولا شعوبها أيضا.. فقد سجلت حالات ما يعرف بمعادة السامية وإظهار الكراهية لليهود نسبة كبيرة فى عدد من البلدان الأوروبية مع بداية موجات الهجرة واعتبر محلّلون سياسيون ازدياد مظاهر الكراهية لليهود فى بعض الدول الأوروبية وبين تعبيراتها رسم شارة «النازية» على منازلهم ومتاجرهم لإخافتهم ومنعهم من القدوم لأن المصير ذاته سيكون بانتظارهم وهو الأمر الذى استدعى صدور بيان عن مفوضية الإتحاد الأوروبى يُندّد بتزايد معاداة السامية فى أوروبا ويُحذّر من أن يهود أوروبا يعيشون مجدداً فى الخوف!
وأرجع البعض سبب مسارعة قادة الدول الأوروبية إلى زيارة دولة الإحتلال مع طوفان الأقصى للتضامن مع قادتها بأنه محاولة للحد من ظاهرة الهجرة العكسية من الكيان إلى أوروبا.
ترى الى أى مدى سيصل الخوف من اليهود فى أوروبا.. وهل يكون بداية شرارة زوال إسرائيل فى عقدها الثامن وتتحقق النبوءات على هذا الصعيد؟!
والله المستعان..