لا شك أن هناك فترات زمنية معينة فى التاريخ تتسارع فيها الأحداث، وفجأة يصبح النظام العالمى على حافة التغيير، وهذه الأوقات تشبه إلى حد كبير ما يمر به العالم حاليا، حيث يبدو من التصريحات والأحداث فى الأيام القليلة الماضية أن العالم مقبل على شىء ما يذكرنا بزمن الحروب العالمية، فالرئيس الأمريكى قام بتغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب، وفى فرنسا يتم تجهيز المستشفيات لاستقبال آلاف الجنود الجرحى، وعلى الجانب الآخر قامت الصين منذ أيام بعرض عسكرى مذهل أظهرت فيه أسلحة غير مسبوقة فى تاريخ العالم، وبثت الرعب فى قلوب أمريكا ودول أوروبا.
وبنظرة سريعة نجد أن الإنفاق العسكرى الأوروبى وصل لأرقام غير مسبوقة، حيث أنفقت دول الاتحاد الأوروبى فى عام 2024 أكثر من 343 مليار يورو على الصناعات العسكرية، ومن المتوقع ان يصل هذا الرقم الى 381مليار يورو بنهاية عام 2025 بما يمثل حوالى 2.5 ٪ من الناتج المحلى الأوروبى بالكامل!! وعلى سبيل المثال فإن أكبر دولة تنفق إنفاق غير مسبوق على تطوير صناعتها الدفاعية وبناء جيشها هى ألمانيا!! وأصبحت أكبر منفق عسكرى فى أوروبا الغربية بحجم إنفاق وصل الى 88،5 مليار دولار، وهو رقم مخيف يؤكد ان هناك خطراً كبيراً قادماً ويستعدون له.
وفى المقابل روسيا تعيش بعقلية واقتصاد الحرب، ووصل الإنفاق العسكرى 149 مليار دولار فى 2024، بما يمثل حوالى 7.1 ٪ من الناتج المحلى الروسى،وكذلك الصين التى يبدو أنها تحضر لشىء ما أخطر مما يتصور الكثير وبعد تسريب تقارير تشير إلى أن الصين تنوى غزو جزيرة تايوان وضمها للأراضى الصينية بالكامل فى 2027، وجزيرة تايوان حرفيًا تعتبرعصب صناعة شبه الموصلات فى العالم، وتمتلك أكبر قدرات تكنولوجية فى صناعة الشرائح الإلكترونية، ولديها شركة TSMC، التى هى أهم شركة فى هذه الصناعة عالميًا، وتعتمد عليها كل شركات أوروبا والغرب!! وفى حالة ضم الصين لهذه الجزيرة يعنى نهاية التفوق الغربى والأمريكى للأبد، والذى ينتقل للصين خاصة مع قدراتها الصناعية الهائلة واقتصادها الضخم.
وفى نفس الوقت فإن دولة 30 يونيو التى تمر بأصعب فترات فى تاريخها ليست بعيدة عن هذا المشهد ويظهر ذلك جليا فى التصريحات الخطيرة التى صرح بها د. ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الخميس الماضى قائلا:»إن مصرلا تحب الحرب لكنها جاهزة لها» وإن «المسافة بين العريش وتل أبيب هى 100كيلومتر فقط»، و«أن ما حدث فى حرب أكتوبر كان نزهة، والآن الأسلحة تطورت والمسافات قصرت» و«إن إسرائيل تعرف إن الجيش المصرى هو الجيش الوحيد القادر على خوض حرب نظامية كبرى» وفى تصورى أن هذه التصريحات هى رسالة للكيان الإسرائيلى إنه فى حالة استمرار التصعيد الإسرائيلى، فإن المواجهة مع مصر ليست بعيدة، ولأول مرة منذ 50 عاما تقريبًا يتحول الكلام على المستوى الرسمى إلى تصريحات باحتمالية صراع مباشر.
هذه الأحداث وغيرها تضعنا أمام عدة سيناريوهات أولها حرب أوروبية ضخمة مع روسيا، وقد تتدخل فيها أمريكا وتصبح حرب إقليمية على مستوى أوروبا كلها، وسيناريو آخر يتمثل فى غزو الصين لتايوان وتتدخل أمريكا والناتو وتشتعل الحرب فى بحر الصين الجنوبى، وأيضا سيناريو اشتعال الصراع بين ايران والكيان الأسرائيلى، أو مواجهة مصرية إسرائيلية مباشرة بسبب التهجير واشتعال منطقة الشرق الأوسط كلها بطريقة يصعب السيطرة عليها وهو ما حذرت منه مصر فى كل المناسبات.. ولكن يبقى السؤال الحائر أى السناريوهات أقرب للحدوث؟ أم أن هناك من يستطيع وقف هذه التصعيدات قبل أن تحرق النار الجميع؟
كلمة فاصلة :
ببساطة..العالم حاليًا يعود إلى الخلف فى معسكرين متقابلين «شرق وغرب» والاحتمال المرجح أن كل الصراعات الحالية سوف تتجه نحو الانفجار، والسبب الرئيسى فى ذلك هو وجود ترامب ونتنياهو بعقيدتهم الحالية القائمة على التصعيد!!.. حفظ الله مصر وأهلها.