من المهم إعادة دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة فى التربية الصحيحة بالمفهوم الشامل.. سواء دينياً وسلوكياً وأخلاقياً وإنسانياً ويجب اعتبارها مؤسسات بناء الإنسان وشخصيته من خلال رؤية واضحة وجادة وترتكز على المتابعة والنتائج الواقعية وقياس التأثير وتحقيق النجاح أولا بأول بحيث تلعب كل مؤسسة دورها بالشكل المطلوب والذى يتناسب مع الفئة العمرية من هنا تبرز أهمية إعداد وتأهيل وتدريب الأسر خاصة المقبلين على الزواج أو فى السنوات الأولى من الزواج على كيفية ورؤية التربية الصحيحة.. وكيفية بناء شخصية الطفل.. وبناء سلوكياته وتقويمها وفق أساليب علمية.. تناسب أعمار الأبناء ومن المهم أيضاً إعداد المدرسة والجامعة لتقوم بالدور المطلوب ولا تكون مجرد مكان لتحصيل العلم.. ولكن البناء الشامل بشخصية التلاميذ والطلاب وفى النهاية فتحصل على إنسان سليم علمياً وتربوياً وأخلاقياً وتوعوياً.
الحقيقة ان المؤسسات الدينية خلال السنوات الماضية قامت بدور مهم وحيوى للغاية فى القضاء على التطرف والتشدد والمغالاة وتطهير المنابر من أئمة التعصب وأنصاف المتدينين وأيضاً أنهت عقوداً من فوضى الفتاوى الدينية التى أحدثت جدلاً وقتياً وبالتالى نجحت مصر فى استئصال شأفة الإرهاب.. والحقيقة أيضا وبكل موضوعية ان هناك محاولات جادة فى تربية النشء والأطفال والصغار من خلال حلقات تحفيظ القرآن والأنشطة الدينية فى الصيف.. وكذلك الاهتمام بإعداد وتدريب وتأهيل المرأة على الوعظ والدعوة والإرشاد والحديث بعلم فى أمور الدين.. هذه نجاحات لا يمكن انكارها على الاطلاق.. لكن تنقصها نقطة مهمة للغاية وهى ان تكون رؤية شاملة وعامة وليست قاصرة على القاهرة والمدن الكبرى أو المساجد المعروفة.. لذلك لابد ان تكون أسلوب حياة ومنهجاً يعم كافة المحافظات والمراكز والقري.. لذلك أجد ان دور المؤسسات الدينية لا يقتصر فقط على تجديد الخطاب الدينى فى نقاط محددة مثل مكافحة التطرف وإنما لابد ان يمتد وفق رؤية على بناء السلوك القويم.. وبناء الضمير الحى والأخلاق الرفيعة التى تتسق مع مقاصد الدين.. وبالتالى نحن أمام مجموعة من المتطلبات التى أراها مهمة وضرورية كالتالي:-
أولاً: تحديد دقيق لأهم متطلبات تجديد الخطاب الدينى لمواجهة آفات مجتمعية طرأت بسبب التطور الهائل فى التكنولوجيا والانفتاح الثقافى بل الغزو الثقافي.. وتراكمات العقود الماضية من اهمال دور المؤسسات الدينية فى التركيز على مكافحة الظواهر السلبية فى المجتمع مثل الأمانة والضمير والإنسانية وقبول الرأى والرأى الآخر.. ولغة الحوار بدلاً من لغة الصدام والأخلاق الحميدة وانكار الذات والرحمة ومحاربة الاحتكار والجشع واظهار الحلال والحرام.. وعواقب الفساد والتعدى على المال الحرام والسرقة وحسن الجوار وقد أعجبنى (خطيب الجمعة) فى الأسبوع الماضى عندما تناول فى خطبته موضوع الأمانة وكيف نربى فى أبنائنا هذه الفضيلة.. ولذلك من المهم تحديد التحديات التى تواجه المجتمع والتركيز على وضع العلاج.
ثانياً: إعداد وتأهيل الأئمة والخطباء على الإلمام بهذه الموضوعات المهمة أو التحديات والآفات المجتمعية.. ربما تجدر أهمية تشكيل مكتب فنى يضم علماء الدين وخبراء اجتماع وعلوم نفسية وسلوكية وإعلام وخبراء فى الخطابة وكيفية التأثير فى الناس بأساليب أكثر جذباً وتشويقاً بدلاً من الرتابة والعنف والتقليدية التى تفقد القضية التى يتحدث فيها الإمام أهميتها.. وتنال من الرسالة المهمة.. لذلك تكون مهمة هذا المكتب تحديد الموضوعات والقضايا والتحديات المجتمعية الملحة والمهمة وتدريب الأئمة والخطباء عليها ولدينا أكاديمية الأوقاف يمكن الاستفادة منها فى التأهيل والتدريب وعقد الاجتماعات والمحاضرات.
ثالثاً: إعادة النظر فى مادة الدين أو الأخلاق لتكون مادة أساسية تنال الاهتمام والتركيز وفق مناهج مدروسة وتحديد الأهداف المطلوبة.
رابعاً: لابد ان يشمل هذا المشروع جميع قرى «حياة كريمة» وعددها 4584 قرية بالإضافة إلى المناطق الحضرية بدائل المناطق العشوائية والتوسع فى بناء مرحلة رياض الأطفال كبديل (للكتاتيب) التى كانت فى الماضى من أجل التربية الدينية والأخلاقية والسلوكية الصحيحة.
خامساً: الاهتمام بالجانب العملى والممارسة الواقعية مثل مشاركة الصغار والشباب فى مبادرات اجتماعية فيها تكافل أو اشراكهم فى عمل مسرحيات تحوى رسائل دينية وسلوكية وأخلاقية أو تقديمهم مساعدات ومعونات وهدايا لدور الأيتام وذوى الاحتياجات لابد من غرس الرحمة والإنسانية والعطاء والاحساس بالآخرين فى الأبناء منذ الصغر.
وللحديث بقية