هل يعيش العالم فى الوقت الراهن «شريعة الغاب» حقاً، وبالتالى يلتهم القوى الضعيف الذى لا حول له ولا قوة، خاصة ونحن على عتبات القرن الثانى والعشرين، والمفترض أن تكون البشرية قد وصلت لدرجة من الرقى يجعلها تحترم الإنسان والحيوان معاً؟!.. وتلك شعارات أطلقتها بعض الدول التى تدعى المدنية وكذا المنظمات الدولية، فى حين أن الواقع يجافى ذلك تماماً، خاصة أن هناك تفرقة واضحة فى التعامل بين الدول، حتى أنه لما وضعت الحرب العالمية أوزارها تراضت الدول على إقامة منظمة دولية تكون حكماً فيما بينها وأنشئت عصبة الأمم التى ما لبثت أن فشلت فى تحقيق الهدف من إنشائها مع اندلاع الأعمال القتالية للحرب العالمية الثانية خلال الفترة من 1939 حتى عام 1945.
وعلى أنقاض عصبة الأمم تم إنشاء الأمم المتحدة بأجهزتها المتعددة ومنها «مجلس الأمن» الجهاز الفاعل للمنظمة الدولية استحدث ما يسمى بحق النقض «الفيتو» لقراراته لدول بعينها، بل وأعطيت هذه الدول «فرنسا، بريطانيا، الصين، روسيا، الولايات المتحدة» حق العضوية الدائمة بالمجلس.
هنا بيت القصيد، فإن هذا «الفيتو» ما هو إلا سُبّة فى جبين النظام العالمي، الذى يدعى زوراً وبهتاناً أنه نصير حقوق الإنسان فى كل مناحى الكرة الأرضية، فى حين أن الواقع المعاش عكس ذلك تماماً.. إذ ما يجرى فى غزة والضفة الغربية نموذج صارخ على انتهاك حقوق الإنسان برعاية أمريكية وآلة حرب مجرمة صهيونية.. فكم من قرار إدانة للأعمال العدائية الإسرائيلية كان معداً فى مجلس الأمن، وإذا بالفيتو الأمريكى جاهز لمنع صدور قرارات الإدانة، خاصة إذا كان موجهاً إلى الربيبة «إسرائيل».. ولكن حين تكون قرارات الإدانة إلى دولة عربية أو إسلامية، ففى أسرع وقت الإجماع الدولى وتكون الإدانة جاهزة، ثم بعد ذلك يصل الأمر إلى التدخل بالقوة لمنع هذا الخطر الذى تمثله تلك الدولة العربية المتوحشة، ولنتذكر معاً ما جرى فى العراق وكيف كان مجلس الأمن أداة مطيعة فى يد الأمريكان ومن يدور فى فلك الغرب.. وبالفعل تم تجييش القوات متعددة الجنسيات، وأيام قلائل وكان الطيران والقوات البرية والبحرية يصولون ويجولون فى أراضى العراق الجريح.. كذا الحال فى أفغانستان، كان المجلس العالمى «الملاكي» فى انتظار إشارة البدء من السادة كبار أصحاب الخطوة أقصد أصحاب «الفيتو» ليكون الاجتماع الدولى المجافى للحقيقة، ويتم احتلال أرض الأفغان، رغم أن كلا البلدين «العراق وأفغانستان» ثبت فيما بعد كذب الادعاءات والمبررات التى سيقت وقتها لأجل شن الحرب عليهما، فلا العراق كان يخفى أسلحة دمار شامل، ولا أفغانستان قامت بضرب برجى التجارة العالمى فى نيويورك.. ولكن ماذا نقول فى ازدواجية معايير النظام العالمى الذى يكيل بعدة مكاييل وليس مكيالاً واحداً.. حدّث فى ذلك ولا حرج عن الصراعات المنتشرة فى أرض البسيطة، التى يتم التعامل معها وفقاً للأهواء والرغبات.. وهكذا تسير الأمم المتحدة، خاصة جهازها الفاعل «مجلس الأمن» فى طريق سلفها «عصبة الأمم».. ونخشى ما نخشاه، أن تنفجر الأوضاع الدولية وتكون الحرب العالمية الثالثة، التى لن تبقى ولن تذر.









