بين الهروب من طلقات النار والقصف والبحث عن الملاذ الآمن يواصل النازحون من رفح الفلسطينية رحلتهم الشاقة مع المجهول مكتوفى الأيدى وفاقدين الأمل حاملين أطفالهم المتعبين وأمتعتهم البالية منهكين من طول رحلة النزوح التى بدأوها من شمال قطاع غزة فى بداية العدوان الإسرائيلى والمستمرة حتى الآن إلى أجل غير مسمى ومصير غير آمن أو معروف.
كانت مدينة رفح آخر ملاذ يحتمى به الفلسطينيون بعد موجات عدة من النزوح القسرى بدأت من شمال القطاع فى أكتوبر الماضى وتكررت لأكثر من خمس أو ست مرات ويبدو أنها لن تنتهى قريبا حيث أمرت إسرائيل المدنيين أمس بإخلاء النصف الشرقى من رفح الفلسطينية والبحث عن مأوى خارج المدينة.
فرغم آمال الفلسطينيين أن تكون رفح المحطة الأخيرة للنزوح لحين انتهاء الحرب وعودتهم إلى أماكنهم ورغم تحملهم اكتظاظ أكثر من مليون مواطن فى مكان واحد وسط ظروف معيشية غير إنسانية يعتصرهم الفقر والمرض والجوع ويبدو أن قدر الفلسطينيين أن يعيشوا طويلا فى كنف الخوف والقلق فلم يسلم هذا الملاذ أيضا من وحشية الاحتلال حيث ينفذ حاليا أكبر عملياته العسكرية لقصف رفح الفلسطينية بحجة ملاحقة عناصر حماس وتدمير البنى التحتية لها والتى تحت مسماها دمر معظم قطاع غزة ولم يكتف.
من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن الوضع فى رفح الفلسطينية وصل إلى الهاوية، مشيرا إلى أنه يعمل مع الأطراف كافة؛ لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
شدد جوتيريش – خلال مؤتمر صحفى على ضرورة حماية الأشخاص الضعفاء غير القادرين على النزوح من منطقة إلى أخرى بسبب الاقتتال، وإعطائهم الملاجئ بما فى ذلك النساء الحوامل والمصابون والمرضى وغيرهم من الأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة والمسنين، مؤكدا أن القانون الانسانى الدولى ضرورة فى هذه الحالة ويجب أن يتم احترامه من قبل الأطراف كافة.
دعا جوتيريش إلى ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة والإفراج الفورى وغير المشروط عن كل «الرهائن» وزيادة المساعدات المنقذة للأرواح.
قال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» جورجيوس بتروبولوس – خلال المؤتمر الصحفى الدورى للأمم المتحدة، فى جنيف – إن «نحو 30 ألف شخص ينزحون شمالا من المدينة كل يوم»، موضحاً أن «معظم هؤلاء الأشخاص اضطروا إلى النزوح خمس أو ست مرات منذ بداية الحرب على قطاع غزة» .
أكد بتروبولوس أنه بدون إمدادات فى الأيام المقبلة، من المتوقع أن يفتقر عدد كبير من المرافق الصحية إلى الوقود اللازم لمواصلة العمل، مشددا على أن الوضع بلغ «مستويات طوارئ غير مسبوقة» .
بدوره، شدد كبير منسقى الطوارئ فى منظمة اليونيسف فى قطاع غزة هاميش يونج على ضرورة «عدم غزو» رفح، ودعا إلى «التدفق الفورى للوقود والمساعدات إلى القطاع» .
قال متحدثا من رفح «لقد فر أكثر من 100 ألف شخص من رفح خلال الأيام الخمسة الماضية وما زال النزوح مستمرا والملاجئ تتزايد على الكثبان الرملية فى المواصي، وأصبح من الصعب الآن التنقل بين كتلة الخيام والقماش المشمع» .
أكدت إيناس حمدان مديرة الإعلام فى وكالة الأونروا فى غزة، أن الأوضاع فى غزة مأساوية وفى رفح تحديدا الأوضاع أكثر من كارثية.
أضافت أن الغارات والقصف والضربات الجوية الإسرائيلية مستمرة على رفح بالتالى لا يوجد مكان ولا شخص آمن فى قطاع غزة ، لافتة إلى أن النازحين يلجئون إلى أماكن يظنون أنها أمنة لحمايتهم من عمليات القصف لكن لا يوجد مكان أمن وهذا ما يفاقم الأوضاع المعيشية الكارثية.
أشارت إلى أن المعابر لا تزال مغلقة بالتالى المخزون الذى لدينا أوشك على النفاذ ، والمساعدات الإنسانية الإغاثية التى نعتمد عليها للسكان بشكل كامل مؤخرا قاربت على الانتهاء ، مشددا على أن الأونروا لم تتسلم أى مساعدات من معبرى رفح وكرم أبو سالم منذ بدء التوغل البرى شرقى رفح لذلك فالأوضاع مرشحة للتدهور بشكل أكبر وينذر بكارثة إنسانية كبيرة.
أكدت أن الأونروا أنها تعمل فى ظروف صعبة ومليئة بالتحديات ومحفوفة بالمخاطر منذ بدء هذه الحرب ، فهناك 161 منشأة من منشآت الأونروا على الأقل تضررت بشكل كامل وجزئى منها مدارس ومراكز صحية ومراكز إيواء بالإضافة الى مقتل 188 من موظفى الوكالة الذين كانوا يؤدون الخدمات الإنسانية وهو عدد كبير لم نشهد مثله فى الصراعات مؤخرا.