احتفل العالم الإسلامى بذكرى ميلاد الشيخ محمد رفعت الذى وافق يوم الاثنين 9 مايو عام 1882م بحى المغربلين.. فقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، وقد بدأ حفظ القرآن فى سن الخامسة، بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، حيث أكمل حفظ القرآن على يد الشيخ محمد حميدة، وعندما وصل الحادية عشرة من عمره شعر الشيخ حميدة أن تلميذه محمد رفعت به شيء مختلف لم يستطع تفسيره، لذا قام بترشيحه لإحياء الليالى فى الأماكن المجاورة القريبة، ثم درس علم القراءات والتجويد على الشيخ عبدالفتاح هنيدى صاحب أعلى سند فى وقته ونال اجازته، توفى والده محمود رفعت مأمور قسم الجمالية وهو فى سن التاسعة، فوجد نفسه يتيما مسئولاً عن والدته وخالته وأخته وأخيه «محرم» مما أعجزه عن دخول الأزهر الشريف، واتجه لإحياء الليالى القرآنية بالقاهرة والأقاليم.
وبعدما ذاع صيته فى حى السيدة زينب تولى القراءة بمسجد فاضل باشا عام 1918م حيث عين قارئا للسورة وهو فى سن الخامسة عشرة، واستمر يقرأ فى المسجد حتى اعتزاله من باب الوفاء للمسجد الذى شهد ميلاده فى عالم القراءة منذ الصغر
وبعدما تم إنشاء الإذاعة المصرية عام 1934م، اتفق الجميع أن أول صوت يسمعه الناس هو تلاوة القرآن من الشيخ رفعت، لكن تخوف الشيخ رفعت أن يكون ما سيفعله مخالفا لصحيحى الدين، فذهب إلى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى يستفتيه عن جواز إذاعة القرآن الكريم، فأفتى له بجواز، ذلك فافتتحها بآية (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية- بى بى سي- العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، استفتى الإمام محمد مصطفى المراغى فشرح له الأمر وأخبره أنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم، وذاع صوته فى كل مكان درجة أن العامة كانوا يجلسون حول الراديو فى المقاهى والمنازل والنوداى لسماع القرآن الكريم بصوت الشيخ رفعت، وأطلقوا عليه «مقرئ الشعب»، وحينما طلبت دول عربية وإسلامية حضوره إليها، رفض ترك مصر، وبعدما اضطهده مستشار الحكومة الإنجليزية بالإذاعة اضطر لترك العمل بالإذاعة فاشتعل غضب الشعب المصرى حينها، وصدر قرار من الملك فاروق بعودته، ليذاع صوته ثلاث مرات يوميا، وكانت إذاعات لندن وبرلين وباريس تذيع تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية، لتشد المستمعين فى العالم الإسلامى إلى برامجها ونشراتها الإخبارية، حتى ذاع صيته فى جميع أنحاء العالم، وتميز بالزهد والتصوف يميل للناس الفقراء البسطاء أكثر من مخالطة الأغنياء فقد أحيا يوماً مناسبة لجارته الفقيرة مفضلاً إياها على الذهاب لإحياء الذكرى السنوية لوفاة الملك فؤاد والد الملك فاروق.
أصابت حنجرة الشيخ رفعت عام 1943م زغطة تقطع عليه تلاوته، فتوقف عن القراءة، وقد سبب الزغطة ورمٌ فى حنجرته يُعتقد أنه سرطان الحنجرة، صرف عليه ما يملك حتى افتقر لكنه لم يمد يده إلى أحد، حتى أنه اعتذر عن قبول المبلغ الذى جمع فى اكتتاب (بحدود خمسين ألف جنيه) لعلاجه على رغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج، وكان جوابه كلمته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان»، فارق الحياة فى 9 مايو عام 1950م وكان حلمه أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة، وصادف أن يوم ميلاده هو يوم وفاته.