اقترح المفكر الإسلامى الدكتور محمد سالم أبو عاصى أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة وضع تشريعات قانونية لها صفة الإلزام المقرون بعقوبات مضمونها ضرورة تقديم من يرغب فى الزواج بامرأة ثانية ما يفيد قدرته فى الإنفاق على زوجتين أو أكثر دون خلل فى الإنفاق على إحداهما، وأن تكون هناك أوراق لها صفة الرسمية منعا للتحايل، موضحا فى حواره مع «الجمهورية» أن الجهات القانونية هى بمثابة ولى الأمر الذى يقوم بتنظيم حياة الناس بما يحقق مصالحهم فى دينهم ودنياهم، فالزواج ليس مجرد تفريغ شهوة أو قضاء متعة، وبعد ذلك يفاجأ المجتمع برجل يهرب من مسئوليته إلى مكان مجهول تاركا زوجة وأولادا لا يجدون قوت يومهم، فتنحصر البدائل السهلة أمامهم فى التسول أو الإجرام، وتتحمل الدولة مكافحة اجرامهم والإنفاق عليهم، وتعليمهم وعلاجهم ومواصلاتهم وإعداد مساكن ومرافق لهم، فهذا تكليف للدولة ما لا تطيق، وإن كانت حجج هؤلاء واهية بزعمهم الحرص على إعفاف المطلقات والأرامل والعوانس، فتعدد الزوجات بمثابة رخصة من الرخص، والرخصة يجب تقديرها بقدرها، وعدم التوسع فيها إلا بمعايير محددة حتى لا تأتى بنتائج عكسية، وحتى إذا كان الرجل قادراً صحياً ومادياً على الزواج بأكثر من امرأة فإن التعدد ليس مطلقا، بل يحتاج إلى سبب مقبول، وعذر يستعصى معه استمرار الحياة، فالإسلام دين راقٍ لا ينظر للمرأة بأنها سلعة يمكن شراؤها لمن ملك سعرها، لذا أباح الفقهاء للمرأة أن تشترط فى عقد زواجها عدم الزواج عليها دون إذنها.
> أثير لغط مؤخر مضمونه عدم وجود دلائل أثرية تاريخية تفيد أن نبى الله موسى وبنى إسرائيل كانوا فى مصر؟
>> هذا كلام غير صحيح لأن القرآن الكريم أصدق من أى برديات أو كلام يقال، والأدلة متعددة على وجود يوسف فى السورة المسماة باسم نبى الله يوسف، وكذلك وجود موسى وهناك أحاديث نبوية تدل على وجود أنبياء كثر جاءوا إلى مصر منهم من وُلد بها، ومنهم من أتى إليها مهاجرا، ومنهم من تزوج منها، ومنهم من مَرَّ بها، وهم كثيرون فموسى عليه السلام وأخوه هارون، وإدريس ونوح وإبراهيم الذى وُلِد بفلسطين وجاء إلى مصر، وتزوج بالسيدة هاجر، وحينما جاء مصر استقبله الملك امنمحات الأول، وأهداه السيدة هاجر، ويوشع بن نون، وذى الكفيل، ويعقوب والأسباط، فهل ننكر الثابت القطعى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأجل أن علماء الآثار لم يكتشفوا الدلائل التاريخية التى تؤكد حسب زعمهم كلام الله تعالي، إن هذا خطأ منهجى فى القياس العلمى ممن يصفون أنفسهم بعلماء الآثار، لأن التسليم بكلامهم معناه هدم ثوابت الدين.
> هناك بعض التفاسير المغلوطة والآراء المشبوهة فهل يوجد مشروع علمى لتنقية كتب التفسير؟
>> تقوم أقسام التفسير والحديث بكلية أصول الدين منذ سنوات بإعداد مشروعات علمية مهمتها فرز الإسرائيليات والأحاديث المكذوبة الضعيفة والمدسوسة فى كتب التفسير، وإظهار الدخيل، وقد أنجزنا فى هذا الأمر إنجازا كبيرا ونحن نسير على الطريق حتى النهاية وهذه مشروعات علمية تستلزم تفريغ الطاقة ووجود دعم مادى حتى يمكن تحفيز الباحثين للانتهاء من ذلك المشروع الذى يمثل أحد أبعاد الأمن الفكرى لدول العالم الإسلامي.
> هل توجد تفاسير تعمل على نشر الإرهاب حاليا؟
>> لا شك أن هناك بعض الآراء فى بعض كتب التفسير توحى بذلك من خلال تأويلات مغلوطة تقوم على المتشابهات دون إدراك لأبعاد النصوص ومقاصدها، وقد ابتلينا بأنصاف المتعلمين الذين اتخذوا منابر السوشيال ميديا وسيلة لإدخال الناس «التيه» الفكرى من خلال تأويلات باطلة وإثارة شبهات مدعومة بفكر شيطانى وأجندات خارجية هدفها إثارة اللغط خول الثابت من القرآن والسنة، لذلك فإننا بحاجة إلى تفسير يحقق مصالح الناس الدنيوية والأخروية.
> هل الخطاب الدينى حقق النتيجة المرجوة منه؟
>> الخطاب الدينى لم يحقق النتيجة المرجوة منه حتى الآن على الوجه الأكمل، فما زالت هناك خطابات تكفيرية وخطابات متشددة بعيدة عن وسطية الإسلام، فنحن فى حاجة شديدة إلى تجديد الخطاب الديني، وتنقية ما علق به من خرافات وخزعبلات وأقوال وآراء لا تتفق وصحيح الإسلام.
> هل المؤسسة الدينية حققت أهدافها فى الوصول إلى شريحة الشباب؟
>> بالتحديد على الوجه الأكمل لم تحقق، لكنها حققت بعض الشيء، وهى ومازالت بحاجة إلى لغة جديدة وعقل جديد كيف يحاور وكيف يقنع خصوصا مع انتشار موجة الإلحاد والانحلال الأخلاقى فى كثير من البلاد خاصة فى الفترة الأخيرة
> ما سر زيادة الدعوة إلى الإلحاد عالمياً الآن ؟
>> السر فى مواقع التواصل الاجتماعى التى جعلت العالم عبارة عن قرية واحدة، حيث انفتح الشباب على فلسفات غربية وإلحادية، ولم يجدوا من يقنعهم ويقف بجانبهم لإبطال هذه الفلسفات، وأنا لست مع الرأى الذى يعود بالإلحاد إلى الأمراض النفسية فقط، فقد يكون المرض النفسى جزء من القضية لكن القضية كلها لا تتمثل فى هذا فقط.
>كيف ترى قرار الحكومة حول إحياء مزارات آل البيت؟
>> المصريون من قديم الزمان مرتبطون بآل بيت سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن اهتمام الدولة بأماكن آل البيت ومساجدهم وشوارعهم حتى يسهل على المحب الوصول إلى مساجدهم أمر مشروع شرعاً وعرفا، حيث اعتاد المصريون على حبهم وتوقيرهم حبا فى سيد الخلق سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وفى آل بيته الكرام رضى الله عنهم وإرضاهم.