بدأت مصر تنفيذ فعاليات التدريب المصرى الأمريكى المشترك «النجم الساطع 2025» والذى تحتضنه قاعدة محمد نجيب العسكرية، ويُنظر إليه باعتباره أكبر التدريبات العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط ، بمشاركة 43 دولة، منها 13 دولة بصفة مشارك بأكثر من 7900 مقاتل، و30 دولة بصفة مراقب ويستمر حتى 10 سبتمبر الحالي.
بدورها، اعتبرت القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم»، أن «مناورات النجم الساطع تمثل امتدادا للعلاقة الأمنية الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وهى شراكة تاريخية تلعب دورا رائدا فى مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن الإقليمي، والجهود الرامية إلى مواجهة انتشار التطرف العنيف».
ووفقا للخبراء والمحللين الإستراتيجيين والعسكريين ، فإن مناورات النجم الساطع تسهم فى إكساب القوات المسلحة المصرية خبرات قتالية متطورة من خلال الاطلاع على أحدث منظومات التسليح والتكتيكات الغربية، كما يعزز التعاون الإستراتيجى المصرى – الأمريكى ويؤكد مكانة مصر كشريك إستراتيجى موثوق وقوة إقليمية محورية.
والمناورات تمثل تجسيدًا عمليًا لإستراتيجية الردع التى تقوم على مبدأ «إذا أردت أن تمنع الحرب، فاستعد لها» حيث تقوم إستراتيجية الردع على ثلاثة مرتكزات رئيسية، أولها امتلاك أسلحة أكثر تطورا وقوة مما يمتلكه العدو، وثانيها رفع كفاءة القوات المسلحة عبر تدريبات مستمرة ومتقدمة، وثالثها إظهار هذه القوة للعالم عبر استعراضات ومناورات عسكرية مشتركة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ترى فيه المؤسسة العسكرية الأمريكية مصر بمثابة «حجر أساس فى المنطقة»، ولا يمكن تجاهل دورها فى أى معادلة تخص الشرق الأوسط، فمنذ توقيع اتفاقية السلام، تحرص الولايات المتحدة على المشاركة فى التدريبات المشتركة مع مصر بصفة مستمرة.
ومن حيث الزمان فإن مناورات النجم الساطع تحمل دلالات بالغة الأهمية هذا العام من حيث التوقيت وحجم المشاركة، فى ظل ما يشهده الشرق الأوسط من أزمات متصاعدة، فضلا عن استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، الأمر الذى يجعل هذه التدريبات تمثل رسالة واضحة على قدرة وكفاءة الجيش المصرى.
وحول دلالة المكان ولماذا يُجرى هذا التدريب فى مصر؟ يؤكد الخبير الإستراتيجى والعسكرى دكتور سمير فرج أن الإجابة تأتى فى نقطتين أساسيتين، أولاهما أن مصر هى آخر دولة دخلت حرباً تقليدية مع عدو قوي، «إسرائيل» حيث أن معظم الحروب التى شهدها العالم فى السنوات الأخيرة كانت من طرف واحد، باستثناء الحرب الروسية – الأوكرانية.
أما حرب أكتوبر 1973 فكانت بين مصر وإسرائيل، وهو عدو قوى مسلح بأحدث الأسلحة والمعدات، ومن هنا خرجت مصر من هذه الحرب بخبرات قتالية كبيرة ما زالت تدرّس حتى الآن فى المعاهد العسكرية المختلفة.
كذلك تتمتع القوات المصرية بخبرة كبيرة فى القتال فى الصحراء، وهو ما يميزها عن غيرها.. أما النقطة الاخرى فهى خبرة مصر فى القتال ضد الإرهاب، حيث حققت نصراً كبيراً فى القضاء على الإرهاب.
ويؤكد الدكتور فرج استفادة مصر من التدريبات التى تشارك فيها 13 دولة بقواتها وأحدث أسلحتها ومعداتها التى ترغب فى اختبارها عملياً ، وهو ما يمثل فرصة للقيادة المصرية للتعرف على هذه الأنظمة والأسلحة الجديدة عن قرب، واختيار ما يلزم للقوات المسلحة عند التعاقد على شراء أى سلاح جديد ، كما تتعرف مصر من خلال هذه التدريبات على أساليب القتال فى العقيدة الغربية.
ولا يجب أن نغفل أن مصر تمتلك الآن أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط، وهى قاعدة محمد نجيب العسكرية غرب الإسكندرية، التى أنشئت خصيصاً لاستيعاب هذا الحجم من القوات والمعدات والأسلحة. القاعدة مجهزة بميادين تدريب على أعلى مستوي، ومساحات واسعة للتدريب الصحراوي، واستعدادات لوجستية وإقامة متكاملة للقوات المشتركة. كل ذلك يمثل فخراً للعسكرية المصرية، ويثبت للعالم أن مصر لديها جيش عظيم ليس فقط من الناحية القتالية، بل أيضاً فى القدرة على التنظيم والإدارة لأكبر ومن اعظم التدريبات العسكرية المشتركة فى العالم حالياً.