لطالما صدعنا الغرب بشعارات ومتاجرات عن حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير ولطالما خدع الكثير من شعوب العالم بالإنسانية والديمقراطية وفى النهاية وعلى صخرة الواقع تحطمت كل الشعارات والمتاجرات وبدأ الغرب عاريا تماماً حتى أمام شعوبه التى تتعرض الآن للقهر والاعتقال والتنكيل والسحل ليس إلا لأنهم مارسوا حرية الرأى والتعبير والديمقراطية.. فمن الواضح أنها حرية كرتونية.. تفصيل على مقاس الغرب.. فقط للمتاجرة وتجميل الوجه القبيح الذى رسخ النازية والفاشية والبربرية والإبادة والتجويع والسحق لكل من يقول رأيه بحرية.. وانحياز سافر للإجرام والقتل وسفك دماء النساء والأطفال والمدنيين والتجويع والتدمير.
ما يحدث الآن فى الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.. من تنكيل وسحل وقمع واعتقالات ومصادرة للآراء.. ضد طلاب الجامعات الأمريكية الذين من المفترض انهم يمارسون حق الاحتجاج والتظاهر طبقاً للنموذج الغربى معتقدين طبقا لما تعلنه دولهم أن لديهم حق الحرية والتعبير بلا حدود يعبرون عن رفضهم لدعم بلادهم لهمجية وبربرية دولة الاحتلال إسرائيل.. وما ترتكبه من جرائم ومجازر وحرب إبادة فى حق الشعب الفلسطيني.. طلاب أبرياء انحازوا لنداء الإنسانية واستجابوا لنداء الضمير.. رفضوا أن تقدم دولهم وحكوماتهم المال والسلاح الفتاك لجيش الاحتلال ليرتكب المزيد من المذابح والتدمير والقتل.. لكنهم كانوا ومازالوا على موعد مع هول الصدمة.. فقد سقطت الأقنعة.. حشود غفيرة وهائلة من قوات الأمن مدججة بالسلاح ترتكب كل شيء من سحق وتنكيل وقمع واعتقال دون حساب أو مساءلة.. هنا اختفت وتوارت القوانين وتلاشت شعارات حرية الرأى والتعبير وتجلت سياسات الازدواجية خاصة ان الاحتجاجات والتظاهرات خرجت ضد الكيان الصهيونى المدلل لدى أمريكا والغرب.. والذى تتجمد أمامه القوانين والشعارات والمتاجرات بالإنسانية.. فدولة الاحتلال فوق القانون بل فوق أى شيء بالنسبة لواشنطن والعواصم فى بعض الدول الأوروبية.
ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير من أهم أسلحة الابتزاز والأكاذيب والفبركة والتلفيق يستخدمها الغرب لابتزاز بعض الدول التى تناهض السياسات الأمريكية والغربية والتى تتمسك بالاستقلال والسيادة.
أستطيع القول إن الأشهر الأخيرة وتحديداً منذ اندلاع العدوان الصهيونى على قطاع غزة.. فجر الكثير من المفاجآت الفاضحة التى عرت وكشفت وأسقطت الأقنعة.. فحالة الانبطاح والتأييد والدعم الغربى للإجرام الإسرائيلى وضرب القواعد والمبادئ الإنسانية الدولية المستقرة بعرض الحائط كل ذلك يعرى أكذوبة حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير على الطريقة الأمريكية التى تمضى وفقاً لمقولة «حرام عليكم حلال علينا».
المجازر والمذابح وحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والحصار والتجويع وقتل النساء والأطفال وقتل الصحفيين بالعشرات طمث الحقيقة والتنكيل وسحق وسحل المتظاهرين والمحتجين على الإجرام الإسرائيلى ودعم دولهم لهذا الإجرام.. كل ذلك وأكثر نقطة فارقة فى كشف الحقائق وإسقاط الأقنعة وفضح عمليات الابتزاز الغربى بملفات حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأى والتعبير.
الغريب ان بعض الشخصيات كانت تتشدق بالنموذج الأمريكى والغربى فى الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير.. فهل تعانى الآن من الصدمة.. وهل تكفر بهذا النموذج؟ وهل تعلن توبتها الوطنية الخالصة.. فى اعتقادى ان هذا الأمر ليس سهلاً.. لأنه بالنسبة لهم «أكل عيش» وهم جزء من عملية التضليل والخداع وتزييف وعى الشعوب وهو أشبه بالعرابين للنموذج الغربى الذى بات يعانى من السقوط والهشاشة والأكاذيب والازدواجية.. حرية الغرب سقطت منذ زمن بعيد لكننا لم نكن نهتم.. فهناك ما جرى وحدث من تعامل أمنى مع مظاهرات السترات الصفراء فى باريس.. ومظاهرات واحتجاجات مانشستر ببريطانيا وفى أمريكا تجدها فى اقتحام الكونجرس وجرائم العنف والتمييز والتفرقة والعزل من الوظيفة لمجرد إبداء الرأي.. تلك هى حريتهم المزعومة التى خدعوا بها شعوباً كثيرة بل ضاعت بسببها أوطان وانهارت أمم.
تحيا مصر