للمرة الأولى منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أوقفت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن إحدى شحنات الأسلحة المقررة لإسرائيل.
ويعكس هذا القرار الضغوط والانتقادات التى تواجهها إدارة الرئيس بايدن بسبب دعمه المطلق لإسرائيل، فضلاً عن استياء الإدارة الأمريكية حيال عدم وجود ضمانات كافية بأن الأسلحة الأمريكية الصنع سيجرى استخدامها من قبل الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة بما يتوافق مع القانون الدولي.
وفى هذا الصدد أثار العديد من المسئولين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة لن تدعم غزو رفح ما لم تقدم إسرائيل خطة موثوقة حول كيفية حماية المدنيين. وحذر بايدن نفسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فى مكالمة هاتفية مطلع الشهر الماضى من أنه سيحجب المساعدات العسكرية ما لم تغير إسرائيل سلوكها الحربي.
ومنذ هذا التوقيت، بدأت المداولات بشأن وقف الأسلحة، حيث بدت إسرائيل أقرب إلى اتخاذ قرار بشأن الاجتياح البرى لمدينة رفح، بينما أخفقت فى معالجة المخاوف الأمريكية حيال هذا الاجتياح، الذى يهدد بدفع العلاقات بين أمريكا وإسرائيل إلى مفترق طرق.
كما يكشف قرار وقف شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل عن التوترات المتزايدة بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، فى ظل الانتقادة المتزايدة داخل أمريكا وفى الكثير من دول العالم بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة والتى تجاوز عدد ضحاياها 35 ألف شهيد.
خلف الكواليس يسعى المسئولون الإسرائيلون إلى الحصول على تفسيرات بشأن وقف شحنة الأسلحة التى تضمن 1800 قنبلة تزن 2000 رطل و1700 قنبلة تزن 500 رطل. كما سارعت إسرائيل بإبلاغ إدارة بايدن بأنها محبطة ليس فقط من قرار تعليق الشحنة، ولكن أيضاً من قرار تسريبها إلى وسائل الإعلام.
وعلى إثر هذا القرار، تخضع معدات عسكرية أخرى كان من المفترض توريدها لإسرائيل للمراجعة من قبل الإدارة الأمريكية وتشمل ذخائر الهجوم المباشر المشترك، وهى معدات تنتجها شركة بيونج ويجرى استخدامها لتحويل ما يسمى بـ»القنابل الغبية» إلى ذخائر موجهة بدقة من خلال أنظمة توجيه متطورة وكذلك نظام تحديد المواقع العالمى «جى بى إس».. يبدو جليا إن قرار تعليق شحنة القنابل جاء استجابة للضغوط المتزايدة من جانب الجناح التقدمى فى الحزب الديمقراطى الذى ينتمى إليه بايدن والاحتجاجات الطلابية فى الجامعات الأمريكية والتى تهدد حظوظ الرئيس الأمريكى فى الترشح مجدداً للانتخابات الرئاسية المقررة فى نوفمبر المقبل.
بايدن الذى عهدنا منه الصمت المطبق لم تحركه الأزمة الإنسانية والدمار غير المسبوق فى غزة وإنما الخوف من تأكل شعبيته لصالح غريمه ترامب والاضطرابات المستمرة التى تشهدها الجامعات الأمريكية.
كما تواجه إدارة بايدن معضلة أخرى تتعلق بالتقرير الذى يفترض تقديمه إلى الكونجرس، والتى ستجيب فيه عما إذا كانت تعتقد أن إسرائيل انتهكت القوانين الأمريكية والقانون الدولى والإنسانى فى غزة أم لا. المذكرة التى أصدرها بايدن فى فبراير الماضى حددت موعداً نهائياً لتقديمه بحلول الثامن من مايو الحالي، وتم تكليف وزير الخارجية أنتونى بلينكن بتقديم التقييم إلى الكونجرس لكنه لم يفعل حتى الآن.