مصانع الغربية: خفضنا الإنتاج بسبب أسعار الخامات
والكيلو يبدأ من 80 جنيهًا.. واللوكس 300
مهما تغير الزمان وتبدلت العادات تظل حلاوة المولد عادة سنوية لكل بيت مصرى لن تنقطع، يحرصون عليها ويتهادون بها مهما زادت أسعارها وكل عام وله موضة جديدة وتشكيلة مختلفة حسب الأذواق ومثلما تمثل حلوى المولد عشق المصريين فإن صنعتها أيضا عشق لمن احترفوها وورثوها جيلاً بعد جيل، فمصانع حلوى المولد لها تاريخ وعائلات معروفة خاصة فى الغربية، بلد حلوى المولد خاصة طنطا مدينة السيد أحمد البدوى وزوارها الدائمين.
يتركز الإنتاج فى المدن الكبرى مثل طنطا والمحلة وزفتى وغيرها واكثرهم شهرة منطقتا شبرابيل ومحيط مسجد السيد البدوى ، حيث توجد عشرات المصانع العائلية التى تُورث جيلًا بعد جيل ويعود تاريخ بعض هذه المصانع إلى أكثر من 100 عام ومنها من تميز بصناعة العروسة والحصان فقط مع الابتكار كل عام فى أشكال والوان من السكر، ويوفرهذا الموسم فرص عمل لآلاف العمال فى المصانع ولأسرهم لزيادة دخلهم ، لكن تبقى اهم المعوقات لهذه الصناعة الغلاء عاما بعد عام وارتفاع تكاليف التصنيع والانتاج مما يدفع بتقليل العرض والطلب حيث تقلص المصانع انتاجها نتيجة قلة الطلب، بعد أن ارتفعت الأسعار بنسبة بين 20 الى 40 ٪ خلال 2025 مقارنة بالعام الماضى فى أسعار الخامات خاصة المكسرات المستوردة، هذا العام من 80 جنيها لكيلو المشكل الشعبى وحتى 300 جنيه لكيلو المشكل اللوكس .
«صنعة الأجداد»
يقول محمد الصياد – صاحب مصنع – إن مصنع الصياد يعد من أقدم مصانع الغربية لإنتاج حلوى المولد النبوى حيث انشأ عام 1945 على يد جده، وانهم توارثوا الصنعة من الجد والاب الذين كانوا يمارسونها يدويا وكانت العملية شاقة جدا ولكنها كانت عشقا بالنسبة لهم وفن.
يقول: رغم اعتمادنا اليوم على المعدات والآلات الا ان بعض الصنعة يمارس يدويا وهو ما يجعل الانتاج له طعم آخر عند المستهلك، وتبدأ العملية الإنتاجية بالتحضيرات للموسم قبل موعده بثلاثة أشهر على الأقل، حيث نقوم بشراء المواد الخام مثل السكر والعسل الجلوكوز والمكسرات وغيرها حتى لوازم التغليف، وأكثر الانواع طلبا وهو المنتج الرئيسى عند اى مصنع هى النواشف مثل الفولية والحمصية والسمسمية، حيث يكون أغلب الانتاج مرتكز عليها ويتم التصنيع بغلى السكر مع الماء فى أوان نحاسية حتى يصبح لزجًا ثم نضيف المكون الرئيسى سواء السودانى أو الحمص أو السمسم واهم جزء فى الصنعة بأن تكون القطعة غير سميكة ونسبة السكر مظبوطة .
«النواشف تكسب»
واشار الصياد الى ان اكثر ما يمثل عائقا كبيرا امام الصناعة هو القفزات المستمرة كل عام فى أسعار المواد الخام فالسكروالدقيق والزيوت والمكسرات وحتى الألوان الطبيعية ولوازم التغليف كلها تشهد ارتفاعا عاما بعد عام، ورغم ان الزيادة هذا العام ليست كالأعوام السابقة ولكنها تؤثر على كمية المنتج فنحن وغيرنا من المصانع الكبرى التى تريد دائما المحافظة على اسمها نتمسك دائما بأفضل مواد خام، فعندنا نقلل الكميات المنتجة افضل من كثرة الانتاج على حساب كمية الخامات وأنواعها، ومن الحفاظ على زبائننا، ونحن نرفع الاسعار بمقدار طفيف حفاظا على الزبون، ولكن هناك عائقا آخر أكثر قوة وهو المضاربة والغش والمنافسة غير الشريفة حيث منتجات بكميات كبيرة مجهولة المصدر توجد فى السوق بأسعار زهيدة وجودة متدنية، مما يضر بسمعة الصناعة فاغلبهم يعتمد على اعادة صناعة وتدويرانتاج قديم سابق من الحلوى ، ورغم الرقابة الشديدة التى نراها على الاسواق الا ان هذه السوق مستمرة .
«التجارة الإلكترونية»
اوضح الحفيد احمد الصياد يؤكد ان هذه المنافسة غير الشريفة دفعت اصحاب الصنعة الى فتح كل سبل البقاء والتطوير، حيث اتخذت مهنة جدى وقمت بالتركيز على مجال الإدارة والتسويق للمصنع، بالتسويق من خلال السوق الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعى مثل الفيسبوك والإنستجرام، الى تصنيع انواع جديدة من الحلوى تتناسب والسوق الحالية ، مضيفاً ان الأهالى اعتادوا طوال سنوات ذكرى المولد النبوى على شراء حلوى المولد النبوى ولكن الملاحظ هو ان الكميات تقل عن العام السابق ، فالزبون الذى كان يشترى 3 كيلو أصبح يكتفى بكيلو والطلبات وصلت الى نصف كيلو ، ويرجع الى الحالة المادية للاسرة فبعض الاهالى لجأوا الى الشراء بالقطعة لارضاء أولاده وهذا ما فتحت الباب له خاصة فى الانواع المرتفعة السعر عن باقى المنتجات ، واهم مبدأ نعمل به هو الحفاظ على جودة المنتج للاحتفاظ باسمنا وزبوننا .
«البندقية والفسدقية»
يقول مسعد ابوعيطة -صاحب مصنع – أنّ موسم المولد النبوى يظل مناسبة رئيسية مهمة جدا لأصحاب مصانع الحلوى فنحن نعمل طوال العام ولكن نعمل لمدة شهرين على الاقل بقوة انتاجية تعادل باقى العام هذه المناسبة هى الاهم لتحريك السوق، واضطرت اغلب المصانع الى تقليل الاعتماد على المكسرات المستوردة كما أعتمدت بشكل اساسى هذا العام على طرح الأصناف الفاخرة مثل البندقية والفسدقية بالقطعة بدلًا من الوزن لجذب اكبر عدد من الزبائن وذلك ايضا فى محاولة الحفاظ على استقرار أسعار الحلوى الشعبية التى يقبل عليها المستهلك البسيط كالعام السابق او ازيد بهامش بسيط ، لافتا أن التجار حريصون على ضمان الجودة والنظافة حتى تبقى سمعة «حلاوة المولد الطنطاوية» متصدرة أسواق مصر.
«العمل منذ الصباح الباكر»
محمد الصعيدى عامل تتجاوز خبرته الـ 30 عاماً – انه يعمل فى هذه الصنعة منذ صغره حيث اعتاد على الحضور مع والده ثم تعلم الصنعة وأصبح من اقدم العمال بالمصنع، يقول: على الرغم من ان الصنعة شاقة ومتعبة خاصة خلال الموسم، فالعمل يبدأ منذ الصباح الباكر ولا ننتهى غالبًا إلا بعد منتصف الليل ونعمل وسط حرارة الأفران وأدخنة السكر ونقف لساعات طويلة فى تقطيع الملبن والسمسمية والتعبئة والتغليف، الا إننى من عشاق الصنعة وانا من العمالة الدائمة بالمصنع ورغم ان الأجور متدنية قليلاً إلا أن الاحترام والتقدير يعوضها ، وأنا من العمال الذين شهدوا الاحتفالات الحقيقة فكنا نخرج ونحن صغار فى زفة تضم بعض الأحصنة والسيارات خاصة الربع نقل والنصف نقل ونحمل بأيدينا أكياس الحلوى التى كنا نوزعها على الاهالي، حيث كنا نطوف فى المدينة كلها وكانت كل البلكونات تمتلأ بالاهالى عند سماع الطبل والمزمار ورغم ان هذه الاحتفالية اختفت ولكن يبقى المولد النبوى ذا طابع خاص عندنا كلنا .
«200 جنيه اليومية»
ام حسن من العمالة الموسمية التى تعمل طوال شهرى المولد النبوى فى التعبئة والتغليف ، تكشف أنه رغم ان الاجر اليومى قليل نسبياً، إلا أن أغلب العمالة الموسمية تنتظر المولد النبوى بفارغ الصبر، حيث انه عمل دائم بدخل ثابت لمدة شهرين أو أكثر وهو ما يمثل فرحة وبهجة لأغلبنا حيث يعين على التزامات العيش واغلبنا من السيدات التى تبحث دائما عن مساعدة ازواجنا وان نساعد فى مصاريف البيت فالحياة اصبحت تحتاج لمصاريف واليومية تتراوح بين 100 الى 200 حسب الخبرة وهذا افضل لنا من الجلوس بالبيوت دون عمل فالموسم بالنسبة لنا فرصة لا تعوض الا من العام للعام.
«الجمهورية» اقتربت من المستهلكين لمعرفة آرائهم.. قال أحمد عبداللطيف موظف من طنطا: إننا بين نارين نار الاسعار التى ترتفع كل عام ونار الميزانية الشهرية وفرحة اولادنا التى نسعى اليها دائما، فالمشكلة ليست فى توفير حلوى المولد النبوى وانما فى رغبة الاولاد فى تذوق كل الأنواع خاصة الفاخرة وتصل الكرتونة فيها الى 1800 جنيه بمعنى ان القطعة الواحدة برقم ، وكلنا يريد تحقيق طلب اولادنا ، ومع ذلك ما كانت الطلبات نقتصر على الانواع التى نعرفها فقط وانما تمتد لكل الانواع الجديدة فاعين اولادنا تجول يمينا ويسارا وتطلب كل شيء ولكن الظروف والميزانية تفرض شيئا اخر ونضطر لرضا الأطفال شراء الحلوى متوسطة السعر أو كما يسمونها الشعبية مع قطعة أو اثنتين من الفاخرة .
وأضافت ندرة سرور بالمعاش لقد اعتدت كل عام أن أشترى لحفيدى ولد وبنت حصان وعروسه ومهما ارتفعت الأسعار، فأنا مداومة على هذا التقليد فهو أمر توارثته من أبى حيث كان دائما يقول الفرحة التى آراءها فى عينك وعين أخواتك بالعروسة والحصان لا تماثل أى شيء آخر، فأنا اشعر بالمولد النبوى كل عام من خلال فرحتكم ، واعتدت أيضا على شراء كل انواع الحلوى خاصة القديمة والمتوارثة مثل السودانية والفولية فلهما طعم مميز يسعدنا جميعا كبيرا وصغيرا.
وجه اللواء أشرف الجندى محافظ الغربية التهنئة للأهالى بحلول ذكرى المولد النبوى الشريف ، وأكد أنه فرصة لتعزيز القيم النبيلة وتأكيد روح التسامح بين أبناء الوطن ، وتمنى أن يديم الله على مصرنا الغالية نعمة الأمن والاستقرار والرخاء والتقدم فى ظل القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسى، ووجه بأهمية التنسيق بين الأجهزة الأمنية والجهات المعنية لضمان سلامة المواطنين طوال فترة الاحتفال خاصة المناطق التى ستشهد تجمعات كبيرة مثل محيط السيد البدوى فى طنطا وغيرها من المناطق التى ستشهد خروج الاهالى أو الاحتفالات .
