رغم ما خلفته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من خسائرودموع وآلام، إلا أنها جاءت كاشفة لكثير من الأمور التى لم تكن واضحة بالقدر الكافى فى ظل الهيمنة الأمريكية على العالم وفى ظل الصراعات القائمة والمستجدة والتى فرضت نفسها على مناطق متعددة بما فيها الصراع فى شرق أوروبا» الحرب الروسية- الأوكرانية»، وكذلك منطقة الشرق الأوسط التى كان لها النصيب الأوفر من الحرب ضد الإرهاب والحروب الأهلية وأخيرا الحرب التى نعانى من آثارها فى غزة حتى الآن، وهى وإن أسفرت عن تدميركامل للقطاع إلا أنها أكدت أن صحوة الشعوب والتمسك بالارض هو الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق وفرض السلام.
لقد أكد العدوان الإسرائيلى على غزة أن تحقيق السلام بمفهومه الشامل مع الكيان الصهيونى من أكبر المستحيلات، سيما وأن الغرب الأمريكى فى توفيره للأمن والحماية لإسرائيل منذ نشأتهاعام 1948 وعلى مدى أكثر من سبعة عقود، تغافل عن القوانين الدولية و عن كل معانى حقوق الإنسان واستباح الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية لمصلحة الإسرائيليين، كما استباح الدماء الفلسطينية تحت مسمى «حق إسرائيل الدفاع عن نفسها «، بينما حرم الفلسطينيون من نفس الحقوق، وقد جاءت هذه المكاشفات لتفضح ممارسات الغرب وإسرائيل، ولترسى أفكارا جديدة فى المنطقة والعالم ومن بينها ما يلي:
> تفريغ استراتيجية إسرائيل «السلام مقابل السلام « من محتواها لأن الواقع الجديد أكد حتمية أن الأرض العربية مقابل السلام مع إسرائيل، وإنه لابديل عن استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واقامة دولته المستقلة على حدود 1967.
> ساهمت تل أبيب بحربها البربرية بغزة فى هدم نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على توقيع اتفاقات سلام مع دول الجوار، ومن ثم فإن هذه الاتفاقات وضعت على المحك فى ظل الخوف من غدر إسرائيل وعدم التزامها بالقانون الدولى أو بالعهود والمواثيق.
> إن حل القضية الفلسطينية هو جوهر الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، ونقطة الانطلاقة الحقيقية للقضاء على الإرهاب فى العالم وتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
> إلى جانب المظاهرات الغاضبة فى الشوارع و الجامعات فإن انحياز أغلبية الدول لوقف العدوان على غزة، مثَّل نقطة قلق للولايات المتحدة والدول الغربية ستؤثر بدورها على أشكال الدعم المقبلة لإسرائيل .
وليست مبالغة فإن أهم الحقائق التى أكدتها الأوضاع العالمية والإقليمية بما فيها من صراعات وحروب خلال الشهور الماضية هى أن مصربموقعها الإستراتيجى وبثوابتها السياسية فى اقامة علاقات متوازنة مع القوى الكبرى فى العالم وعدم التدخل فى شئون الآخرين، إلى جانب ما تمتلكه من إمكانات عسكرية وبشرية، أصبحت تلعب دورا مهما فى تحقيق الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمى والدولي، أيضا فإن نفس هذه الأسباب منحت القاهرة قدرة هائلة على التحرك فى كافة الاتجاهات لحماية مصالحها والحفاظ على الأمن القومى العربي، بما فى ذلك منع تصفية القضية الفلسطينية والحيلولة دون انهيار الأوضاع فى غزة، والأراضى المحتلة بوجه عام.