>> من الألغاز المُحيرة التى تثير العجب.. وتجعل الناس والخبراء فى الداخل والخارج يتساءلون: ما الذى يجعل مصر لا تحقق الاكتفاء الذاتى من الثروة السمكية ولماذا ترتفع أسعار الاسماك بشكل مبالغ فيه؟!
أسباب الحيرة والعجب اهمها انه يمر بعرض البلاد البحر الابيض المتوسط.. وبطولها شواطئ البحر الاحمر.. ويقطعها من شمالها إلى جنوبها نهر النيل.. اضافة لامتلاكها العديد من البحيرات الطبيعية منها البردويل وادكو والبرلس والمنزلة وقارون وغيرها.. وخلال السنوات الماضية حققت الدولة نجاحاً ضخماً فى تطهيرها وتطويرها.. ولديها بحيرة ناصر التى تعد واحدة من أكبر البحيرات الصناعية فى العالم!!
لا يتوقف الأمر عند ذلك حيث تم اقامة المئات من المزارع السمكية الاهلية التابعة للقطاع الخاص.. وهناك مزارع عملاقة تابعة للدولة فى بركة غليون بكفر الشيخ وفى شرق بورسعيد ودمياط والاقصر.. فلماذا يتم استيراد الاسماك والتونة والرنجة ولماذا تظل الأسماك المحلية اسعارها غالية؟!
ازاء غلاء اسعار الاسماك وضعف القدرة الشرائية.. اضطر المواطنون إلى اطلاق حملة شعبية لمقاطعة شراء الاسماك لمحاربة جشع التجار.. وكانت البداية من بورسعيد ثم انتقلت إلى 15 محافظة اخري.. واسفرت فى البداية عن اجبار تجار السمك فى بورسعيد على تخفيض الاسعار.. ولكنها للاسف لم تحقق هدفها لاننا فى الاشهر التى يقل فيها الصيد او يتم منعه فى فترة التكاثر حفاظا على الثروة يمكن فى اغلب المحافظات فعادت الاسعار للارتفاع.. والاهم ان الاسماك فى المطاعم والمحلات «المشوية والمقلية» لم تتراجع أسعارها!!
كما زادت اسعار الاسماك والمأكولات البحرية المستوردة بعد تعويم الجنيه.. فعلب التونة والسلامون والانشوجا بلغت حداً فاق التوقعات وكذلك الرنجة التى زاد الاقبال عليها فى شم النسيم!!
منذ صدور القانون رقم ٦٤١ لسنة 2021 وانشاء جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية، ساد التفاؤل جميع الصيادين واصحاب المزارع السمكية بعد توحيد جهات الاختصاص فى جهاز واحد.. ولكن حتى الآن مازالت هناك بعض العراقيل فى التراخيص ورسومها وفى تشديد الرقابة على المخالفين الذين يتحايلون احيانا بالصيد الجائر واستخدام الاقفاص وغير ذلك من الممارسات.
للأسف.. لم نستغل ما وهبنا الله من بحار وأنهار وبحيرات الاستغلال الامثل.. فلم نأكل منها لحما طرياً ولم نستخرج منها حلية نلبسها.. ولا حتى استخدمناها فى النقل والانتقال والاستمتاع بجمال الشواطئ وضفاف النيل.. حيث يمكن تسيير بواخر ومراكب بين المحافظات لنقل البضائع والركاب والسائحين سواء فى البحرين أو النهر.. ولا أدرى ما الذى يمنع من تسيير خط بين مطروح والاسكندرية وصولاً إلى بورسعيد على البحر المتوسط ومن خليج السويس إلى الغردقة على البحر الاحمر.. ولماذا لا تعود المراكب الشراعية للعمل فى النيل لمنع تلويثه.. وأين مشروع التاكسى النهرى والاتوبيس النهري؟!
لابد من البحث عن المعوقات التى تحول دون استغلال البحار والانهار فى النقل والسياحة.. اولا تحقيق الاكتفاء الذاتى من الثروة السمكية رغم وجود اكثر من الفى كيلو متر من الشواطئ المطلة على البحار ووجود النيل والبحيرات والمزارع السمكية.. وما الذى يؤخر بناء اسطول صيد حديث يخرج إلى أعالى البحار فى المياه الاقليمية والاقتصادية بالبحرين الابيض والاحمر.. وكيف تترك الاسماك لتتوحش فى بحيرة ناصر أو تأكلها التماسيح.. والاهم تشديد الرقابة على البحيرات ووقف تبوير أراضيها ومنع الصيد الجائر وانتشالها من الاهمال.. وتقديم القروض والمساعدات لصغار الصيادين لتحديث مراكبهم وتدريبهم على طرق الصيد الجديدة التى تعينهم على مزاولة مهنتهم والحفاظ على مصدر رزقهم!!
نجحت فى مراكز البحوث وفى كليات الزراعة بالجامعات المصرية تجارب استزراع نوعيات الاسماك التى يتم استيرادها أو تصنيعها فى المعلبات مثل التونة والسلامون والماكريل والرنجة وقامت بالفعل مزارع سمكية بتطبيق هذه التجارب وانتجت هذه النوعيات.. فلماذا لا يتم تعميم التجربة وإقامة مصانع لانتاجها ووقف استيرادها أو على الاقل تقليل استيرادها وتوفير ملايين الدولارات.
يستحق المصريون أن يجدوا فى الاسواق أسماكاً رخيصة.. وفى المحلات والسوبر ماركت منتجات بحرية مصنعة فى متناول ميزانياتهم بعد ان حبانا الله بالشواطئ والمصايد والمزارع.. وحتى يتحقق ذلك مطلوب الوقوف فى وجه التجار الجشعين ووقف احتكار البعض لما يجنيه صغار الصيادين من رزق.. وان يتم الاستعانة بالعلماء والباحثين لاستزراع انواع الاسماك التى يتم تصنيعها وتعليبها بدلاً من استيرادها.. مع ضرورة الاستمرار فى بناء وتحديث اسطول الصيد وتشجيع الاستثمار فى هذا المجال حتى يقبل القطاع الخاص على شراء المراكب والثلاجات.. والاهم فتح منافذ لتوزيع وبيع اسماك بحيرة ناصر ومزارع غليون وبورسعيد العملاقة ومراجعة اسعارها لكى يتمكن المواطن البسيط من شراء الاسماك خاصة بعد غلاء اللحوم والدواجن.
باختصار مطلوب «تعويم الاسماك» مقابل اللحوم والدواجن حتى تنخفض اسعارها.. كما تم تعويم الجنيه امام العملات الاجنبية؟!