فى مواجهة أزمة المناخ المتصاعدة على مستوى العالم، أصبحت الوعود والتعهدات عملة الأمل. ومع ذلك، وأثناء دراسة الإجراءات التى تقف وراء هذه التعهدات، يظهر نمط مقلق من الوعود غير المحققة، خاصة ونحن نواجه أسوأ فترة اقتصادية لخمس سنوات منذ ثلاثة عقود، والتى تتميز بمعدلات فائدة مرتفعة والدول النامية المثقلة بالديون، مع ضعف الاستجابة العالمية الشديد لتغير المناخ.
هذا يُعطى انطباعاً بالتقدم، وغالبًا ما يُرسم بألوان تفاؤلية واحصائيات مستقبلية واسعة النطاق. ومع ذلك، تحت هذا الطلاء تكمن حقيقة مُثقلة بالمتاعب: إن العالم لا يزال يعانى من التحديات المستمرة. النمو الضعيف، والتضخم المستعر، وارتفاع درجات الحرارة العالمية القياسية ليست مجرد أرقام؛ بل هى مؤشرات على قضايا أعمق تؤثر على شرائح السكان الأكثر ضعفاً.
بصفتى رئيساً لاتحاد التحضر المستدام فى نيويورك، أشير إلى أن النقص فى العمل المناخى ليس مجرد فشل فى التمويل، بل يمثل فشلاً فى الرؤية. إن الفجوات التكنولوجية بين الدول، وعدم الاستقرار السياسى الذى يحبط جهود المساعدات، وعدم التوازن فى التجارة الذى يعطل الاقتصادات، جميعها عناصر مترابطة لنسيج أكبر من الاهمال.
هنا أود أن أشدد على أوجه القصور المالية، حيث تراجعت المؤسسات الدولية والقطاع الخاص أكثر مما تقدمت. ومع ذلك، من الضرورى التعمق فى القضايا النظامية التى تديم هذه الدورة. لا تزال أهداف التنمية المستدامة، وهى مخطط لمستقبل أفضل، حلماً بعيد المنال للكثيرين، مع اتساع الفجوة الرقمية واتجاهات الهجرة التى تعيد تشكيل التركيبة السكانية.
أحيل الجميع إلى فرضية انه لا يمكن قياس ما لا يمكن قياسه، وأنه يجب أن يكون لدينا إطار بيئى محاسبى للدول، مثل الذى قمت بتطويره فى عام 1999، والمعروف باسم «المحاسبة والتقارير المالية للتكاليف والالتزامات البيئية». قد تم تطوير هذا الإطار تحت إشراف المجمع العربى للمحاسبين القانونيين «ASCA» الذى أسسته فى عام 1984، وتم إعداده بالتشاور مع هيئة الأمم المتحدة والمعايير الدولية للمحاسبة والإبلاغ «ISAR»، التى ترأستها.
يقف العالم عند مفترق طرق، حيث يكون الطريق الأكثر سهولة معبّدًا غالبًا بالمقولات الفارغة. إن الانطباع بالتغيير، الذى يتم تصويره من خلال الأرقام المزيفة وانصاف الحلول، يضر بجوهر كفاحنا الجماعى ضد تغير المناخ. بينما نمر بهذه الأوقات العصيبة، يصبح نداء العمل الحقيقى أكثر إلحاحًا من أى وقت مضي.
يطالب العالم بخطوات ملموسة وقابلة للتنفيذ تتجاوز إغراء الأرقام المبهرة. فالوعود ليست كافية، بل ينبغى أن تنفّذ. وبوصفنا قادة ورعاة للأرض، يجب أن نوحد جهودنا لبناء مستقبل مستدام. ويجب أن تتحول وعود الغد إلى أفعال اليوم، من أجل كوكبنا والأجيال القادمة.