لأول مرة منذ جائحة كورونا تسترد الاحتياطيات الدولية المصرية قوتها وتصعد إلى أكثر من 41 مليار دولار وذلك بزيادة نحو 7 مليارات دولار حيث بلغت بنهاية العام الماضى 34.22 مليار دولار وذلك صعودا من أدنى مستو وصلت إليه فى السنوات الأخيرة عندما بلغت بنهاية عام 2022 نحو 34 مليار دولار فيما كانت تبلغ فى العام 2021 ما يزيد على 40.95 مليار دولار.
أكد خبراء اقتصاد لـ«الأسبوعي» أن القدرة على رفع هذه الاحتياطيات فى ظل الأزمة الخانقة التى تعيشها المنطقة ككل بسبب الحروب المختلفة يعزز الثقة فى الاقتصاد المصرى ويعكس القدرة على تجاوز التحديات العالمية بالإضافة إلى ما يمثله من تأمين لاحتياجات مصر الأساسية لأكثر من 6 أشهر وهو معدل أمان دولى ممتاز.
أوضحت د.سهر الدماطى الخبيرة المصرفية وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أن حصيلة مصر من الاحتياطيات الدولية تشمل الأصول بالعملات الأجنبية، والودائع، والأوراق المالية، والذهب، بالإضافة إلى حقوق السحب الخاصة (SDRs) من صندوق النقد الدولي.. كما تعتبر مؤشرا مهما أولا لقدرة الدولة على توفير السلع الأساسية لمدى زمنى معين، مشيرة إلى أن الاحتياطيات الحالية تؤهل مصر لتوفير السلع الأساسية لمدة تزيد على 6 أشهر وهى فترة مريحة جدا على المقاييس الدولية، بالإضافة إلى أن وجود احتياطيات اكثر من ٤١ مليار دولار تعنى قدرة اقتصاد مصرعلى التصدى لأى صدمات خارجية، كما أن الاحتياطيات بهذا الحجم تحقق الكثير من الأهداف المهمة وعلى رأسها استخدامها كصمام أمان يحد من الآثار السلبية الناجمة عادة عن الأزمات الاقتصادية الخارجية، والتى قد تؤثر على ميزان المدفوعات.
وقالت أنه لابد من الإشادة بالجهود غير المسبوقة للرئيس عبدالفتاح السيسى والمجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء بالإضافة للدور المهم للغاية الذى يؤديه البنك المركزى المصرى لزيادة الاحتياطيات الدولية وتنويعها وما شهدناه من زيادة فى احتياطيات مصر من الذهب والعملات الاجنبية من خلال الصفقات الدولية الضخمة والثقة التى تمتع بها الاقتصاد مع الاصلاحات الجذرية التى تحققت بكفاءة مؤخرا.
وأكدت د.الدماطى قدرة الاقتصاد المصرى وقوته فى مواجهة وضع دولى غير مسبوق، وذلك بعد تحريره من المعوقات التى كانت تحد من انطلاقه وعلى رأسها وجود أكثر من سعر صرف للعملات الأجنبية، على الرغم من وجود بعد المتطلبات لصندوق النقد الدولى التى ينبغى تلبيتها والتى قد تؤدى لزيادة التضخم لكن من المنتظر أن يكون التأثير إيجابيا على المدى البعيد.
وأضافت أن ما نحتاجه الآن هو المضى قدما فى استثمار الاحتياطيات الدولية بشكل آمن ومستدام يخفف من اى تغيير فى توجهات الاستثمارات الاجنبية قصيرة الاجل او ما يطلق عليه الاموال الساخنة حتى لا تتكرر تجربة أزمة كورونا عندما سحبت مليارات الدولارات لتتوجه الى الفائدة الأعلي، خارج مصر مشيرة إلى عدم التقليل من أهمية هذه الاموال الساخنة لكن مع التركيز على جذب استثمارات تولد المزيد من العملات الاجنبية من خلال التصدير، خاصة الاستثمارات فى مجالات الصناعة المختلفة وهى الأكثر اهمية والاكثر قدرة على تحويل هيكل الاقتصاد المصرى ككل الى اقتصاد حيوي.
وقال ريمون نبيل الخبير المالى إن زيادة الاحتياطى بنهاية أبريل الماضى إلى أكثر من 41 مليار دولار يعزز من قدرة مصر لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية التى تسببت فيها الأزمات العالمية المتتالية بدءا من أزمة كورونا ومرورا بالحرب الروسية الأوكرانية وانتهاء بالحرب فى غزة، وأوضح أن زيادة الاحتياطيات تعزز من الثقة فى السياسات النقدية وتتيح قدرة أوسع لإدارة سعر الصرف، بالإضافة إلى الحد من التعرض لتأثيرات التقلبات العالمية المفاجئة خاصة الناتجة عن الصدمات الخارجية السلبية، بجانب أن وجود احتياطيات قوية له تأثير إيجابى فى انخفاض نسبة الفوائد على طلبات الديون الجديدة من خلال رفع مستوى ثقة الأسواق فى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية.
وأشار محمد نصر الحويطى الخبير الاقتصادى والمصرفى إلى أن حصيلة صفقة رأس الحكمة ساهمت بشكل كبير فى زيادة الاحتياطى النقدي، بالإضافة إلى بيع جزء من أدوات الدين الحكومية حيث لقيَتْ هذه الأدوات إقبالاً ملحوظاً من قبل المستثمرين الأجانب، مما أدى إلى زيادة الاحتياطى النقدى أيضاً، كما لعب استقرار الجنيه المصرى أمام الدولار دورًا هامًا فى جذب تحويلات المصريين فى الخارج، ممّا عزّز الاحتياطى النقدي، وأوضح ان تحويلات المصريين فى الخارج ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة استقرار سعر الصرف، ممّا ساهم فى زيادة الاحتياطى النقدي.
ويرى الخبير الاقتصادى محمد نصر أن هذه الزيادة فى الاحتياطى النقدى تُعدّ مؤشرًا إيجابيًا على متانة الاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة التحديات الخارجية، ويتوقع استمرار هذه الزيادة خلال الفترة القادمة، مدفوعة باستمرار استقرار سعر الصرف، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وعودة إيرادات قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية بعد حلّ أزمة عبور السفن.
ويُضيف نصر أنّه من المهمّ الحفاظ على استقرار سعر الصرف لتعزيز ثقة المستثمرين وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ممّا يُساهم فى دعم الاقتصاد المصرى وتحقيق النمو المستدام.