نجحت الداخلية الأسبوع الماضى فى القضاء على واحد من أخطر أوكار التسول فى مصر عامة ومحافظة الجيزة خاصة.. وهو ما يعرف بـ «الثقب الأسود»، الذى يحوى عشرات الأطفال والنساء أسفل أحد الكبارى من أجل استغلالهم فى التسول.. وهذه الظاهرة عبارة عن سلوك منحرف للحصول على جمع الأموال من المارة سواء فى الشوارع أو المواصلات العامة أو الأسواق وأمام المساجد، وكذلك التجمعات بطرق غير مشروعة.
ظاهرة التسول واحدة من أخطر الظواهر المجتمعية، التى تؤرق جنبات الشارع المصرى، والتى تتسع دائرتها يوماً بعد يوم وانتشار هذه الظاهرة لم تكن يوماً بسبب أى عوامل اقتصادية على الإطلاق، وإنما ناتجة عن عوامل عديدة، من أهمها التفكك الأسرى وضعف الوازع الدينى والسلبية والاعتمادية.
نجح بعض البلطجية الذين يتسكعون فى الشوارع ويرفضون العمل الشريف باستقطاب العديد من الأطفال الذين يجلسون تحت الكبارى بسبب التفكك الأسرى أو ما يعرفون بأطفال الشوارع وتسريحهم ببعض المناديل الورقية أو بيع أشياء لا قيمة لها لاستجداء مشاعر المارة بعبارات تهز القلوب، مثل «عاوز آكل، بصرف على اخواتى، أو علاج لابنى أو زوجى، أو ثمن حقنة»، وإذا جاء سائح إلى هذا البلد وعند رؤيته لمثل هذه المشاهد يتصور أن الوطن يعيش فقراً مدقعاً، فى حين أن الأمر خلاف ذلك، ولكن الناس يحكمون بالمظاهر.
أصبحت ظاهرة التسول تمثل ثقوباً سوداء فى نسيج هذا المجتمع الذى يعمل ليل نهار من أجل إسعاد مواطنيه من خلال «تكافل وكرامة» و«حياة كريمة» ومحاربة الأسعار وتوفير فرص عمل هنا وهناك.. ولكن مرضى القلوب يعملون بهذه الطريقة المهينة التى وجدوا فيها ثراء سريعاً دون عناء أو مشقة من خلال استغلال ثلة من النساء ضعاف الوازع الدينى والأطفال الذين يفرون من أهاليهم حتى أصبحوا فريسة لحفنة من البلطجية الذين لا أخلاق لهم.
إذا كان المجتمع فى تطور دائم مستخدماً الأساليب التكنولوجية للأسف الشديد أضحى التسول فى تطور دائم ومستمد من خلال التكنولوجيا الحديثة وتراهم فى أوقات معينة وأماكن محددة يتسولون بأساليب حديثة حتى يتمكنوا من الوصول بسهولة لقلوب الناس.
من يصدق شباب يعيشون فى أماكن محترمة ينزل كل يوم من منزله فى موعد ذهابه إلى العمل مرتدياً أفخم الثياب ويستأجر أوبر أو تاكسى لينقله إلى مكان معين وهناك يغير ملابسه ليرتدى «زى الشحاذة» أو عدة النصب ويجلس فى مكان معين أو يركب مواصلات عامة خطاً معيناً ليتسول ويسرق جيوب البسطاء مستغلاً عطفهم ليعود فى نهاية يومه وهو مرتدياً أفخم الثياب وفى تاكسى معه آلاف من الجنيهات يا حسرة على العباد الذين يتصدقون بما فى جيوبهم عطفاً على متسولين يملكون عمارات وسيارات وأطياناً وأرصدة فى البنك.
حذرنى ذات مرة أحد أصدقائى أن امتنع أنا وغيرى عن إعطاء سيدة كانت تمارس التسول أى مبالغ لاكتشافه انها تمتلك عقارين وتشترى ثالثاً.
تحية لرجال الشرطة الذين يحاربون هذه الفئة الذين يسيئون لاسم مصر أمام الزائرين.