استنكر المجلس المصري للشئون الخارجية، العملية العسكرية التي بدأتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في إصرارٍ غريب ومستهجَن من قِبَل مجلس الحرب الإسرائيلي على مواصلة القتال، وذلك رغم موافقة حركة “حماس” على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار الذي تقدَّم به الوسطاء، والذي بذِلَت فيه جهودٌ مضنية للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل غزة.
وقال المجلس أن هذا التصرف يتسق والحملة الدموية الممنهجة والمتواصلة التي بدأتها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والتي تستهدف اقتحام مناطق القطاع، وتهجير سكانه نحو المجهول، بما في ذلك رفح، التي لاذ بها أكثر من مليون فلسطيني هربًا من الجرائم الإسرائيلية المُنكَرَة؛ وهو دليلٌ جديد – لا لبس فيه – على أن سلطات الاحتلال لا تتورَّع عن ارتكاب مزيدٍ من الجرائم والمجازر بحق مئات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء الذين سُلِبوا حريتهم وحقوقهم المشروعة في أرضهم، دون أدنى اعتبار لقيمة الإنسان وحقوقه وكرامته، وذلك بعد استشهاد نحو 35 ألف فلسطيني مدني أعزل، غالبيتهم من النساء والأطفال.
أكد المجلس أن هذا التصرف الإسرائيلي “غير المسئول”؛ سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، خاصة في ظل انعدام الملاذات الآمنة في أرجاء القطاع، بعد الدمار الهائل الذي تسبَّبت به آلة الحرب الإسرائيلية، مؤكدا رفضه القاطع لمواصلة قوات الاحتلال انتهاكاتها السافرة لقرارات الشرعية الدولية الداعية لوقف هذه المجازر، وانتهاكها للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي دون رادع؛ بما يفاقم من الأزمة الإنسانية، ويحدّ من جهود السلام الدولية.
وأشار إلى ضرورة بذل أقصى ما يمكن من جهود للتدخل فوراً لوقف عمليات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق المدنيّين العُزّل في الأراضي المحتلة، بما في ذلك في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد “العجز المُخزِي”، الذي أكَّد عدم قدرة مجلس الأمن الدولي على ممارسة واجباته للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ومعالجة القضايا الدولية المُلحَّة، لا سيما القضية الفلسطينية.
وأدان المجلس – بأشد العبارات – الدور الأمريكي في هذا العدوان، ودعم واشنطن الكامل لسلطة الاحتلال، لاسيما من خلال حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ومن ورائها الحلفاء الغربيين، على نحوٍ يعطي إسرائيل الحصانة والاستعلاء على قواعد القانون الدولي المعهودة، بل ويجعل تلك الدول تابعة لدولة الاحتلال، ويكشف سعيها لتحقيق مصالح سياسية تطغى على الضمير الإنساني وقيمه وتعصف بالسلم والأمن الإقليمي والدولي.
وفي هذا الصدد، أعرب المجلس عن تأييده للخطوات الساعية لإصلاح النظام الدولي المتداعي، ومجلس الأمن، لتحقيق عالم متعدد الأطراف، أكثر عدالةً وإنصافًا، ويحافظ على قيم السلام والأمن بحق، ويحترم قواعد الندِّية والمساواة في السيادة بين الدول دون استثناء.