كعادتنا فى كل أزمة وفى كل حدث يقع على أرض مصر ينتشر على صفحات التواصل الاجتماعى فتجد الجميع وقد تحول إلى خبراء ومتخصصين فى التحليل والفتوى والهجوم غير المبرر على أحد الأطراف دون علم بالحقائق أو الأسباب حتى يصل الأمر إلى مداه بشكل قد يكون له بالغ الأثر على المجتمع كله..
منذ أيام ظهر على صفحات التواصل الاجتماعى فيديو لضابط يضرب شابا اتضح فيما بعد أنه سايس يقف أمام نادى القضاة ومن ساعتها لم تنقطع التعليقات والتحليلات التى كانت فى مجملها ضد الضابط المفترى الذى يمثل الشرطة المصرية المفترية وضرورة عقابه وفصله من الخدمة إلى آخر تلك التعليقات التى كتبها خبراء الفيس وإكس رغم أن مقطع الفيديو لم يظهر فيه أى تفاصيل لبداية الواقعة ولم نعرف من الذى بدأ المشاجرة ولماذا وصل الضابط لهذه الدرجة من العصبية وضرب السايس..
القاسم المشترك الأكبر فى التعليقات كان هجوما على الضابط وقليل منها كان واقعيا فى الحديث عن ظاهرة انتشار مهنة السايس فى كل شبر من أرض مصر وتحصيل نقود مقابل لاشئ من كل مواطن يبحث عن مكان لسيارته.. وهنا وبعيداً عن واقعة الضابط والسايس التى انتهت بالاعتداء فلابد أن نفتح هذه القضية ودور السايس الآن.
القاسم المشترك الأعظم فى مهنة السايس أن أغلبهم بلطجية ومسـجلون وكل واحــد منهم يفـرض سـيطرته على مكــان معـين لا يجرؤ أى مواطن على وضع سيارته فيه دون دفع المقابل دون خدمة حقيقية تقدم له ودون أوراق وإن وجدت الأوراق فهى مجرد تذاكر وهمية لا تتبع أى جهة لتحصيل مبلغ لا يقل عن عشرين جنيهاً من كل سيارة وتزيد مع المدة التى تقضيها فى الانتظار بهذا المكان وغير مسموح لك بالنقاش أو الجدال وإلا فالعواقب وخيمة سواء بالضرب أو السب أو حتى بتكسير السيارة والعبث بها بشكل يجعل صاحبها يندم على عدم الدفع فى صمت ورضا بما يحدث!!
هنا لا أتحدث تحديدا عن واقعة الضابط فقد انتهى الموقف باعتذاره للسايس وانتهى الأمر لكن الأهم هو فتح الحديث عن بلطجة السياس فى جميع ربوع المحروسة بشكل يمثل تحديا للدولة واعتداء على الشوراع والسيطرة عليها بدون وجه حق وفرض السيطرة والبلطجة على المواطنين المصريين فى كل شوارع مصر..
والحقيقة أن الوضع ليس مقبولا بالمرة فليس هناك مايدعو لوقوف بلطجى مسجل فى الغالب ليحصل على إتاوة صريحة من مواطن يريد أن يركن سيارته فى الشارع فيجد من يطلب منه دفع مبلغ من المال مقابل وقوفه فى أمان دون الحصول على خدمة حقيقية أو مقابل .
وبما أن الأمر أصبح الآن على المشاع وأصبح متاحا للجميع أن يوجه اتهاماته دون معرفة الحقائق فقد أصبح لزاما على الدولة أن تضع حدا للفوضى المنتشرة فى الشارع المصرى فى ظاهرة اسمها السايس وأن يكون هناك تدخل واضح وصريح أمنيا وقانونيا لفرض سيادة القانون على الشارع مع وضع عقوبات صارمة على من يخالف هذه القوانين والتعليمات.. مع ضرورة تمسك المواطنين بحقهم فى عدم دفع الإتاوة لفئة بلطجية الشوارع..
مرة أخرى أكرر أن هذا الكلام ليس له علاقة بتفاصيل قصة الضابط والسايس وإن كانت هى سبب فتح الموضوع وليس دفاعا عن الضابط أو السايس بقدر ما هو توضيح لحقيقة مرة نعيشها جميعا فى شوراع مصر بجميع المحافظات.. فهل تتدخل الدولة لفرض سيطرتها على الشوارع وتعيد الحقيق للمواطم فى الشارع؟؟!!
سؤال أخير.. ماذا لو كان الذى اعتدى على السايس مواطنا عاديا ولكنه يستطيع أن يرفض بلطجة أى سايس فى أى مكان فى مصر.. هل كنا سنجد ردود الأفعال ضد هذا المواطن أم ضد السايس ؟؟ سؤال منطقى يحتاج لإجابة.