نعم مصر لا تحتاج شهادة، وشعبها دفع الثمن، ولا يقول رئيسها عبدالفتاح السيسى مثلما يفعل الآخرون، فى الغرف المغلقة كلام، وخارجها كلام آخر للاستهلاك الإعلامى والشعبوى.
> توقفت عند بيان الخارجية المصرية منذ أيام الذى ألمح قليلا للجهود الدبلوماسية الجبارة لإفشال المخطط الصهيو ـ أمريكى لتهجير الشعب الفلسطينى من بلده لقتل القضية الفلسطينية للأبد، يعنى معركة دبلوماسية مصرية شرسة للوقوف ضد حرب الإبادة بالتهجير بعد أن فشلت الإبادة بالقتل والتدمير!
والمسألة ليست بيان «طق حنك» كما يقول أهل الشام ولكن أعلنتها مصر ورئيسها من أول لحظة حين صمت الجميع، وتلكأوا، والشجاع منهم حاول إمساك العصا من المنتصف!!
يعنى قالتها مصر بجلاء «نرفض أى شكل من أشكال التهجير، سواء القسرى أو المزعوم بأنه «طوعى» من أجل ريفيرا ترامب على تراب غزة»!
ومنذ أيام حذرت مصر وللمرة المليون من المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، مؤكدة رفضها القاطع لأى مشاركة فى هذه المخططات التى اعتبرتها جريمة حرب وتمييزا عرقيا..
ودعت مصر كافة دول العالم إلى عدم التورط فيما وصفته بـ «الجريمة النكراء»، وحذرت من أن أى مشاركة فيها ستؤدى إلى تحمل مسئولية تاريخية وقانونية، لما تحمله من عواقب سياسية خطيرة على الصعيدين الإقليمى والدولى.
المهم أن ميادين الحرب الدبلوماسية وصلت إلى أروقة الدول التى تم التسريب بأنها ستكون الوجهة المحتملة لمن سيهجر «طوعيا «من الفلسطينيين، وتوقفوا معى عند المصطلح الهجرة «الطوعية» التى يستخدمه النتن ياهو رئيس الكيان الصهيونى وكأن قنابله وصواريخه التى سوت غزة بالأرض ودمرت الحجر قبل البشر كانت «بمب» العيد يتقاذفه اطفال غزة فى العيد!
المهم نجحت الحرب الدبلوماسية المصرية فى سد الوجهات المسرب أسماؤها لاستقبال المهجرين المحتملين بعد أن حذرت مصر وأكدت لهم عدم قبولها تهجير الفلسطينيين من أرضهم باعتبارها «إبادة» لشعب فى حالة حرب للدفاع عن أرضه، وهو ما تحميه القوانين والمواثيق الدولية.
ولم تكتف مصر بذلك بل استخدمت أدواتها الدبلوماسية وعلاقاتها التاريخية ورصيدها السياسى فى شرح أبعاد المخطط وأهدافه الحقيقية فى إقناع أندونيسيا وليبيا وجنوب السودان وصومال لاند بأن قبولهم وتنفيذهم للمخطط بمثابة مشاركة فى جريمة حرب.. والنتيجة «تطمينات» من هذه الدول بأنها لن تكون طرفاً فى أى مخطط من هذا النوع، بل وأعلنت أندونيسيا رفضها لمخطط التهجير من أساسه، وإعلان مماثل من جنوب السودان منذ أيام بنجاح الدبلوماسية المصرية.
كل هذه المعارك الدبلوماسية والحروب الشرسة.. ثم يقف بعض المرتزقة أمام بعض سفاراتنا ببعض شعارات صاغها الأعداء وحرقتها تكشف النجاح المصرى فى المعركة الذى كشفته بعض الصحف العالمية مثل اسوشتيدبرس وتناقلته الصحف العبرية قبل العربية منذ أيام عن الاتصالات المصرية الجادة منذ فترة ببعض الدول لقطع الطريق على المحاولات الصهيو ـ أمريكية لتهجير الفلسطنيين.
> يعنى التحرك المصرى لم يكن للشو والاستهلاك الشعبوى، لكن موقف حاسم وواضح، ورسالة للمجتمع الدولى بأن أى دولة ستشارك فى مثل هذا المشروع ستتحمل مسئولية قانونية وجنائية أمام المجتمع الدولى، باعتبار أن جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ملتزمة باتفاقيات جنيف لعام 1949 المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب وهى الأداة الرئيسية التى تجرم التهجير القسرى للمدنيين وتعتبره جريمة حرب، ذكرتهم مصر بأنهم وقعوا والتزموا بالمادة 49 التى تحظر بشكل صريح «عمليات النقل القسرى الجماعية أو الفردية، وكذلك ترحيل الأشخاص المحميين من الأراضى المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلى أى دولة أخرى، بغض النظر عن دوافعها». والاستثناء الوحيد المسموح به هو إذا كان النقل ضروريًا لسلامة السكان المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية قاهرة، وفى هذه الحالة، يجب أن يتم النقل داخل الأراضى المحتلة، ويجب إعادتهم إلى منازلهم بمجرد انتهاء الأسباب.
ذكرتهم مصر بالمادة 147 التى تعتبر «الترحيل أو النقل غير المشروع» للأشخاص المحميين كانتهاك جسيم لاتفاقية جنيف، وهو ما يجعلها جريمة حرب.. وذكرتهم مصر بقانون روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية الذى يجرم «ترحيل أو نقل كل أو جزء من سكان الأراضى المحتلة» كأحد الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف التى تُعَدّ جرائم حرب، بل وتصنفه من الجرائم ضد الإنسانية إذا تم ارتكابه كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجى ضد أى مجموعة سكانية مدنية.
طبعا قد يرى البعض ومعهم بعض الحق إن صوت الجهود الدبلوماسية قد يكون واهنا أمام جنون البلطجة الصهيونية المدعومة بالكاوبروى الأمريكى، لكن الرد بسيط: هناك قانون يجرم السرقة لكنه لم يمنعها، وهكذا، علينا دبلوماسيا أن نستفيد بقواعد القانون الدولى ومؤسساته التى تحرج هذه البلطجة وتطارده، وإذا كانت القوة والبلطجة هى المعيار الحاسم للسيادة والسيطرة: فبماذا تفسرون الانزعاج الصهيوأمريكى من محكمتى العدل والجنائية الدولية ضد بلطجتهم، وبماذا تفسرون الانزعاج والتهديد والشجب ضد الدول التى تعترف الآن بفلسطين كدولة وآخرهم فرنسا.. وقبلها بعض الدول الأوروبية، وبماذا تفسرون الانزعاج فى أروقة الأمم المتحدة الداعمة لحل الدولتين وفق حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس رغم الفيتو الصهيوأمريكى.
نعم تخوض مصر حرباً بمفردها على كافة الجبهات ومن أشرسها المعارك الدبلوماسية، التى بدأت سرية، وخرجت اليوم إلى العلن، وساحاتها كل العواصم المرشحة لاستضافة المهجّرين سواء فى أفريقيا أو شرق آسيا.. والمعركة المنتظرة بعد أسابيع فى أروقة الأمم المتحدة.
كل هذا والإخوان الأشاوس ينفذون مخطط الأعداء بدقة ولا يعرفون إن الخونة مصيرهم معروف، والخيانة ليست وجهة نظر وللأسف مازال بعض السذج يصدقونهم!!