في ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة، يشهد عالم الأعمال تحوُّلًا جذريًّا تقوده التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى إعادة تشكيل مفاهيم ريادة الأعمال التقليدية. لم يعد تأسيس المشروعات يعتمد فقط على الفكرة أو رأس المال، بل أصبح يتطلب فهمًا عميقًا لأدوات التسويق الرقمي، وتحليلًا دقيقًا للبيانات، واستثمارًا ذكيًّا في أدوات الذكاء الاصطناعي.
الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة في مجال الأنشطة الريادية المعتمدة على التكنولوجيا، وتتنوع هذه الجهود بين إطلاق منصات رقمية ومبادرات وإنشاء بيئة قانونية مناسبة، ومن أبرز تلك الجهود: تأسيس مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال، وإطلاق مبادرة رواد النيل عام 2019، والتي تهدف إلى تمكين الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في قطاعات التصنيع والزراعة والتحول الرقمي، من خلال توظيف أدوات متنوعة للابتكار.
وإطلاق مبادرة رواد مصر الرقمية: تتمثل أهداف المبادرة في تنمية مهارات الطلاب والخريجين في التقنيات الحديثة، وتوفير البيئة المناسبة لبدء الأعمال الخاصة للشباب على منصات العمل الحُر، وتأهيل الطلاب والخريجين للالتحاق بوظائف مميزة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتوفر المبادرة مسارات تقنية متعددة تشمل الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأمن السيبراني، والأنظمة المدمجة، وتطوير البرمجيات، إلى جانب مسارات مهنية في الريادة الرقمية، والتفكير التصميمي، ومهارات العمل الحُر، والتفاوض، والتواصل باللغة الإنجليزية، بما يعزز من الكفاءات التقنية والاحترافية للمشاركين.
إضافة إلى إطلاق منصة الابتكار المفتوح في مجال المدن الذكية في 2022، وتُقام هذه المنصة بالتعاون بين هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، إلى جانب مشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتهدف المنصة إلى دعم نمو ريادة الأعمال والشركات الناشئة، وترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي رائد للابتكار الريادي.
ريادة الأعمال الرقمية تُعَد من أبرز الاتجاهات الحديثة التي تُسهم في تحفيز الابتكار ودفع عجلة الاقتصاد الرقمي العالمي؛ فهي تُمكِّن الأفراد من تحويل أفكارهم إلى مشروعات حقيقية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتفتح آفاقًا واسعة للوصول إلى أسواق جديدة بكفاءة وسرعة، ورغم ما تحمله من فرص كبيرة، فإن ريادة الأعمال الرقمية تواجه تحديات لا يمكن تجاهلها، لذلك فإن دعم هذا القطاع يتطلب تكامل الجهود بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، والقطاع الخاص من أجل توفير بيئة رقمية آمنة، وتعزيز ثقافة الابتكار، وتطوير المهارات الرقمية؛ مما يُسهم في بناء مستقبل اقتصادي أكثر استدامة ومرونة.