تكرس الحكومة فى الوقت الراهن كل إمكاناتها من أجل تطوير منظومة التعليم فى مصر، خاصة التعليم الفنى والجامعى والبحث، لتحقيق تنمية حقيقية فى كل المجالات الحياتية، منها الزراعية والصناعية وغير ذلك، من أجل تحقيق الرقى لوطننا العزيز.
كانت مصر بلداً زراعياً ومازالت وستظل بإذن الله تعالى بفضل قيادتها الرشيدة وبجهود أبنائها البررة ونهر النيل الخالد الذى لا يموت أبداً وسيظل شريان الحياة لهذا الشعب الأصيل حتى ولو كره الحاقدون.. تحقيق هذه التنمية لا تكون إلا من خلال تعليم جيد وتخطيط سليم يواكب العصر لتحقيق الاكتفاء الذاتى لأبناء هذا الوطن فى ظل التحديات العالمية التى تحيط بنا من كل جانب، وكذلك لمواجهة الزيادة السكانية المطردة التى تلتهم التنمية أولاً بأول.
تحتضن مصر على أرضها 172 مدرسة زراعية على مساحة 3 آلاف فـدان بواقع 17 فداناً لكل مدرسة موزعة على كل محافظات القطر، تتبع هذه المدارس وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى.. أظن أن هذا العدد مناسب وكاف، ولكن مساحة المزارع لا تتناسب وعدد الدارسين، فى حين تحتضن وزارة التعليم العالى نحو 37 كلية زراعية حكومية وخاصة تخرج نحو 14 ألف مهندس سنوياً فى تخصصات مختلفة تقترب من 20 تخصصاً مثل البساتين والخضر والإنتاج الحيوانى والداجنى والألبان والإرشاد الزراعى وغير ذلك من الأقسام.
على المقابل يتبع وزارة الزراعـة 16 معهـداً بحثيـاً و10 معامل مركزية و23 إدارة تجارب و19 محطة بحوث.. كل هذا الكم الهائل من المدارس الفنية والكليات ومراكز الأبحاث تخدم قطاع الزراعة فى مصر وما يتبعه من لحوم حمراء وبيضاء وألبان وعسل وخضروات وفاكهة، بالإضافة إلى كليات الطب البيطرى فى كل جامعات مصر.
لديِّ سؤال يطرح نفسه، مفاده أن هذه الكيانات التعليمية والبحثية تحتاج الاستفادة من منشآتها الحالية، على أن يتم نقلها إلى الظهير الصحراوى لكل محافظة على أن تخصص الحكومة مساحة 500 فدان لكل مدرسة أو كلية أو مركز بحثى، بحيث تكون هذه المقار وسط المزارع والبساتين وحظائر العجول والجاموس والأغنام والماعز والدواجن والمناحل ومصانع الألبان والأعلاف، ليتمكن الدارسون من ممارسة التدريبات بشكل جيد ومناسب ولتحقيق اقتصاديات مناسبة لهذه الكيانات.
الأمر بحاجة ماسة إلى تنسيق من رئيس الحكومة بين وزارات التربية والتعليم والتعليم الفنى، والتعليم العالى، والزراعة والتنمية المحلية، من أجل دراسة هذه الفكرة التى يمكنها تحقيق تنمية شاملة لكل مدرسة وكلية ومركز بحثى وللمجتمع ككل.
معظم كليات الزراعة أصبحت بلا مزارع، نظراً لأن معظمها كانت مستأجرة وعادت لأصحابها بأحكام قضائية وتم البناء عليها، وبعض الكليات مساحة مزارعها غير كافية لتدريب الدارسين، حتى أن بعض الكليات فى قسم الحيوان لم يوجد لديها حيوان واحد للدراسة أو الأبحاث والبعض لديها عدد لا يمكن ذكره والدراسة النظرية فى الكليات العملية أمر غير مقبول.
هل من المعقول لطلاب بعض كليات الزراعة أن يدرسوا بالقاهرة ومزرعتهم بمدينة السادات أو فى بعض الأقاليم؟!