محاولة لخلق واقع جديد على الأرض.. والعالم فشل فى وقف عدوانها الغاشم
توقعات بموقف أمريكى يُحمل حماس مسئولية فشل المفاوضات
صعدت قوات الاحتلال الاسرائيلى من هجماتها على مدينة رفح الفلسطينية أمس، وركزت قصفها على شرق المدينة، وعملت على إخلائها من السكان الذين نزحوا اليها للتحرك فى اتجاه مناطق الإيواء فى خان يونس ودير البلح ومنطقة المواصي.
المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية قال فى تقرير نشره أمس إن هذا التصعيد الخطير من الجانب الاسرائيلى يهدد مسار مفاوضات التهدئة، ويخلق واقعاً جديداً على الأرض، تمتد أثاره اقليميا ودوليا ، وتعد بمثابة إعلان محتمل عن بدء عملية اجتياح رفح بشكل فعلي.
ويأتى رفض نتنياهو وإسرائيل للمقترحات التى تم عرضها خلال مفاوضات الهدنة الأخيرة حول أن تشمل صفقة الأسرى والهدنة أى التزام إسرائيل بإنهاء الحرب، بل والتأكيد أن عملية رفح ستتم سواء تم التوصل لاتفاق أم لا. وكان هناك إجماع على هدف الاجتياح فى مجلس الحرب والكابينيت الإسرائيلى وداخل كل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية, على عملية اجتياح رفح، والتباين فقط بينهم كان حول البدء فى العملية الآن أم تأجيلها لحين الوصول لصفقة لتحرير الرهائن.
وبحسب التقرير، فإن الشارع الإسرائيلى لا يرفض اجتياح رفح باستثناء أسر الرهائن»، واستكمال عملية تدمير حماس، بقدر ما كان هناك انقسام فقط حول التوقيت وألا تهدد حياة الأسرى والرهائن لدى حماس. كذلك فإن كل مراكز الأبحاث والتفكير الاستراتيجية فى إسرائيل تعاطت مع هذا الهدف كأمر واقع لا يمكن الهروب منه أو التنازل عنه لاستعادة عامل الردع الذى انهار فعليا مع هجوم 7 أكتوبر، وهو ما يستدعى اجتياح رفح لضمان إنهاء القدرات العسكرية لحماس بصورة لا يمكنها ولا باقى الفصائل من شن هجوم آخر على إسرائيل أو تهديد مستوطنات غلاف غزة مرة أخري.
ووفقاً التقرير المركز فإن إسرائيل رغم عدوانها الغاشم وغير المسبوق وسقوط هذا العدد الهائل من الضحايا والتدمير الممنهج لكل سبل القطاع فى غزة، لم ينجح المجتمع الدولى فى وقفها نتيجة للغطاء والدعم الأمريكى الذى لا يزال يوفر لها الحماية. كما أن إسرائيل تنظر لعملية رفح وهدف القضاء على حماس فى سياق مواجهاتها مع إيران. وتعلم يقينا أن تراجعها عن هدف القضاء على حماس لن يعنى سوى اضعاف موقفها الاستراتيجى فى الإقليم فى مواجهة إيران وأذرعها المسلحة فى الإقليم.
وعلى صعيد التداعيات الدولية المحتملة لعملية رفح ، وبمقدمتها الداخل الأمريكي، رصد التقرير تطورات تحرك الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن واشنطن عملت بقوة على إنجاح الجولة الأخيرة من مفاوضات صفقة تبادل الأسرى وتحقيق وقف لإطلاق النار وأرسلت إدارة بايدن بلينكن ومؤخرا خلال اليومين الماضيين مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرينز الذى زار القاهرة وموجود الآن فى الدوحة حتى اليوم الثلاثاء ، فى محاولة للوصول لاتفاق تحتاجه بالفعل إدارة بايدن لأسباب داخلية واقليمية خاصة باستراتيجيتها فى الشرق الأوسط.
وتوقع المركز أن عملية رفح ـ حال اتساعها ـ ستكون مقترنة بموقف رسمى أمريكى واضح بتحميل حماس المسئولية الكاملة عن عدم التوصل لاتفاق حول صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين، وفشل مفاوضات الوساطة الحالية ستحمله إدارة بايدن لحماس وستربطه بهجوم حماس على كرم أبو سالم.
وحال تأثر عملية انفاذ المساعدات عبر معبرى رفح وكرم أبو سالم، توقع المركز أن تصعد الإدارة الأمريكية من خطابها وتحركاتها حول نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى داخل غزة عبر معبر إيريز الإسرائيلي، خاصة وأن الرصيف البحرى الذى أنشأه البنتاجون على سواحل غزة قد أعلن عن نقله لميناء أشدود لمخاوف من إمكانية استهدافه.
وعلى المستوى الشعبى داخل الولايات المتحدة ، توقع التقرير اتساع دائرة تظاهرات الطلبة فى الجامعات الأمريكية، وستمثل عامل ضغط أكبر على إدارة بايدن، وقد تدفع فى لحظة أو مرحلة ما الإدارة الأمريكية بالضغط بقوة على نتنياهو لوقف إطلاق النار والقبول بصفقة لتبادل الأسرى وتحقيق وقف نار مستدام لكن سيتوقف ذلك على شكل العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأرض.
وبحسب تقرير المركز، روج نتنياهو فى كل نقاشاته مع الأمريكيين، أن عملية رفح قد تستغرق أسابيع فقط لكن عمليا على الأرض سيسعى لإطالة أمد هذه العملية لتصل إلى شهور.
وستتزامن مع عملية رفح، استمرار التظاهرات فى الداخل الإسرائيلى من أسر الأسرى والمحتجزين، فى مسعى منهم للمطالبة بوقف هذه العملية لحماية حياة ذويهم. فيما ستسعى القوات الإسرائيلية مدعومة بالمعلومات الاستخباراتية من الشاباك والموساد وبتعاون مع الأمريكيين للوصول لأماكن الأسرى والمحتجزين، بجانب الوصول لقيادات حماس وبالأخص يحيى السنوار ، وهو ما سيشكل انتصاراً كبيراً لنتنياهو يحسن من وضعه السياسي. وقد تنجح إسرائيل بالفعل فى تفكيك الـ «4» كتائب التابعة لحماس فى رفح، لكن قواتها على الأرض ستكون فى مواجهات على الأرض مع مجموعات ومسلحى الفصائل المختلفة. وسيشرع سلاح المهندسين فى الجيش الإسرائيلى فى تدمير عدد من الأنفاق.
وتوقع المركز أن تكتفى القوى الأوروبية والصين وروسيا والمنظمات الأممية بالتنديد والتحذير من خطورة عملية رفح على إمكانية اتساع رقعة الصراع. وستطرح مرة أخرى فى مجلس الأمن مشروعات قرارات للمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار يكون ملزما وفقا للفصل السابع، لكن ستعمل واشنطن على تعطيلها، أو التباحث حولها وفقا لنتاج العملية العسكرية على الأرض ووفقا لردود فعل هذه العملية على الداخل الأمريكي.
ومن المرجح أن تكثف القوى الأوروبية من اتصالاتها مع إيران لمنع أى تصعيد، وستكثف فرنسا تحديدا من اتصالاتها وجهودها الجارية بالفعل لخفض التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
وستزيد الأصوات الأوروبية المطالبة بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خاصة مع وجود مؤشرات تؤكد أن عدداً من الدول الأوروبية بصدد الإعلان عن اعترافها بالدولة الفلسطينية كـ «إسبانيا – النرويج – سلوفينيا – أيرلندا – مالطا – بلجيكا – فرنسا.
وبحسب تقرير المركز المصرى للفكر والدراسات، ستدفع إيران أذرعها فى لبنان والعراق واليمن لتصعيد هجماتهم على إسرائيل والمصالح الأمريكية، بهدف تخفيف الضغط عن حماس، خاصة أن الهجمات لم تتوقف خلال الأيام الماضية.