دخلت الاندية الجماهيرية فى صراع غير متكافئ مع الأندية الاستثمارية التى تتمتع بموارد مالية مستقرة ومتجددة تنعش خزينتها وتحقق لها التقدم المالى وبالتالى عقد الصفقات والاستحواذ على أفضل العناصر من اللاعبين مما يضمن لها التفوق على الأندية الجماهيرية فى المباريات.
حاولت الأندية الجماهيرية أن تسبق وتستحوذ على الصفقات من اللاعبين المتميزين لتحافظ على مكانتها فى الدورى العام وإرضاء وإسعاد الجماهير قدر الامكان لكنها غرقت فى ديون وعجز فى الميزانية أرهق قوتها وإدارتها ودخلت فى حلقة مفرغة لا تعرف كيف تخرج منها، باستثناء الأهلى والزمالك، اللذين تمكنا من الابتعاد من هذه الازمات بفضل دعم بعض رجال الاعمال بالإضافة لتتويجهم بالبطولات القارية.
السؤال ما السبيل وأين الطريق للخروج من هذا النفق المظلم؟
يقول الكابتن محمد عمر عضو مجلس النواب وقائد الاتحاد السكندرى الأسبق والمنتخب القومى إن الاندية الجماهيرية والشعبية لديها قاعدة وأسس وبنية تحتية أقوى من الأندية الاستثمارية ونقصد بالبنية التحتية هنا قطاع الناشئين والجميع يعرف أن قطاع الناشئين فى مصر هو أفضل القطاعات على مستوى المنطقة كلها ويجب الاستفادة من هذا القطاع على الوجه الأمثل ليعوض الأندية الشعبية والجماهيرية عن التعاقدات الموسمية التى تفوق القدرات المالية للنادى .. لو تم تصعيد اثنين من الناشئين كل موسم بعد 3 أو 4 مواسم سيكون لدينا قوام لفريق من أبناء النادى بمعدل أعمار صغيرة وهذا يحقق الاستقرار المستقبلى للفريق كما أن قطاع الناشئين فى حد ذاته استثمار على المدى البعيد للأندية الجماهيرية لأنها هى المدرسة التى تتميز بالخبرة و المنهج فى إعداد اللاعبين للمستقبل.
أشار عمر إلى أنه يجب أن يتم تصعيد الناشئين من خلال رؤية فنية مدروسة وتحديد أنسب الأوقات للدفع بهم فى المباريات حتى يضمن المدير الفنى للناشئ قبول و دعم الجماهير له مما يمهد الطريق أمامه للنجاح.
أضاف عمر أن المشكلة تكمن فى أن الأندية الشعبية عليها ضغط جماهيرى كبير من أجل تحقيق الفوز بينما والدفع بالناشئين يحتاج صبرا فمثلا نادى إنبى خلال المواسم السابقة دفع بعدد كبير من الناشئين وخلال هذه المرحلة لم تكن النتائج مرضية والآن يحتل الفريق مركزا متقدما فى الدورى ومنافس قوى على التواجد فى المربع الذهبي.
يرى المهندس طارق السيد عضو مجلس النواب والرئيس السابق للنادى الأوليمبى ولاعب الفريق الأول لكرة القدم ومنتخب مصر فى الثمانينات.. أن الدورى المصرى فقد أندية شعبية كثيرة منذ بداية فترة التسعينات مثل الترسانة والمنصورة والمريخ البورسعيدى وجمهورية شبين الكوم والسويس ودمياط ودمنهور وطنطا والأوليمبى وأسوان والمنيا وسوهاج بسبب دخول عدد من أندية الشركات والمؤسسات والتى استطاعت بمواردها أن يكون لها الأفضلية والتفوق وأن تحتل مكان هذه الأندية الشعبية فى الدورى العام.
أضاف أن أندية المؤسسات تراجعت الآن ودخل مكانها الأندية الاستثمارية مثل سيراميكا كليوباترا وزد وبيراميدز والجونة وفيوتشر.. والمشكلة أن القوانين واللوائح والإجراءات منحت هذه الأندية تسهيلات وامتيازات فى حين عندما تم تعديل قانون الرياضة لم تتم مراعاة الأندية الجماهيرية ومنحها أى تسهيلات من أجل أن تعدل وضعها المالي» .
أضاف طارق أن أى مستثمر من الأسهل له أن ينشئ شركة كرة ويشترى لاعبين حتى يصعد إلى الدورى الممتاز وسيكون الامر بالنسبة له أكثر مرونة و سهولة. أما إذا أرادت أحد الأندية الجماهيرية إنشاء شركة للكرة ستجد هناك الكثير من التعقيدات فى البنود والمواد فى اللوائح والقانون.
أشار إلى أن أى مستثمر يبتعد عن الدخول فى شراكة مع أى ناد جماهيرى وشعبى لأنه بكل بساطة لن يكون له أى مساحة فى اتخاذ القرار فى شركة الكرة لهذا النادى لأن القانون حدد نسبة المستثمر بـ49 ٪ فى الشركة فمثلا إذا اختار المستثمر مديرا فنيا للفريق لا يتم إبرام العقد معه إلا بعد موافقة مجلس إدارة النادي.
الامر الثانى أنه لابد من وضع سقف لقيمة انتقالات اللاعبين التى تحولت إلى مضاربة ونسمع الآن عن أرقام فلكية لا تتناسب مع امكانيات وقدرات اللاعبين ولا تتناسب مع استثمارات الدورى المصرى بل إنها تتخطى قيمة وأسعار لاعبين فى مسابقات فى دول أخرى استثماراتها فى الكرة بالمليارات.
يقول المحاسب وليد عرفات، رئيس نادى سموحة السابق، إنه لابد من إعادة النظر فى نظام احتراف اللاعبين الأجانب لأنه أضر بالكرة المصرية ولم نستفد منه أى شيء حتى الآن وأدى الى زيادة مصروفات الأندية وخاصة الجماهيرية وكان له تأثير سلبى كبير فى تنمية المواهب وهدم طموح اللاعبين فى قطاع الناشئين الجدد وإذا نظرنا أن أحد المراكز المهمة فى الملعب هو «رأس الحربة» سنجد أن 90 ٪ ممن يلعبون فى هذا المركز أجانب وأفارقة.
يشير عرفات إلى أن الاستعانة باللاعبين الجدد فى قطاع الناشئين سيكون متعبا فى البداية ولكنه سيحقق نتائج جيدة وسيكون استثمار يعود بالربح على الأندية الجماهيرية التى يجب عليها ألا تستمع إلى طلبات السماسرة وبالتالى تستنزف قدراتها المالية مع مرور الوقت.. حيث يجب التفكير فى طريق آخر عبر ضم لاعبين مميزين بأسعار معقولة يمتلكون الموهبة ولديهم الشغف لتحقيق النجاح.