الخبراء: تعميق التصنيع وزيادة مراحل الإنتاج يعزز تنافسية المنتج الوطنى
لا يختلف أحد على ما تمتلكه مصر من مقومات اقتصادية ضخمة تجعلها مؤهلة لتصبح دولة صناعية كبيرة فى الاقليم، لكن على مدى عقود لم يتم استثمار هذه القدرات ولم يفكر أحد فى تحويل مصر من مجرد دولة تصدر المواد الخام إلى دولة تصنع وتصدر التوجه الذى تحقق خلال السنوات الماضية تحت شعار توطين الصناعة وزيادة الانتاج فتح الباب واسعا أمام طريق تحقيق الحلم ليس فقط فى توفير احتياجات السوق المصرى من الانتاج المحلى وإنما أيضاً زيادة الصادرات المصرية فى طريق تحقيق حلم الـ 145 مليار دولار.
الرؤية الاستراتيجية للدولة فى هذا الملف واضحة والمبادرات تعمل بقوة وفى مقدمتها مبادرة »إبدأ« التى تستهدف ليس فقط دعم توطين الصناعة وتوسيع المصانع وانما أيضاً حل مشاكل كل المصانع المتعثرة، لكن الطريق مازال طويلا ويتطلب المزيد من العهد ليس فقط من الدولة وانما أيضاً من القطاع الخاص.
الخبير الاقتصادى الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب يري إن مصر تمتلك إمكانيات هائلة لتصبح قوة صناعية إقليمية، من خلال الاستفادة من مواردها الطبيعية والبشرية المتنوعة، وتطوير بنيتها التحتية، وتعزيز قدراتها التنافسية.
فمصر لديها ميزة تنافسية فى العديد من المجالات، ومنها المجالات الزراعية التى يمكن من خلالها تحويل المنتجات الزراعية الى منتجات صناعية وعدم تصديرها كمنتجات خام فى صورتها الأولية، بما يحقق قيمة مضافة لهذه المنتجات من خلال مراحل التصنيع المختلفة.
وشدد على أهمية العمل على رفع مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج القومى الإجمالى من 16 ٪ حاليا إلى 35 ٪ خلال السنوات الخمس القادمة، من خلال دعم الصناعات الاستخراجية والتحويلية، وتشجيع الاستثمار فى قطاعات صناعية واعدة مثل صناعة السيارات الكهربائية.
أوضح أن مصر تمتلك العديد من المعايير العالمية للتنافسية، مثل توفر الطاقة والمواد الخام، ووفرة الأيدى العاملة المدربة، وانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بالدول الصناعية.
عبدالمطلب يرى أن التحدى الأساسى يكمن فى ضعف ثقافة التصدير لدى بعض المصنعين المصريين، الذين يفضلون التركيز على السوق المحلي، ودعا إلى إعادة إحياء نموذج المناطق الاقتصادية الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، وتقديم المزيد من الحوافز للمصنعين لتصدير منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية.
أشار إلى أن مصر تمتلك كل المقومات لتصبح قوة صناعية إقليمية، لكن ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهود من قبل الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز قدرات الصناعة المصرية وتشجيع التصدير.
الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى يؤكد أن مصر تسير فى مسار .. وأوضح متزن لتحقيق التوازن بين بناء صناعات استراتيجية تلبى احتياجات السوق المحلى وبين بناء صناعات موجهة للتصدير، من خلال تقديم حوافز قوية لجذب رجال الأعمال والمستثمرين إلى القطاع الصناعي.
وأضاف أن مصر نجحت فى تهيئة البنية التحتية اللازمة لنمو القطاع الصناعي، كما انخرطت فى العديد من التكتلات الاقتصادية الخارجية مثل الكوميسا واتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، ولديها اتفاقيات تجارية مع الدول العربية والاتحاد الأوروبى وتركيا وغيرها.
كماأن مصر قامت خلال الفترة الأخيرة بتقديم الدعم لتعميق الصناعات المحلية من خلال مبادرات مثل مبادرة «إبدأ» العملاقة التى تهدف إلى تعزيز تنافسية المنتجات المصرية، وتمتلك مقومات صناعية قوية ولكنها بحاجة إلى تعميق التصنيع.
يرى جاب الله أن التحدى الأساسى يكمن فى شريحة الصناع أنفسهم، حيث أن نسبة رجال الأعمال فى القطاع الصناعى الذين لديهم القدرة على زيادة أحجام أعمالهم محدودة، كما أن نسبة رجال الأعمال فى القطاعات الأخري، مثل قطاع الخدمات والعقارات، الذين لديهم رغبة وقدرة على التحول نحو الاستثمار فى القطاع الصناعى ليست كبيرة.
ولذلك يأتى دور مبادرة مثل »إبدأ« ليدعم هؤلاء فى تحقيق تطوير وتوسيع لمشروعاتهم لصالح الاقتصاد المصرى وهو ما حدث فعلاً فى مئات المشروعات الجديدة ومنها ما تم افتتاحه خلال احتفالات عيد العمال.
يشير جاب الله أن مصر بحاجة إلى تحديد شريحة مستهدفة من المستثمرين فى القطاعات الخدمية والعقارية وغيرها من القطاعات لكى تشجعهم على الاستثمار فى القطاع الصناعي، من خلال تقديم التدريب والبيانات والمعلومات وكل ما يساعدهم على اتخاذ قرار الاستثمار فى هذا المجال.