لم أندهش من السياسة التحريرية التى تنتهجها مجلة «فورين بوليسى» عند تناولها للشأن المصرى أو تغطيتها لقضية يتم فيها الإشارة إلى مصر من قريب أو بعيد,فالمجلة الأمريكية اتخذت خطا عدائيا للدولة المصرية ومؤسساتها منذ 30 يونيه 2013 وعلى مدار العشر سنوات الماضية خصصت مساحات واسعة من صفحاتها وعلى موقعها الإلكترونى لقيادات تنظيم الإخوان الإرهابى من الهاربين إلى الخارج والمطلوب القبض عليهم لتنفيذ أحكام قضائية والأسماء كثيرة لكن ما أدهشنى حقا هو من استخدمته المجلة هذه المرة فى هجومها على الدولة المصرية فالكاتب ليس عنصرا إخوانيا ولا ناشطا هاربا!! وإنما مسئولة أممية!! أتحدث عن المقال الذى نشرته المجلة الثلاثاء الماضى للاسترالية أليس جيل إدواردز، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتعذيب وكان عنوانه»مصر ملزمة بالسماح للاجئى غزة بالدخول».
على خلاف المنطق وبعكس تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة وغالبية المنظمات,وبدلا من أن تتحدث المسئولة الأممية عن الوضع الإنسانى المتردى جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة وتدعو بشكل أو بآخر المجتمع الدولى للاضطلاع بمسؤولياته تجاه الحل السياسى وحق الفلسطينيى نفى إقامة دولتهم المستقلة؛ سعت المسؤولة الأممية فى مقالها إلى التقليل من حجم الجرائم التى ترتكبها القوات الإسرائيلية فى قطاع غزة والترويج لسيناريو التهجير القسرى المشبوه، ومحاولة إيجاد مخارج قانونية لضرورة استقبال مصر والدول المجاورة للفلسطينيين، الذين تعمدت وصفهم باللاجئين وهو ما يكشف أن المقصد هو تصفية القضية الفلسطينية,برغم التحذيرات الإقليمية والدولية من هذا السيناريو.
فى صياغة «ركيكة» قدمت أليس جيل مجموعة من السقطات والتناقضات الواضحة على شكل سطور أدق ما توصف به أنها وصلة من التحيز الفج، للأجندة الإسرائيلية الخاصة باليمين المتطرف وعلى طريقة الشيء وعكسه قالت أن لدى مصر والأردن تخوفات من مخاطر تهجير الفلسطينيين، لكنها فى الوقت نفسه اعتبرت هذه التخوفات ورفض استقبال اللاجئين الفلسطينيين مخالفة للقانون الإنسانى الدولى والقانون الخاص باللاجئين! وعلى طريقة نتنياهوا قالت إن تخوفات مصر من عبور مسلحين من غزة إلى سيناء يمكن معالجتها بإقامة نقاط فحص وتفتيش ومن ثم «لا مشكلة» فليحدث التهجير!
نشر المقال فى اليوم الذى أعلن فيه نتنياهو أنه ماض قدما لاجتياح رفح الفلسطينية سواء بصفقة رهائن أو بدون,وبلغة السياسة لايمكننا تغافل هذا التزامن.
كأى زبون تستكتبه فورين بوليسى من مطاريد الإخوان استندت أليس جيل للشائعات التى روج لها الإخوان خلال الشهور الماضية وتزعم كذباً أن مصر تبنى منطقة متاخمة لغزة لاستقبال اللاجئين.
أخيرا: نتحدث كثيرا عن انتهاء صلاحية الأمم المتحدة ونعلل بهيمنة «الفيتو»وعدم مناسبة الميثاق –الذى وضع قبل منتصف القرن العشرين بقليل– لعصرنا الحالي,ونسينا سببا آخر يساهم فى إضعاف المنظمة وهو وجود مسئول أممى من نوع «أليس جيل».