وُلد «تيودور هيرتزل « فى العاصمة المجرية بودابست ، والتحق بإحدى المدارس الدينية كى يصبح حاخامًا يهوديا لكنه لم يندمج ولم يتفاعل مع الأمر فتحول الى دراسة القانون وكان خارق الذكاء والوعى فحصل على الدكتوراه وهو فى سن الرابعة والعشرين من عمره ، وكان مشغولا بالبحث عن مخرج لأزمة اليهود المشتتين فى بقاع الارض ، فألف كتابا أسماه الدولة الصهيونية طرح فيه عدة أفكار لم تكن مطروحة من قبل ، مثل عدم جدوى محاولات وخطط إدماج اليهود فى المجتمعات الاوروبية والتحول الى فكرة «إقامة وطن قومى ودولة لليهود « قوبلت هذه الأفكار بالهجوم الشديد والسخرية على شخصية هيرتزل نفسه خاصة من الحاخامات والبارونات بحجة أن تعاليم التوراة تؤكد أن اليهود محكوم عليهم بالتيه فى الارض منذ زمن يوشع ابن نون ، ورغم تلك المعارضات لم يصبه اليأس أو الاحباط ، فدعا الى مؤتمر يشرح ويسوق فيه أفكاره وكتابه حول حلم إقامة الوطن اليهودى ، وعقد أول مؤتمر فى مدينة بازل السويسرية يوم 29 أغسطس عام 1897، وكان شعار المؤتمر «العودة الى صهيون» وترجع كلمة صهيون الى جبل فى مدينة القدس ، وبدأ كلمته الحماسية بهذه العبارة التاريخية «وقت اليهود قد حان» وأنهى خطبته بالعبارة التالية «أتحدث إليكم كقائد وزعيم وليس كصحفى وهذه الليلة نحن نعلن عن تأسيس دولة إسرائيل « وفى هذه الأثناء استوقفته امرأة يهودية تجلس فى الصف الاول وقالت له أن تقول دولة اسرائيل فهذا رائع ، لكن أين علم هذه الدولة ؟ وألقت قطعة قماش بيضاء على المنصة فالتقطها هيرتزل ورسم فى منتصفها نجمة داوود ، فبادرته نفس المرأة وقالت لكن أين النيل والفرات ؟؟ فقام برسم خطين فوق النجمة وأسفلها باللون الازرق ، كان هذا المؤتمر هو حجر الاساس لقيام دولة اسرائيل ، ثم بدأت المباحثات حول مكان اقامة هذا الوطن ، فعرضت خيارات متعددة منها الارجنتين واوغندا وفلسطين وسيناء ، وبالنسبة لسبب اختيار اليهود لسيناء لتكون وطنا لهم ، جاء فى مذكرات اللورد كرومر والتى ترجمها الاستاذ كامل زهيرى فى كتابه «النيل فى خطر» أن هيرتزل قال «نريد توسيع المسافة – الحاجز الذى يربط مسلمى افريقيا بمسلمى آسيا من خلال وجودنا فى سيناء « ثم تقدم اليهود بطلب الى بريطانيا لتأجير شبه جزيرة سيناء لمدة 99 سنة ليتم توطين اليهود فيها تحت اسم مستعمرة ، وطلبوا ان تكون حدود المستعمرة من فلسطين شرقا الى القناة وخليج السويس غربا ومن شاطئ البحر المتوسط شمالا الى خط عرض 29 جنوبا فى نهاية مساقط مياه وادى العريش ومرتفعات التيه ، وهذا الخط يمتد من أبو زنيمة على خليج السويس الى نويبع على خليج العقبة ،ويبقى المثلث الجنوبى «جنوب سيناء» لا يحق للحكومة المصرية التصرف فيه إلا بموافقة الادارة الصهيونية للمستعمرة !! ثم تلتزم الحكومة المصرية بتوصيل مياه النيل الى سيناء من ترعة الاسماعيلية ، وجرى تشكيل لجنة مكونة من وزير المستعمرات البريطانى جوزيف تشمبرلين واللورد كرومر ورئيس الوزراء المصرى بطرس غالى لدراسة تنفيذ الخطة اليهودية لاقامة الوطن اليهودى فى سيناء ،ثم عقدت اللجنة فى الفترة من 11 الى 25 مارس 1930 لدراسة المقترحات لكن وكيل وزارة الاشغال رد على هذه المقترحات يوم 5 مايو 1930 رافضا بشدة هذه المقترحات وأوضح ان نقل المياه الى سيناء سيؤثر على الزراعة المصرية خاصة محصول القطن الذى كانت بريطانيا تعتمد عليه ، فى هذه الاثناء كانت بريطانيا تواجه عدة مشكلات داخل اوروبا وكذلك مستعمراتها فى الهند وامام الرفض العنيف لوكيل وزارة الاشغال جمدت بريطانيا المشروع مؤقتا ، حتى وُلد وعد بلفور الذى أسس للنكبة التى نعيشها حتى الآن ، لكن هل انتهت أحلام وخطط اليهود والصهاينة تجاه سيناء؟ وهل نسى اليهود الخطين السفلى والعلوى لنجمة داوود؟ هل نسى هؤلاء حلم إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات؟!