هل سألت نفسك يوماً لماذا تنظر بإبهار للغرب وتندهش بشدة عندما تطأ قدمك الأراضى الأوروبية من فرط نظافة ونظام الشوارع والانضباط الخيالى فى اشارات المرور دون وجود شرطى واحد.. والحركة الديناميكية للبشر فى الشوارع.. فلا تجد مثلا من يقف على ناصية شارع أو يسير بلا هدى ولا وجهة.. هل توقفت لحظة أمام التقدم المذهل فى شتى مناحى الحياة فى الغرب.. بينما سائر المنطقة غير ذلك.. ندفع الملايين لهم من أجل استيراد سيارة أو قطعة تكنولوجية ولم نفكر لحظة فى أن نكون نحن من يصنعها.. هل فكرت لحظة فى أن نكون نحن من يعمل وينتج وليس من يدفع ويستهلك.
هل قرأت تاريخك لتدرك ان البعثات الأوروبية كانت تأتى لجامعة القاهرة لتدرس فيها وتتزود من العلم والحضارة.. هل طالعت ان أوروبا فى عصر الظلام كانت تتعلم الحضارة والنظام والسلوك الحضارى فى التعامل «فن الاتيكيت الآن» من المجتمعات الاسلامية.. وكانت دول الفتح الاسلامى أكثر تقدما وتحضرا من دول الغرب.. وكانت القاهرة فى عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم من أجمل عواصم العالم.. وكان الاقتصاد المصرى أعلى من بريطانيا.
>>>
كيف إذن أخذوا السبق والتقدم.. بينما نحن لسنا كذلك تعلموا وعملوا.. فالعلم والعمل هما سلاح القوة والتقدم.. الكل يعمل ومن لا يعمل لا يعيش.. الصغير والكبير يعمل ويربح.. ومن لا يعمل لا يجد مأكله ولا مشربه.. ولم تعط الدولة فرصة لمن يقول «هشتغل ايه؟» «مش لاقي» الذى لم يتعلم وهو غير موجود أهلته لمهنة يدوية حتى لو نظافة مبنى أو نظافة شارع أو دهان عقار أو غسل أطباق.. المهم انه لا يوجد من لا يعمل.. التعداد السكانى لكل دولة هم نفس القوة المنتجة.. العمل مقدس كالعلم والصغير والكبير يدرك ان الحياة هى العمل والانضباط والالتزام والأمانة.. ولا مكان فى أى عمل حتى لو كان «مطعم أو مقهي» إلا للملتزم الأمين الذى يتقن عمله بغير اهمال.. ويؤدى مهمته بأمانة وانضباط.. عملوا ونجحوا.. وانتجوا وربحوا.. وصنعوا وتفوقوا.. فكانت أوروبا المتقدمة فى كل شيء.. أخذوا عنا كل مفيد وتطوروا.. والآن شركات جوجل وتويتر وفيسبوك واليوتيوب تربح المليارات.. بينما نحن طوال الليل والنهار على مواقع التواصل الاجتماعى نهمل عملنا ومذاكرتنا وننقطع عن العالم حولنا.. ففى المنزل لم يعد أحد يسمع للآخر ولا ينظر إليه.. ومُنكب ليل نهار على شاشة المحمول.
تعلم الصغار ألعاب الببجى والألعاب الخطرة والعنف ولهث الجميع وراء «التريند» ليربح آلاف الدولارات.. خلعت النساء ملابسهن خلف كاميرات المحمول ليحققن المشاهدات و»التريند» وتربح آلاف الدولارات.. وسرت عدوى الخلاعة والتعرى لتصل الريف والقرى فتلك تطعم البط عارية وأخرى ترتب حجرتها بالشورت الساخن.. ضاعت القيم والمبادئ.. خسرنا كثيرا بينما ربحت الشركات المليارات.. هم يصنعون ويتقدمون ونحن نستهلك ونمضى نحو السقوط فى الهاوية.. لا نستوعب الدرس ولا نتعلم حتى كانت الجريمة الكارثة.. فيتم ذبح طفل شبرا وإخراج أحشائه ليصور فيديو يرسله لمن أوهمه «بالتريند» والخمسة ملايين جنيه.. كارثة تستحق الوقوف والدراسة ووضع التشريعات اللازمة لحماية المجتمع وردع من يرتكبون مثل هذه الجريمة حتى لو كان حدثاً.. ولابد من تغيير قانون الطفل فمن يغتصب ويقتل ويمثل بالجثة ويمزقها ليس حدثاً وانما مجرم يستحق الاعدام دون ابطاء!!
>>>
ليس جديدا أن نقول ان القضية الفلسطينية من أولويات الأجندة السياسية المصرية وانها قضيتها الأولي.. ومن قبيل التكرار أن نرصد التضحيات الكبيرة لمصر فى مرحلة الكفاح من أجل فلسطين بدءا من حرب سنة 1948 وحتى نصر السادس من أكتوبر سنة 1973 والدعم المادى والمعنوى من الدولة المصرية على مدار تاريخها لأبناء الشعب الفلسطيني.. ويخطئ ألف مرة من يتصور ان الجهود المصرية فى دعم الأشقاء قاصرة على المساعدات الاغاثية الانسانية والسعى الحثيث لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية وحصول الشعب الفلسطينى على كافة حقوقه المشروعة.. ولكن هناك جانبًا شعبيًا عظيمًا يجسد التلاحم والنسيج الواحد والمصير المشترك ووحدة العروبة والدم.. لا يقل قيمة ولا تضحية ولا شهامة عن دور الدولة المصرية.. هناك جانب شعبى وإنسانى يستحق أن يسطره التاريخ بحروف من ذهب فى سجل وحدة النسيج العربي.. وقيمة مصر أم الدنيا وبيت العرب الكبير.. فالملايين من أنحاء العالم شاهدت الطبيبة المصرية فى قلب غزة وهى تجرى منحنية تتفادى رصاص القناصة الاسرائيليين لتنقذ مصابا فلسطينيا أصابته رصاصات قناصة غادرة جبانة وهو فى خيمته.. وبالأمس يضرب جراح العظام الشهير الدكتور أحمد عبدالعزيز المثل فى شجاعة وتضحية المصريين من أجل أشقائهم الفلسطينيين.. أغلق عيادته وذهب إلى غزة يعالج ويداوى ويجرى أكثر من 30 جراحة عظام للمصابين من الأشقاء… انها نماذج من آلاف النماذج المصرية التى تضحى دوماً من أجل الأشقاء فى أرض فلسطين.