نعيش طيلة حياتنا ما بين اختيارات وبناء على تلك الاختيارات تأتى القرارات وأنت وحدك من تتحمل نتيجة ذلك وتدفع ثمن اختياراتك وقراراتك، نتساءل دوما: الإنسان مصيَّر أم مخيَّر؟! فعندما يندم الإنسان على قراراته يبدأ بالقول بأن الإنسان مصيَّر! ولكن فى الحقيقة نحن مخيرون طيلة الوقت حتى ما كان مصيريًا بالأمس فأصبح اليوم مخيريًا، فالإنسان من الممكن أن يغير اسمه ولونه وشكله ومن الممكن أن يغير أيضا البيئة التى نشأ بها، فالإنسان مخير طيلة حياته فحينما يأتى الموت ينتهى الاختيار.
ولكن عندما نختار يجب أن نتحمل نتائج ذلك الاختيار ولا نلقى خطأ الاختيار على شماعة الظروف والنصيب، فالإنسان مُخير فى حدود ما كُلف به ومُسير فيما عدا ذلك، فالله سبحانه وتعالى آياته كلها تخيير للانسان، فقال تعالي: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَي»، فالإنسان مخير، وخياره فى ملايين الموضوعات خيار قبول أو رفض، اى الإنسان له حرية الاختيار واتخاذ القرار ولكن عليه أن يتحمل نتيجة قراره واختياره.
حياتك كمسلسل وبطلها الوحيد أنت، وفى الحقيقة كل شخص منّا يتعرض فى كل وقت، كل لحظة، كل مكان، كل زمان للاختيار، ما بين الخير والشر، الحلال والحرام، الثبات على المبادئ ام التخلى عنها، فأنت المسئول الوحيد عن اختياراتك فى الحياة واختيار الطريق الذى تريد أن تسلكه.
فكل شيء يحدث فى هذه الحياة لسبب ما، قد نجهله فى الوقت ذاته ولكن حتمًا سيعلمه البعض ولو بعد حين، فنحن فى الحقيقة مخيرون فيما نعلم مسيّرون فيما لا نعلم، والله سبحانه وتعالى يهب لنا منحًا ونعمًا طول الوقت متمثلة فى أشياء وأشخاص، وهناك من يختار أن يغتنم تلك الفرص ويحافظ عليها وهناك من يضيعها ويندم عليها، ولقاؤنا بالأشخاص ليس صدفة بل قدرًا مقدرًا من الله سبحانه وتعالي، فحينما نلتقى بأشخاص سيئين الله يريد أن يعلمنا درسًا من خلالهم ويريد أن يصلح ما فينا من عيوب عن طريقهم، فاللقاء قدر ولكن بإرادتنا أن نختار وأن نحتفظ بهؤلاء للمستقبل ام تنتهى علاقتنا بهم فور انتهاء الدرس، فهناك من يلتقى بإنسان ويعطيه الله سبحانه وتعالى رسائل وعلامات فى بداية الطريق ولكن يتجاهلها ويختار بإرادته أن يكمل ظناً منه أن العلاقة ستتحسن أو يجدها كما يرغب فهذا قرار بناء على الاختيار هنا يتحمل الإنسان نتائج ذلك الاختيار والقرار الذى نتج عنه، وهناك انسان يلتقى بشخص قدر ولكن ينسحب فور انتهاء الدرس فقد قرر النجاة من ذلك الاختيار.
فالفرق بين الشخص الناجح فى حياته العاطفية والعملية هو اتقان فن الاختيار ومعرفة اختيار الوقت المناسب أو استخدام الظرف الزمني، متى يبدأ ومتى ينتهي، متى يتكلم ومتى يصمت، متى يستمر ومتى ينسحب؟، فكل دقيقة فى اتخاذ القرار تفرق فى مصير إنسان، فهناك قرارات يجب أن تتخذ فى وقت مبكر لأنها ستكون قرارات فردية وهناك قرارات الانسحاب منها فى وقت متأخر يترتب عليها مصير جماعى كأسرة بأكملها وليس قراراً فردياً يخص الشخص ذاته، فتمعنوا فى الاختيار فما الحياة إلا اختيار ومن ثم قرار.