إوعوا تتصورا إن إحنا ممكن نقوم بدور سلبى تجاه أشقائنا الفلسطينيين.. إحنا لينا دور محترم وشريف ومخلص وأمين متغيرش ومش هيتغير.. هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى بكلمات صريحة وحاسمة ليجدد موقف مصر التاريخى والراسخ من القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن البوصلة لا تنحرف، وأن المبدأ لا يساوم.
فمنذ السابع من أكتوبر، ومصر لا تنتظر دعوة ولا تبحث عن تصفيق، بل انخرطت فورًا وبلا تردد فى دعم الفلسطينيين إنسانيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، ومهما حاول المشككون التشويش أو التقليل، فإن الوقائع على الأرض، والسجلات الرسمية،وشهادات المنظمات الدولية، تؤكد أن مصر قدمت وحدها قرابة 80٪ من إجمالى المساعدات الإنسانية التى دخلت قطاع غزة منذ اندلاع العدوان.
لا تصريحات صاخبة، ولا مزايدات إعلامية، بل أفعال صامتة تحمل فى طياتها النُبل والالتزام.. كانت قوافل المساعدات المصرية الأولى التى تحركت، وكانت الطائرات المصرية أول من أسقطت الإمدادات جوًا فى المناطق التى عجز العالم عن الوصول إليها برًا، حين كانت المعابر تغلق والصمت الدولى يطبق.
بكل تأكيد الدولة المصرية لم ترفع شعارات، بل حملت صناديق الإغاثة على أكتاف جنودها، وسلكت كل طريق ممكن لإنقاذ الجرحى وإيصال الدواء والغذاء دون أن تنتظر شكرًا أو تتوقع عرفانًا.. لم تغلق معبرًا فى وجه مصاب، ولم تساوم على قطرة دم، ولم تستثمر فى الألم الفلسطيني، بل واجهت كل الابتزازات والمزايدات بحكمة ورزانة وثبات.
ودعونى أتساءل.. من الذى فتح مستشفياته لاستقبال المصابين؟
من الذى رفض التهجير القسرى والتطهير العرقي؟
من الذى وقف فى المحافل الدولية مدافعًا عن الحق الفلسطيني؟
من الذى لم يضع ثمنًا سياسيًا أو أمنيًا مقابل دعمه؟
إنها مصر.. كانت ولا تزال، الرئة التى يتنفس منها قطاع غزة حين يشتدّ الخناق.
من الطبيعى أن تغضب الشعوب، وأن ترفع صوتها فى وجه القهر والظلم، لكن ما ليس مقبولًا هو أن يختلق عداء مع مصر وكأنها جزء من المشكلة لا من الحل.. هذه مغالطة كبرى يدفع ثمنها الأبرياء وتخدم حسابات لا علاقة لها بتحرير الأرض ولا بكرامة الإنسان.
الحقيقة الثابتة أن مصر كانت دائمًا حائط الصد الأخير، ولولا مواقفها المتزنة لكانت الأمور قد ذهبت إلى المجهول..فهل يعقل أن يكون الهجوم موجهًا إلى الدولة الوحيدة التى ما زالت تمارس دورًا متوازنًا وفاعلاً رغم تعقيدات المشهد؟
على حركة «حماس»، بصفتها فصيلاً فلسطينيًا يتحمل مسئولية تاريخية أن تقوم بمراجعة شجاعة، لا فقط لمواقفها الإعلامية، بل لطبيعة علاقتها مع مصر.. فالقضية الفلسطينية أكبر من الشعارات، وأكبر من أى فصيل، ولا تحتمل هذه المراهقات السياسية التى تربك المشهد وتمنح العدو ما عجز عن تحقيقه بالحرب.
فى خلفية هذا المشهد تقف مصر شامخة، تفعل حين يصمت الآخرون، وتتحمل حين يهرب الجميع من المسئولية.. ورغم الحملات الممنهجة والتشويش المتعمد، ما زالت مصر تغيث وتداوى وتفاوض وتوازن.
رسالتى للجميع.. لقد أثبتت التجربة أن الشعب المصرى حين يلتف حول دولته، يصبح حصنًا منيعًا، لا تنفذ إليه المؤامرات، ولا تفت فيه سهام التشكيك.
مصر لا ترد على الإساءة بإساءة.. لا تقطع مساعداتها لأن جهة ما هاجمتها.. لا تنسحب من دورها لأن هناك من خان الثقة.
لأن مصر ببساطة لا تنتظر تصفيقًا ولا تخشى تشويهًا.. هى تدرك أن التاريخ وحده هو من يحكم.. وهو سيكتب «كما كتب من قبل»أن مصر، يوم اشتدت المحنة، لم تتخل، بل كانت الحاضرة الكبرى فى ساحة الغياب العربي.