إذا كنا فى حاجة شديدة إلى تجديد الخطاب الدينى دون المساس بالثوابت بسبب حالة الفوضى والعنف والتجارة بالدين حتى وصلنا إلى ذروة الخطر فى فوضى الفتاوى و«أحاديث الإفك» التى يروجها تجار الدين والدخلاء على الحديث باسمه وفاقدى الأهلية حتى وصلنا إلى حروب الإرهاب والميليشيات التى ترفع زوراً راية الدين واختلط على الناس المفهوم الصحيح للدين وأصبح بعض الشباب عرضة لاختطاف العقول.. لكن فى ذات الوقت نحن فى حاجة إلى تجديد الخطاب التربوى والإنسانى على صعيد المجتمع المحلى وتجديد الخطاب الإنسانى الدولى على المستوى العالمى.. فقد باتت الأمور والأحداث تتجه نحو المزيد من الدموية والبربرية والوحشية بلا رحمة.. وقد يتجاوز الوصف (حياة الغاب).. فالغابة تحكمها على الأقل قوانين القوة ولكننا أصبحنا نعيش حياة اللامبدأ واللاقانون واللارحمة واللاإنسانية فى عالم يتقاتل ويتصارع ويتطاحن ويتآمر ويكذب بلا خجل أو رحمة.
فى هذا العالم الذى تتصاعد فيه الصراعات والنزاعات والمؤامرات والمخططات والاستقطاب والإرهاب والقتل والحرائق فى مناطق شتى فى العالم وإسقاط دول وتشريد شعوب وحروب إبادة وحصار وتجويع وقتل دون رحمة للأطفال والنساء واستخدام مفرط للأسلحة الفتاكة ليس فى حروب نظامية بل جيوش نظامية تمتلك الأسلحة الفتاكة تستهدف المدنيين الأبرياء العزل دون احترام لأى قوانين ومبادئ إنسانية.
باتت مشاهد القتل والذبح وسفك الدماء وجرائم الإرهاب وأشلاء الأطفال والنساء والمقابر الجماعية واقتتال الشعوب مألوفة ومتاحة وتذاع على الهواء مباشرة أو تستطيع مشاهدتها على الإنترنت والسوشيال ميديا فى عالم خفى تجد فيه كل أنواع الجريمة والتجرد من الإنسانية والاباحية بل وطقوس الشيطان وهو ما يشير إلى غزو ثقافى وهدم لكل الثوابت.. ونسف لكل محاولات التربية والتنشئة والسلوكيات الحميدة والأخلاق الفاضلة.. فالحرام ورجس الشيطان والتلاعب فى العقول وتزييف الوعى أصبح سهلاً الوصول إليه فى ظل هذا التطور التكنولوجى الهائل.. وحجم ما يتعرض له الأطفال الذين لديهم عقول ونوايا بريئة.. ومساحات فارغة من الوعى.. يمكن لوسائل الشر ان تملأها بأخلاقيات وسلوكيات وعادات من صنع الشيطان ولمصلحة قوى بعينها.. لذلك فى ظل هذه المعطيات وهذا التطور الهائل وسرعة وسهولة الوصول إلى الأطفال والشباب من خلال (موبايل) صغير يحملونه عليه كل ما يستهدف حشو العقول بثقافة الغاب والشهوانية ونزعات القتل والتلذذ بالدماء.. ناهيك عن مخالفة فطرة المولي- عز وجل- فى ظل وجود قوى شيطانية تسعى لترويج وترسيخ المثلية والشذوذ فى مجتمعات ترسخت فيها القيم والفضائل وتعاليم الأديان السماوية.. باختصار نعيش حرباً أو حروباً جديدة على العقول ومحاولات هدم التربية والتنشئة الصحيحة والقويمة من أجل بناء عالم بلا مبادئ أو ثوابت أو رحمة أو إنسانية.
فى حادث «شبرا» دون تفاصيل لم تكن فيه التكنولوجيا هى البطل أو السبب الرئيسى.. ولكن سوء التربية والتنشئة الكاملة بالمفهوم الشامل أسرياً ومدرسياً وجامعياً ودينياً وثقافياً وإنسانياً هى المسئول الأول.. فلو كانت هناك عمليات تحصين حقيقية.. يمكن للإنسان أن يرفض ما يتنافى مع ثوابته ومبادئه وطريقة تربيته ودينه.. فما يمنع إقدام الإنسان على ارتكاب جريمة السرقة والقتل أو الحرام بصفة عامة.. هى التربية ومنظومة الأخلاق من هنا نحن فى حاجة إلى تجديد الخطاب التربوى من الأساس.. والعودة من جديد إلى طبيعة الشخصية المصرية.. هذا التجديد يجب ألا يفتقد للجدية.. أو مجرد ذكر عناوين عملنا وفعلنا ولكن له نتائج على أرض الواقع.. ومحصلة نراها ونلمسها فى ممارسات على أرض الواقع وداخل المجتمع.. لا نكتفى فيها بالتربية النظرية ولكن بالاحتكاك بالواقع.. واختبار هذه التربية ومنظومة الأخلاقيات.. لابد ان نقضى على الانتهازية والأنانية ولابد ان توجد صيغة لابعاد أطفالنا وأبنائنا عن جرائم العنف والقتل التى أصبحت مألوفة.. لابد أيضاً من تجديد الخطاب الأسرى ودوره فى التربية الصحيحة التى تتناسب مع طبيعة العصر وأيضاً تجديد الخطاب التعليمى.. مدرسة وجامعة وان يكون هناك متابعة حقيقية وجادة لمحصلة ونتائج عملية التعليم.
وللحديث بقية.
تحيا مصر