ليس كل ما يعرف يقال.. ولكن أليس من الصواب أن تتحدث بعض الجهات فى الدولة عن المخططات التى ترسم لضرب الاستقرار فى مصر وتوريط القوات المسلحة فى حرب ضروس الهدف منها استنزاف الجيش وإخراجه من معادلة التصدى للأطماع الصهيونية فى المنطقة.. أيضا أليس من الصالح العام أن يعرف المواطنون أبعاد المؤامرات التى تحاك ضد بلدهم والدول والجهات التى تقف خلفها.. ثم أخيرا أليس من الضرورة الوطنية أن يتفق المصريون على أن بلدهم أمام تحد جديد أكثر ضراوة وخطورة من أحداث يناير 2011 وما خلفته من كارثة وصول جماعة الإخوان الإرهابية للحكم واستسلامها لأفكار استعمارية كادت تعصف بالدولة المصرية لولا ثورة 30 يونيو 2013 وتغييب الجماعة الإرهابية عن المشهد نهائيا.
>>>
لقد كشفت الأحداث الراهنة فى بعض دول المنطقة.. خطورة أن يتصدر المشهد جماعات دينية متطرفة أو تنظيمات إرهابية يتم استخدامها وفق مخططات استعمارية محددة.. وقد كان مرسوما لجماعة الإخوان الإرهابية فى حال استمرارها فى حكم مصر أن تتنازل عن مساحة كبيرة من سيناء لتكون وطناً بديلاً لسكان غزة وأن تتم تصفية القضية الفلسطينية نهائيا.. واستكمال تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى أو إسرائيل من النيل للفرات.. غير أن فشل الجماعة الإرهابية فى مصر أرجأ تنفيذ هذا المخطط بعض الوقت فيما أعيد طرحه هذه الأيام بعد حرب الإبادة فى غزة و بعد تلقى اليهود كافة أشكال الدعم الغربية وبعد تقويض أذرعة إيران فى المنطقة.. وإسقاط جيوش سوريا وليبيا والعراق والسودان.. فى خطوات متتالية لتنفيذ المخطط الصهيونى التوسعى وكل مخططات تقسيم المنطقة والتى لم يوقفها حتى هذه اللحظة إلا مصر وجيشها الوطنى العظيم وقوة إرادة الأمة المصرية.
>>>
من هذا المنطلق تتكشف العديد من الأمور بما فيها التضييق على مصر اقتصاديا ومحاصرتها بأزمات إقليمية من جميع الاتجاهات فى غزة وفلسطين فى الاتجاه الشمالى الشرقى وفى السودان بالجنوب وفى ليبيا بالحدود الغربية ثم هذا التوتر الحاصل فى البحر الأحمر والتحرش بمصر مائيا عبر السد الأثيوبى، فضلا عن التوترات المستمرة التى تتعمدها إسرائيل فى سوريا ولبنان وأحيانا فى اليمن والعراق وكلها لوضع مصر فى دائرة اضطرابات لا تهدأ وحروب لا تتوقف وتؤثر بالسلب على الأمن القومى.. لاسيما بعد مجىء ملايين اللاجئين إلى مصر ومقاسمة المصريين فرص العمل والسكن والعلاج والتعليم.. والأخطر إمكانية استخدام البعض منهم فى الإضرار بمصر واستغلالهم فى نقل المعلومات ونشر الأمراض الاجتماعية بين أوساط الشباب وصغار السن.
>>>
لقد جاءت مشاهد التظاهر أمام السفارات المصرية فى بعض الدول العربية والأجنبية صادمة ومؤلمة لكل المصريين لأنهم أدركوا أنها استكمال لكل ما سبق وإنها من فعل جماعة الإخوان الإرهابية والجهات الاستخباراتية الداعمة لها، ولأن هذه المظاهرات تدخل فى نطاق الضغط على مصر بسبب رفضها تهجير سكان غزة إلى سيناء كذلك لإصرار مصر على عدم تصفية القضية الفلسطينية.. اللافت للنظر هنا أن منظمى المظاهرات أمام سفارات مصر لم ينظموا مثيلتها أمام السفارات الإسرائيلية ولم يهاجموا نتنياهو ولا عصابته الدموية التى تدير حرب إبادة ضد سكان قطاع غزة.. اللافت أيضا هو هذا التكثيف الهجومى على مصر بما فيه تنظيم مظاهرات فى الخارج والتهديد بتنفيذ عمليات إرهابية فى الداخل.. علاوة على شن حملات إعلامية مشبوهة على مدى 24 ساعة للتشكيك فى إنجازات مصر، وكلها سلوكيات تعيد للذاكرة سيناريوهات 25 يناير 2011 وما أسفرت عنه من واقع مؤلم نعانى منه حتى الآن.
>>>
الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته للعالم حول غزة الاثنين الماضى تحدث عن جوهر الأزمة وهو العدوان الإسرائيلى وفرض الاحتلال الحصار على القطاع وتجويع سكانه بغرض إجبارهم على التهجير وغلق ملف القضية الفلسطينية، فى إشارة إلى أن السبب الحقيقى فى مجاعة غزة هو الجانب الإسرائيلى الذى يمنع دخول المساعدات من المعابر المصرية وغير المصرية.. المثير للغبطة والثقة أن الرئيس السيسى فى كلمته عن غزة لم يشر إلى ما يفعله أعداء مصر من تجييش وتحريض ضدها فى سلوكيات ومخططات معروف أسبابها وأهدافها.. ولكنه اتجه فــورا إلى أقصــر طــرق لحـــل الأزمة وهى «وقف الحــرب وإدخـــال المســاعدات وتحريــر الرهـــائن».. أيضـا خاطـب الرئيس السيسى من يملكون الحل والتأثير على إسرائيل.. موجها فى هذ الصدد نداء عاجلا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى.. كما وجه نداء شخصيا إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسرعة التدخل لأنه قادر على إيقاف الحرب وإدخال المساعدات وأنه قد حان الوقت لتحقيق ذلك.
>>>
فى الأخير.. فإن الشعب المصرى يدرك تماما أن بلاده فعلت كل ما بوسعها لإنقاذ غزة وأن صوت مصر هو الوحيد الذى يتردد فى أروقة الدبلوماسية العالمية لتحقيق هذه الهدف.. ومن ثم فإن ما يصدر عن أعداء مصر والمتربصين بها فهو «كالزبد يذهب جفاء»، وستبقى مصر دائما مرفوعة الرأس والرايات رغم كل المخططات والمؤامرات.