مازال البعض يشكك فى انتصار فلسطين فى حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على غزة؟
ومع ذلك اذا سايرنا من يشكك فى انتصار فلسطين، يكون السؤال وهل انتصرت إسرائيل؟
أعتقد إن مؤشر الهزيمة الأكبر سيشير الى الجانب الإسرائيلى.. كيف؟
الإجابة ببساطة إن القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر 2023 كانت قد استقرت فى الثلاجة، ولا أقول ماتت ، لأن قضايا الشعوب لا تموت، المهم بعد حرب الإبادة التى تمارسها إسرائيل وكشفت عن وجهه الحقيقى، حصل الفلسطينيون على التعاطف الشعبى العالمى بشكل أذهل إسرائيل، وأصبحت المظاهرات المؤيدة لحق الشعب الفلسطينى فى الحياة، والادانة العالمية لإسرائيل الارهابية تطاردها فى كل مكان، ولم يعد أحد يصدق آلة الدعاية الصهيونية التى حاولت عبر سنين الصاق تهمة الإرهاب بالشعب الفلسطينى.
من المنتصر.. إذن؟!
– ما فعلته إسرائيل طوال 70 عاما ذهب مع الريح، وظهر الوجه القبيح للصهيونية بعد 7 أكتوبر لكن القرار الفرنسى الذى جاء على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون بالاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر القادم هى أحد ثمار الانتصار للشعب الفلسطينى الذى دفع ثمنه دما ودمارا وتشريدا فى غزة.
ولمن يشكك فى انتصار غزة عليه أن يراقب رد الفعل الغاضب لإسرائيل على الخطوة الفرنسية التى سيتبعها خطوات ربما من بريطانيا والمانيا وكندا ودول أخرى.
صحيح هناك نحو 143 دولة اعترفت من بين 198 دولة لكن اعتراف فرنسا الآن بعد إسبانيا وأيرلندا، يؤكد الانتصار الذى جاء ثمنا لدم أكثر من 200 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح من بين نحو 2.2 مليون بطل، صحيح الثمن غال لكن مهر الحرية هكذا!!
لكن الخطوة التاريخية الفرنسية التى طال انتظارها، تمثل تحولاً مهمًا فى السياسة الفرنسية تجاه القضية الفلسطينية، وتأتى فى ظل تزايد الضغوط الدولية، الشعبية والرسمية الذى ترجم مؤخرا بتزايد الاتجاه بالاعتراف الدولى بدولة فلسطين.
وأعتقد إن زيارة ماكرون الأخيرة لمصر منذ شهور قليلة وذهابه لمعبر رفح واللقاء مع الجرحى الفلسطينيين الذين استقبلتهم مصر للعلاج واستماعه لهم مباشرة عن حرب الإبادة التى تعرضوا لها من البربرية الصهيونية فى وطنهم المحتل شكلت قراره الجرىء.
واذا كانت إسرائيل ترفض الاعتراف بحل الدولتين، رغم إنه ضد الحقيقة» بأن فلسطين كاملة للشعب الفلسطينى وعلى من اتى من خارجها العوده من حيث جاء، لكن مسايرة الاتجاه الفرنسى ومعه بعض الآراء العربية وبعض القوى الدولية بالحل الوسط بحل الدولتين كسبيل لإنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والرفض الإسرائيلى يفضح النية الصهيونية فى التوسع، فهى لا تقنع بفلسطين فقط ولكنها تسعى لاقامة إسرائيل الكبرى على أجزاء من دول عربية محيطة!!
المهم ان القرار الفرنسى يذكرنا بموقف باريس الداعم للقضية عندما صوتت لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة عام 2012، ورفعت مستوى التمثيل الدبلوماسى للبعثة الفلسطينية فى باريس.
والإعلان الفرنسى فى أعقاب اعتراف عدد من الدول الأوروبية الأخرى مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا بدولة فلسطين، يأتى ضمن «الفلفصة» الأوروبية من قبضة الكاوبوى الأمريكى ويشكل زخمًا دوليًا متزايدًا نحو هذا الاعتراف.. نعم الأوضاع فى غزة والضفة الغربية كارثة إنسانية، لكن من رحم الظلمة يولد بصيص النور!
ولأننا نعيش عصر الكوميديا السوداء يكون رد الفعل الإسرائيلى الغاضب والحاد من فرنسا واسبانيا وايرلندا.. لماذا؟.. لأن الاعتراف هو «مكافأة للإرهاب» و«هدية لحماس».. وباعتبار أن ما تفعله على الهواء مباشرة أمام العالم منذ شهور ليس إرهابا منظما لكيان محتل، وحرب ابادة لا تسقط بالتقادم، وسيأتى يوم يحاسب عليها هذا الكيان، ومن سانده على هذه المجازر!!
ولان إيران لابد ان تكون حاضرة، تربط تل أبيب بين هذه الاعترافات الدولية بفلسطين بأنها ستؤدى لضعف إسرائيل، ويعزز نفوذ إيران فى المنطقة.. تخيلوا..!
المهم ان «البلطجة» لا تخجل، ولكن تهدد بمزيد من البلطجة بفرض مزيد من السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات ردًا على هذه الخطوة الفرنسية.
وبعيدا عن المزاعم الإسرائيلية ومع التقدير لهذه الخطوات الدولية فلا أمل إلا المقاومة، لأن مثل هذه الخطوات الدبلوماسية والسياسية رغم أهميتها على صعيدها، ودلالاتها على التعاطف الدولى بالضغط على إسرائيل، لكن لن تؤدى الى دولة فلسطينية ، لأن الكيان الصهيونى لا يعترف الا بالقوة، وفى نفس الوقت محمى بـ»الفيتو» الامريكي!!
وأدلل على ذلك، رغم أنه لا يحتاج الى دليل، هذه الاعترافات الدولية لن تقيم دولة فلسطينية، بل لن تحصل حتى على العضوية الكاملة فى الامم المتحدة.. لماذا؟
لأنه للأسف، لا يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تمنح العضوية الكاملة لدولة ما دون المرور بمجلس الأمن.. وهذا هو الإجراء المنصوص عليه بوضوح فى ميثاق الأمم المتحدة.
والمرور بمجلس الأمن يعنى الاصطدام بالفيتو الامريكى، يعنى ستتكسر الجهود الدولية على عتبته، وحتى لو وافقت كل دول العالم فلن تحصل فلسطين على العضوية الكاملة الا بموافقة تسعة أصوات على الأقل من أعضاء مجلس الأمن الـ15، وبشرط عدم استخدام أى من الأعضاء الدائمين الخمسة
حق النقض (الفيتو).
ألم أقل لكم لن نحصل على حقنا الا بالقوة، نعم هذه هى اللغة التى يفهمونها!!