في إطار الأنشطة العلمية التي يحرص معهد تيودور بلهارس للأبحاث على تنظيمها لدعم منظومة البحث العلمي وتطوير مهارات الباحثين، وتحت رعاية الأستاذ الدكتور أحمد عبد العزيز، القائم بأعمال مدير المعهد، نظم المعهد محاضرة بعنوان: “التميز رغم الضغوط: المرونة النفسية في رحلة الباحث العلمي“، قدمتها الدكتورة شيماء شاكر، الباحثة بقسم الطفيليات بالمعهد والطبيب النفسي ومدربة الصحة النفسية. تناولت المحاضرة أهمية تعزيز الصحة النفسية والمرونة العاطفية لدى الباحثين في ظل التحديات المهنية التي تواجههم خلال مسيرتهم العلمية.
استعرضت الدكتورة شيماء خلال اللقاء مجموعة من المحاور الهامة بأسلوب تفاعلي شيق، حيث سلطت الضوء على البعد النفسي في مسيرة الباحث من خلال طرح أسئلة تمس الواقع اليومي للدارسين والمهتمين بالبحث العلمي، وقامت بتحليلها ومناقشتها بهدف الوصول إلى إجابات تحفيزية وداعمة. شملت المحاور كيفية الحفاظ على المرونة النفسية في مواجهة التحديات اليومية والضغوط الأكاديمية، والآليات الفعالة للتعامل مع التوتر والإجهاد دون التأثير على جودة الإنتاج العلمي، بالإضافة إلى الاستراتيجيات التي تساعد الباحث على الاستمرار والتقدم والتميز حتى في أصعب المواقف. وأكدت على أن التميز العلمي لا ينفصل عن التوازن النفسي، وأن التميز لم يعد مرهونًا بالمعرفة فقط، بل بالقدرة على الصمود والازدهار تحت الضغط.
لم تقتصر المحاضرة على الجانب الأكاديمي فحسب، بل أكدت على أن الصحة النفسية تشكل ركيزة أساسية في استمرار العطاء، وتحقيق الإنجاز، والحفاظ على التوازن، ليس فقط في مسيرة الباحث، بل في الحياة الإنسانية عمومًا. فالاهتمام بالجانب النفسي يعد مفتاحًا لتعزيز القدرة على الصمود والتأقلم مع الضغوط، ومواصلة السعي نحو الأهداف رغم التحديات. من هنا، جاءت الدعوة إلى إعادة الاعتبار للبعد النفسي كعنصر جوهري لا يقل أهمية عن الجوانب العلمية والمنهجية في حياة الإنسان والباحث على حد سواء.
شهدت الفعالية حضورًا مميزًا وتفاعلاً لافتًا من الباحثين، الذين أثروا النقاش بعدد من الأسئلة والمداخلات البناءة، ما يعكس الوعي المتزايد بأهمية الصحة النفسية في بيئة العمل الأكاديمي، واهتمام الباحثين بتعزيز جوانب التوازن النفسي جنبًا إلى جنب مع التطور العلمي.
وفي تصريح له، أكد الأستاذ الدكتور أحمد عبد العزيز، مدير المعهد، أهمية تنظيم مثل هذه اللقاءات في ظل تسارع وتيرة البحث العلمي وتزايد التحديات النفسية والمهنية التي يواجهها الباحثون. وأضاف أن المعهد يحرص دائمًا على تهيئة بيئة محفزة للباحثين من خلال تنظيم المحاضرات والندوات التي تثري المعرفة وتفتح آفاقًا جديدة أمام العملية البحثية. فالبحث العلمي ليس مجرد مسار أكاديمي، بل هو تجربة إنسانية متكاملة، تتطلب دعمًا نفسيًا ومهنيًا متوازنًا. ومن هذا المنطلق، تلتزم المؤسسات البحثية بدعم الباحثين نفسيًا كما تدعمهم علميًا وأكاديميًا.
تأتي هذه المحاضرة ضمن سلسلة من الفعاليات التي يسعى المعهد إلى تنظيمها بهدف تعزيز التواصل المعرفي بين الباحثين والخبراء في مختلف التخصصات، وتنمية المهارات العلمية والإنسانية للباحثين، بما يسهم في بناء مجتمع بحثي صحي ومتكامل.

