أصاب الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف عندما وضع خريطة جديدة للبرامج الدينية بالتنسيق التام مع رئيس الهيئة الوطنية للإعلام وضخ دماء جديدة وجديرة بتقدير المشاهدين فعلا وان كنا ننتظر تطويرها شاملا لكل البرامج بما يخدم الهدف من وجودها وتبسيط المعلومة الدينية ليستوعبها العوام والخواص. ومن حسن حظى أننى عشت الزمن الوارف الجميل. زمن صدارة الإعلام بكل أطيافه المرئى والمسموع والمكتوب، شاهدت وسمعت وقرأت لعلماء أجلاء الواحد منهم كان أمة وحده. الأسماء كثيرة ويصعب حصرها. كنت كغيرى ننتظر برنامج (حديث الروح) لنستمع ونستمتع إلى كبار العلماء. أذكر منهم مولانا الراحل الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر، ومولانا الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر، والدكتور عبد الصبور شاهين، والدكتور محمود محمد عمارة، والدكتور عبد الله شحاتة، والدكتور سيد رزق الطويل، والدكتور أحمد شلبي، والدكتور محمد إبراهيم الجيوشي، والدكتور موسى شاهين لاشين، العلامة الدكتور الأحمدى أبو النور، والشيخ محمد حسن الباقوري، والدكتور عبد الصبور مرزوق، والشيخ محمد الغزالي، وغيرهم كثير. خمس دقائق هى زمن البرنامج فى نسخته الأولي، كانت كفيلة بالتوجيه الأمثل لمنظومة القيم الأخلاقية وصياغة عقل جمعى واعٍ لمحبة الوطن والحفاظ عليه. وما زالت تسجيلات هؤلاء الأعلام تلقى قبولًا منقطع النظير. ومع التوسع فى البرامج الدينية، وهو أمر محمود نشجعه ونشكر القائمين عليه، فإن ضيوف البرامج للأسف تغيب عنهم النظرة الموسوعية والريادة. والمؤكد أن البون شاسع والفرق هائل بين ضيوف الأمس واليوم. وقد يقول قائل: هل أجدبت الأرض؟ وأنا أقول: (لا والله) فمصر الكبيرة بأزهرها خصبة بعلمائها ومفكريها، وجامعة الأزهر وكلية دار العلوم التى أنجبت الأوائل بها علماء نوابغ فى شتى فروع المعرفة فى اللغة والشريعة والعلوم التجريبية إلخ. وهم شموع تعرفهم بسيماهم إلا أنهم يتعففون ويتوارون إلى الظل أدبًا وحياءً وحفاظًا على كرامتهم. ويبقى الدفع بهم وتقديمهم لتعظيم دور البرامج الدينية والنهوض بها لتواكب متغيرات المرحلة ومواكبة العصر، فنحن نواجه موجات متسارعة لا تتوقف من الغريب والتهييف والتفريط والتطرف. ولا بد من إعداد العدة للمواجهة الجادة، ولن يتحقق ذلك إلا بالتزود الحقيقى بالعلوم جميعها فنحن نريد أفكارًا جديدة وجادة، وعلماء يحملون زادًا كبيرًا يواجه كل ما هو غث ويسبقون الحدث ويحملون فى جعبتهم طرحًا مختلفًا عما نراه الآن. الإعلام له دور كبير فى المواجهة وتبصير الناس بجوهر الدين وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأن رسول الإنسانية بعـــث ليكـــون رحمــة للعالمــين، وهو القائل: «لا فضل لأعرابى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح». وهو من رسم وثيقة المدينة قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام لتكون عنوانًا للتعايش بين البشر مهما اختلفت الألوان والعقائد. البرامج الدينية منصات حية ومهمة إذا أحسنا اختيار من يتحدثون فيها، شريطة أن يكون الاختيار للأكفأ وصاحب الرؤية المستنيرة. والمسئولية تقع على عاتق رئيس الهيئة الوطنية للإعلام بالتنسيق مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، والهدف هو تجديد الدماء والتنوع كذلك. فهل نحن فاعلون؟ هذا ما ننتظره. حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وجيشًا ورئيسًا.