أبحث عن الجانب الإنسانى دائما.. وإن عظمة الإنسان بما يحمله من إنسانية.. واتساءل دائما.. ماذا حدث لنا؟.. هل نحن فى عصر مختلف.. طغت فيه المصالح والماديات.. هل أصبحنا نحدد قيمة الإنسان بما فى جيبه وليس بما فى رأسه.. هل المغالاة فى الابهة.. كملابسه أو محموله أو نوع سيارته.. أهم من المبادئ والقيم والأخلاق.. هل أصبحنا ننخدع بالمظاهر.. ذهب أحد كبار رجال الأعمال بأحدث سياراته المرسيدس.. لحضور حفل زفاف نجل صديقه.. فتحوا له أبواب الفندق الكبير.. على مصراعيها.. ولم يسألوه عن الدعوة.. أو حتى اسم العريس.. كالمتبع مع باقى المعازيم.. وصادف أن ذهب نفس الرجل إلى نفس الفندق.. فى حفل زفاف مماثل.. لكنه استقل هذه المرة.. احدى سياراته القديمة.. فما كان من رجال بوابة الفندق.. إلا أن اوقفوه وسألوه.. ولم يسمح له بالدخول إلا بعد أن قال لهم اسم العريس!! قرأت للكاتب الصحفى الكبير الاستاذ مصطفى أمين.. مقالاً يقول فيه: ان الاقتصادى الكبير طلعت حرب.. كان يثق ثقة عمياء بأحد موظفيه.. واسند إليه عدة مناصب كبيرة فى شركات بنك مصر بالرغم من صغر سنه.. وحصل على أكبر مرتب.. وفشلت كل محاولات زعزعته من مكانته.. وذات يوم مرض طلعت حرب فى بيته بحلوان.. وذهب هذا الموظف لزيارته.. قال له طلعت حرب.. أرجوك أن تحضر معك صباح الغد طبق فول مدمس.. وفوجئ الموظف الكبير بطلعت حرب يقول له: أين طبق الفول المدمس؟؟.. وادعى الموظف أنه وجد المحل مغلق لوفاة شقيق صاحب المحل.. وفى اليوم التالى ذهب طلعت حرب للمحل.. وقال لصاحبه: البقية فى حياتك.. ودهش صاحب المحل.. فسأله طلعت حرب ألم يمت شقيقك.. قال: لا.. وهل تأخرت فى فتح المحل أمس.. أجاب: لا.. فتحت كعادتى فى نفس الموعد.. اتجه طلعت حرب لمكتبه.. وأصدر قراراً بفصل الموظف الكبير الكاذب.. وقال: إن الذى يكذب فى طبق فول مدمس.. يكذب فى كل شيء.. وهنا يقفز السؤال الصعب.. هل نحن من الذين يتحدثون فى الغرف المغلقة بلغة مختلفة عما نقوله خارجها.. هل أصبحت كلمة الحق نادرة.. هل فقدنا الاهتمام ببعضنا البعض.. فالاهتمام إحساس وعطاء دون انتظار مقابل.