العالم.. لم يعد كما كنا نعرفه.. أو ما كنا نعيش فيه.. ليس هذا ما اعتدنا على الحياة معه الحروب والأزمات والصراعات تتوالى فى كل صباح، فيما يشبه السلاسل التى لا تنقطع من الصدمات المفاجئة والعنيفة.
وبقدر ما تتعدد الأسئلة.. تنعدم الإجابات.. بل وتستحيل أحيانًا.. وحين أكد المؤرخ الفرنسى إيمانويل تود مؤخرًا فى صحيفة لوفيجارد أن العالم يشهد حاليًا السقوط النهائى والتاريخى للغرب الأمريكى – الأوروبي.. حدثت صدمة حقيقية فى باريس.. وتساءل البعض.. ما هذا الذى يقال.. ولماذا وكيف؟!!
وسرعان ما ظهر مؤرخ فرنسى آخر فى لوفيجارد أيضًا يدعى توما جومار.. وهو يحاول التفسير.. والإجابة على الأسئلة الصعبة التى لا توجد لها إجابات واضحة أو ثابتة.. لأن مفاجآت الأحداث والصراعات لا تخضع لقوانين ومنطق العلوم الطبيعية فى الفيزياء والكيمياء والرياضيات.
وحاول توما جومار التوضيح.. الذى جاء أقرب إلى اعتراف من نوع آخر.. وقال إن كل ما يشهده العالم حاليًا من صراعات ونزاعات وحروب ترتبط فى النهاية بعملية معقدة للغاية وصعبة جدًا.. ليس لها معنى محدد.. لكننا يمكن أن نطلق عليها عملية «إعادة توزيع أسباب القوة والنفوذ» فى هذا العالم.. وبكل أسف فإن هذه العملية تتم حاليًا على حساب الدول الأوروبية!!
ويقول توما جومار.. إن هذه هى «حركة التاريخ السريعة».. مما يفرض على دول أوروبا ضرورة أن تتسلح باستراتيجية عسكرية خاصة ومنفردة.. تحقق من خلالها القارة البيضاء «الاستقلال الاستراتيجي» عن الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد كان عام 2023 هو عام الصدمات والمفاجآت العالمية الكبري.. ليس فقط من خلال استمرار التصاعد فى الحرب الروسية فى أوكرانيا.. أو من خلال هجوم حماس المفاجئ ضد إسرائيل.. لكن سماء كوكب الأرض أصبحت ملبدة بغيوم وسحب سوداء قاتمة.. تثير الخوف والفزع فى قلوب البشر فى الحاضر والمستقبل.
القلب الأوروبي
وقد تدهور الواقع الاقتصادى العالمى بصورة لم يسبق لها مثيل.. وفى واشنطن بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يشق طريقه من جديد نحو البيت الأبيض.. وبدأ «قلب أوروبا» ينبض بالفزع.. خوفًا من تغييرات قادمة كاسحة فى العلاقات بين أمريكا وأوروبا.. ويقول توما جومار.. إن حركة التاريخ المتسارعة كما نري.. تؤكد أننا سوف نشهد فى هذا العالم تحديات وتقلبات استراتيجية كبري.. لأننا ببساطة أصبحنا نعيش فى هذا العالم.. وهو خارج السيطرة.. أو بعيدًا عن قدرة القوة الأعظم للولايات المتحدة على السيطرة.. أمريكا لم تعد قادرة على فرض سيطرتها على العالم.. أو على النظام الدولي.. الذى قامت ببنائه بعد الحرب العالمية الثانية فى 1945.
لقد كان هجوم حركة حماس الفلسطينية ضد إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023 هو أكبر عملية انتحارية فى التاريخ.. لكن هذه العملية أدت سريعًا إلى ظهور القضية الفلسطينية مرة أخري.. بعد أن طال تجاهل العالم لها على مدى عشرات السنين.
وسرعان ما تحول 2024 إلى عام التحولات الكبرى والمخاوف العظمي.. اليوم الحروب يمكن أن تشتعل وتتصاعد بين روسيا وأوكرانيا فى البحر.. وبين إسرائيل وإيران فى الخليج العربي.. وبين أمريكا والصين على تايوان.
وينتظر العالم نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر القادم، وتتصاعد المخاوف فى واشنطن بسبب تداعيات ومخاطر الانقسام الأمريكى الكبير.. وما قد يترتب على فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة مرة أخري.. وهذا يعنى أن أمريكا تواجه مخاطر الانقسام.. فيما تواجه أوروبا مخاطر الحروب وتحديات الصراعات على تخومها وأطراف حدودها.. فى أوكرانيا والشرق الأوسط.
وهذه هى اللعبة العالمية الكبرى فى 2024.. بكل ما ينطوى عليه ذلك من تغييرات وتحولات استراتيجية كبرى فى خريطة العالم فوق كوكب الأرض.
لا أحد يمكنه التفكير فى حرب أوكرانيا بعيدًا عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.. أو بعيدًا عن الصراع مع الصين، فكل هذه الأزمات متشابكة ومترابطة بصورة معقدة.
الاستقلال الإستراتيجى
وكل ذلك يعنى أن الصراع القائم بين أمريكا والصين حاليًا.. ينطوى على منافسة استراتيجية واسعة من أجل اقتسام الهيمنة والنفوذ فى هذا العالم.. وهذه العملية المعقدة يرى الأوروبيون أنها تجرى على حسابهم!!
وهنا تنشأ الحاجة فى أوروبا إلى إعلان «الاستقلال الاستراتيجي» بعيدًا عن الولايات المتحدة الأمريكية.. مهما كان مصير حلف الناتو.. هكذا أصبح الاستقلال الاستراتيجى لأوروبا.. هو السؤال الذى يبحث عن إجابة.. خصوصًا فى العاصمتين الفرنسية باريس والألمانية برلين، لكن العالم كله يتساءل.. كيف ومتى يمكن أن تنتهى حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
وهنا يقول المفكر الاستراتيجى الأمريكى أندرو باسيفيتش إن الرئيس الأمريكى جو بايدن يؤكد دائمًا أن الولايات المتحدة الأمريكية هى القوة الأعظم التى لا يمكن أن يستغنى عنها العالم، ولو كانت أمريكا حقًا هى القوة الأعظم التى لا يمكن الاستغناء عنها، فلابد أن يقوم الرئيس بايدن بإصدار الأوامر فورًا بوقف هذه الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
لكن بايدن لن يصدر هذه الأوامر، وحتى ان أصدرها فلن يستجيب رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو لهذه الأوامر فقد تعرضت العاصمة الأمريكية واشنطن لصدمة حقيقية.. وترددت اصداء الصدمة العميقة فى كل عواصم أوروبا حين وقع هجوم حماس ضد إسرائيل يوم ٧ أكتوبر الماضي.. فقد كانت مشاهد سقوط مئات الإسرائيليين قتلى وجرحى خلال هجوم حماس أمراً مذهلاً للعقل الأمريكى والأوروبي، لكن المشاعر تناقضت مرة أخري.. أمام مشاهد حرب الإبادة التى قامت بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.. وكان من الطبيعى أن تنتقل العاصمة الأمريكية واشنطن من الصدمة العميقة إلى الإحساس بالشلل السياسي.
وأصبح واضحًا أن القيادة الأمريكية فى البيت الأبيض قد أصبحت مرتعشة.. وهى تحاول إدارة أزمة الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس الفلسطينية فى غزة.
وقد طالب الرئيس الأمريكى بايدن خلال اجتماعات مجلس الأمن القومى الأمريكى فى بدروم البيت الأبيض بوقف الحرب الإسرائيلية فى غزة.. ولكن نتنياهو لم يسمح أو يرفض أو يسمع أو يستجيب.
حرب بين الحضارات
ويتردد الآن فى واشنطن بقوة أن الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة ليست إلا جزءًا من الحرب بين الحضارات فى هذا العالم.. ومن البداية قال الإسرائيليون فى تل أبيب إنهم فى حرب حضارية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
فهل هذه حرب بين الحضارات متفق عليها مسبقًا بين تل أبيب وواشنطن وعواصم أوروبا؟! وهذه الحرب إلى أين؟! وقد اشتعلت الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.. فى وقت كانت أمريكا فيه تحرص على الوقوف مع أوكرانيا فى الحرب ضد روسيا، ولم يتردد الرئيس الأمريكى بايدن فى أن يؤكد قدرة الولايات المتحدة على إدارة الحربين فى وقت واحد.. الحرب فى أوكرانيا.. والحرب فى الشرق الأوسط.
ويؤكد الأمريكى تيم ستانلى من الواضح أن أمريكا لا تملك من الموارد ما يساعدها على دعم أوكرانيا وإسرائيل فى وقت واحد.. لكن أمريكا أصبحت مهددة بالتورط فى حربين قد لا يمكنها الخروج منهما.. ومن يتأمل الضربات الصاروخية الأمريكية للميليشيات الحوثية فى اليمن.. لابد أن يدرك أن أمريكا يمكن أن تتورط فى حرب التصعيد الواسعة فى الشرق الأوسط.
الامبراطورية العاجزة
فى هذه اللحظات.. أصبح واضحًا أن أمريكا عاجزة عن تزويد أوكرانيا بالسلاح، ولا يمكنها الامتناع للحظة واحدة عن ضرورة الإسراع بتزويد إسرائيل بالسلاح، فماذا يمكن أن يحدث لو استغلت الصين هذه الظروف وقامت بغزو تايوان خصوصًا بعد فوز الرئيس التايوانى الجديد بالرئاسة؟!
وإذا كانت أوكرانيا مستنقعا دمويا بلا قرار.. فماذا يمكن أن يقال عن المستنقع الدموى الإسرائيلى فى غزة؟!
إن جدول أعمال الرئيس الأمريكى بايدن يشمل كل الملفات والقضايا العالمية فى كل مكان فوق كوكب الأرض ببساطة لأن أمريكا امبراطورية كبرى وأكبر قوة اقتصادية وعسكرية فى التاريخ، لكن مستقبل الامبراطورية الأمريكية أصبح الآن بين أيد ترتعش!!
السقوط
ويردد البعض فى واشنطن حاليًا أنهم يشهدون سقوط الامبراطورية الأمريكية أمام عيونهم فقد أصبح صانع القرار الأمريكى فى البيت الأبيض تحت حصار الأزمات والحروب الكبرى فى كل مكان من العالم، وهو مطالب بكل شيء بدءًا من حماية الحدود فى أوروبا، إلى تسوية الصراع الدموى فى الشرق الأوسط.. وحتى ضمان استقلال وبقاء تايوان مستقلة فى آسيا.
هذه هى الأعباء العالمية الكبرى الملقاة على عاتق صانع القرار الأمريكي.. ويأتى ذلك فى توقيت أصبحت أمريكا فيه مثقلة بأعباء الدين القومى الأمريكي.. وأعباء الضعف والانقسام الداخلى الأمريكي.
قالوا إن الامبراطورية الأمريكية.. تواجه حاليًا أزمة انعدام الثقة بالنفس.. وانعدام القدرة على اتخاذ القرار.. وإيجاد الحلول لأزمات عالمية مشتعلة فى كل مكان.
ولم يتردد البعض فى واشنطن فى أن يقول إن صانع القرار الأمريكى قرر التخلى عن كل شيء وأن يترك شئون العالم تدير نفسها بنفسها!!!
الحرب الحتمية
ويبدو أننا أمام اقتناع أمريكى راسخ ليس فقط بالصراع بين الحضارات فوق كوكب الأرض.. ولكن بالحرب الحتمية بين الحضارات فوق كوكب الأرض.
ويطالب الأمريكى جويل كوتكيد بضرورة الاعتراف بحقيقة أن الامبراطورية الأمريكية فى حالة تراجع حقيقي.. لكنه يؤكد أنه تراجع مرحلى وليس نهائيًا.. وأن أمريكا يمكن أن تستعيد قريبًا قوتها وقدراتها.. كقوة عالمية ليس لها مثيل..
ويقول إن صحف العالم اعتادت التركيز على أزمة واحدة أو حرب واحدة وتتناسى باقى أزمات وحروب العالم.. على أن كل الأزمات والحروب متشابكة ومترابطة.
ويؤكد وجود ترابط بين الحرب فى أوكرانيا.. والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.. وهجمات ميليشيات الحوثى فى البحر الأحمر وتهديدات الصين لتايوان.. كل هذه الأزمات مترابطة.. وهى جزء من صراع الحضارات الذى تحدث عنه الأمريكى صامويل هاتنجتون فى تسعينيات القرن الماضي.. وهذا الصراع أو هذه الحرب بين الحضارات هى التى سوف تقوم بإعادة تشكيل النظام العالمى الجديد فى القرن الحادى والعشرين.
البحث عن المجد الضائع
ففى هذا العالم توجد قوى ودول ترى أن من حقها أن تستعيد أمجاد ماضيها العظيم.. وتأتى الصين وروسيا على رأس قائمة هذه الدول.
وتؤكد الشواهد والمعطيات أن الصراع الأكبر والمنافسة الاستراتيجية الأعظم سوف تكون بين أمريكا القوة العالمية القائمة والصين القوة العالمية القادمة.
وقد حددت الصين لنفسها فعلاً ضرورة أن تكون القوة الأعظم الوحيدة فى العالم من الآن وحتى عام 2050 ويأتى ذلك فى وقت تنبأ فيه البعض فى واشنطن بأن نهاية الامبراطورية الأمريكية سوف تحدث فى 2030.
مع ذلك لا يوجد شئ حتمى فى هذه الحرب القائمة أو القادمة بين الحضارات، ولو تمكن كل مواطن أمريكي.. مهما كان لونه أو شخصه من صنع الثورة لنفسه ولأسرته.. فسوف تستعيد الامبراطورية الأمريكية كيانها ووجودها ونفوذها العالمى بسهولة.. وسوف تخرج من نفق الضعف والتراجع الذى يتحدث عنه العالم حالياً الغرب وأمريكا.. ليسا فى موقف يائس.. وتراجع أمريكا ليس نهاية.. كما أن صعود الصين ليس أبدياً.
الشرارة الحاسمة
وفى النهاية نكتشف أن الحرب بين الحضارات فى جوهرها.. هى صراع رهيب بين الارادات.. سواء فى واشنطن أو فى بكين وعام 2024.. هو الشرارة الحاسمة فى تاريخ الحرب بين الحضارات.
وقالوا قديماً إن الحرب.. هى استمرار للسياسة بوسائل أخري.. واليوم يقولون إن الاقتصاد هو استمرار للحرب بوسائل أخري!! ويبدو أحياناً أن المعادلة اختلفت.
ليست نهاية العالم
هذه ليست نهاية العالم.. والزمن أطول وأبعد من كل الحروب والصراعات الدموية المشتعلة على الأرض مهما كانت.. ومن يقرأ أو يتأمل خارطة العالم فى 2024.. لابد أن يعترف بهذه الحقيقة.
وفى كل دورة للزمن.. وقصة جديدة للتاريخ.. تصعد دول كبرى وامبراطوريات.. وتسقط دول وامبراطوريات.. وفى النهاية قد يكون لإسرائيل مكان فى الاخبار والأحداث هذا العام.. أو حتى فى سنوات قادمة.. لكن من المستحيل أن يكون لإسرائيل ذكر.. أو مكان فى صراعات العالم الكبرى خلال القرن الحادى والعشرين.
.. ومن يتأمل الواقع الإقليمى فى الشرق الأوسط.. لابد أن يكتشف أن إسرائيل دولة ليس لها جذور فى المنطقة.. لأن جذورها الحقيقية توجد فى لندن.. حيث بدأت مؤامرة قيام دولة إسرائيل.. وفى واشنطن.. حيث تتلقى إسرائيل الدعم بالمال والسلاح.
.. ومهما كانت الدماء.. ومهما كان الظلام والظلم والإظلام فى حروب وصراعات العالم المشتعلة.. فإن هذه ليست نهاية العالم.. لأنها فى الواقع بداية جديدة لعالم جديد ومختلف.
فقد اكتملت وتكاملت عناصر «العاصفة الكاملة» التى هبت فوق كوكب الأرض فى السنوات الأخيرة.. وعلى مدار التاريخ كان من النادر جداً ان تهب على العالم عواصف الأيام والأحداث المدمرة.. بهذه الصورة البشعة.. كما يحدث هذه الأيام.. وقد تعيش الدول والشعوب أحياناً على مدى عشرات السنين.. دون أن يحدث أى شيء يذكر يغير وجه الحياة ولون الأيام.
.. وفجأة تأتى ساعات.. وربما أيام أو حتى أسابيع.. تشهد خلالها انقلابات مدمرة.. تغير وجه الشمس والسماء والأرض.
فقد اشتعلت نيران الأمراض والأوبئة والحروب والصراعات الدموية منذ 2020 وحتى 2024.. بما يهدد بانفجار جحيم هائل فوق الأرض يهدد حياة ووجود البشرية وسائر الكائنات.
سوليفان. لذلك الحاسد
.. ووسط ظلام الأحداث ومستنقعات الدماء فى الحروب والصراعات.. بدأ الخبراء والمراقبون البحث عن أسباب أو دواعى أو حتى أوهام يمكن ان تدعو للأمل والرجاء فى هذا العالم الذى يفيض باليأس وكل نزاعات وأسباب الحرب والفوضى والضياع.
ويقول المراقبون.. إنه لا يوجد ما يدعو للأمل والتفاؤل الحقيقى قى هذا العالم فقد حدث أن أكد عبقرى السياسة الخارجية الأمريكية الجديد جيك سوليفان مستشار الرئيس الأمريكى بايدن لشئون الأمن القومى أن منطقة الشرط الأوسط قد أصبحت هادئة أكثر من أى وقت مضى على مدى عشرين عاماً.
وجاءت تصريحات سوليفان فى يوم 30 سبتمبر 2023.. أى قبل هجوم «طوفان الأقصي» الذى قامت به حماس ضد إسرائيل بأسبوع واحد.
وتعرض جيك سوليفان للاتهام بأنه قد نظر إلى منطقة الشرق الأوسط بنظرة حسد مدمرة فقد أدى هجوم حماس المفاجئ إلى هزة وزلزال رهيب فى إسرائيل والشرق الأوسط.. وأحدث صدمة هائلة فى واشنطن ولندن وعواصم أوروبا والعالم.
بعد طول غياب
ظهرت القضية الفلسطينية على سطح الأحداث العالمية.. بعد طول غياب ومماطلة أمريكية وأوروبية.. وإسرائيلية.. وانهارت إسرائيل فى ساعات معدودة وتبدد احساس المواطن الإسرائيلى بالأمن.. وافتقد الاحساس بالثقة فى قدرة الجيش الإسرائيلى وفى قدرة جهاز المخابرات الإسرائيلى الموساد على توفير الأمن للشعب الإسرائيلي.. ولضمان بقاء ووجود دولة إسرائيل.
وتحولت منطقة الشرق الأوسط إلى برميل بارود جاهز للانفجار فى أى لحظة تشتعل فيها نيران الحرب الإقليمية الواسعة منذ غزة والضفة الغربية إلى إسرائيل ولبنان.. وحتى اليمن وإيران.. و..!!
الآن هناك حقيقة واحدة مؤكدة.. هى أن الشرق الأوسط لم يعد هادئاً.. ومن الصعب أن يعرف الهدوء.. والصراع فى المنطقة.. أبعاده وأطرافه واضحة.. ليس فقط الصراع الفلسطينى الإسرائيلي.. بل هناك الصراع القائم أيضاً بين التحالف الإسرائيلي- الأمريكى من ناحية وإيران وحماس وحزب الله اللبنانى والحوثيين فى اليمن.
حرب لا يريدها أحد
.. مع ذلك.. من الواضح أنه لا توجد قوة أو دولة إقليمية تريد اشتعال حرب واسعة فى الشرق الأوسط حتى أمريكا ترفض التورط فى مستنقع حرب إقليمية جديدة لكن برميل البارود فى الشرق الأوسط يبدو جاهزاً للانفجار فى أى لحظة وخطر التصعيد العسكرى يبدو مرتفعاً للغاية والحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة تبدو فى عيون الكثيرين حول العالم.. مجرد المرحلة الأولى من الصراع والحرب الواسعة فى الشرق الأوسط خلال 2024.
طريق النار
والطريق إلى التصعيد.. قد يأتى بقرار إسرائيلى مفاجئ يستهدف توجيه ضربة اجهاض استباقية إلى حزب الله فى جنوب لبنان.. ويؤكد جنرالات جيش الدفاع الإسرائيلى رغبتهم فى ضرورة استعادة قدرة إسرائيل على الردع بعد ضربة حماس المفاجئة فى 7 أكتوبر 2023.
وتخطط إسرائيل فعلاً.. كما يقول الأمريكى إيان بريم- لتوجيه ضربة ساحقة لحزب الله فى لبنان.. ويتناقش مجلس حكومة الحرب فى إسرائيل يومياً احتمال توجيه ضربة لحزب الله فى كل صباح.. لاجباره على التراجع إلى خلف شواطئ نهر الليطانى فى جنوب لبنان.
ولا تخفى إسرائيل رغبتها فى تدمير لبنان ومدينة بيروت وتحويلها إلى غزة أخري.. مهما كانت خسائر إسرائيل.. حتى لو تمكن حزب الله من ضرب تل أبيب بآلاف الصواريخ الباليستية.
نتنياهو بلا مستقبل
ويعترف الإسرائيليون فى تل أبيب بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يخطط لاستمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.. والتوسع فى الحرب ضد حزب الله.. وحتى إيران لأسباب شخصية.
فقد تعرضت إسرائيل تحت قيادة نتنياهو لهزيمة عسكرية قاسية خلال هجوم حماس فى 7 أكتوبر الماضي.. وأصبح نتنياهو.. صانع الأمن الإسرائيلي.. هو سبب فى أسوأ هزيمة تعرضت لها إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.. وقد انتهى مستقبل نتنياهو السياسى بعد هجوم حماس.. كما سقطت جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل من قبل فى حرب أكتوبر 1973 ومعها موشى ديان.
ويبقى السؤال مفتوحاً.. هل تشترك أمريكا وتتورط فى الحرب مباشرة إلى جانب إسرائيل ضد حزب الله.. كما تورطت حالياً فى الحرب ضد الحوثيين فى اليمن على شواطئ البحر الأحمر الجنوبية.
وهل تمتد الحرب إلى معارك واسعة مع إيران فى الخليج العربي.. أسئلة طويلة وصعبة.. ليس لها اجابات واضحة لدى أحد.. حتى لدى صانع القرار الأمريكى فى البيت الأبيض.
عداء وكراهية
ويحدث كل ذلك فى أجواء عالمية يتصاعد فيها العداء والكراهية المطلقة لإسرائيل فى الشرق الأوسط وحول العالم خصوصاً فى دول الجنوب العالمي.. أو دول العالم الثالث سابقاً.
وتعانى أمريكا حالياً من عزلة دولية حقيقية.. بسبب الدعم العسكرى لإسرائيل وأوكرانيا.
وأصبحت الولايات المتحدة تقف وحدها مع إسرائيل.. ضد العالم كله تقريباً.. وليس ضد الشعب الفلسطينى وحده هكذا يتصاعد الانقسام داخل أمريكا.. فيما يطلق عليه الخبراء حالياً أن أمريكا تعانى من حالة صراع ذاتى داخلي.. أصبحت أمريكا تعانى من صراع مع نفسها.. وهى على شفا حرب أهلية جديدة.. يمكن أن تحدث خلال انتخابات الرئاسة فى 2024.. أو بعدها.
وقد تزايد انحياز الرأى العام الأمريكى إلى جانب الشعب الفلسطيني.. ضد إسرائيل لأول مرة وغضب الرأى العام الأمريكي.. سيقود جو بايدن إلى الهزيمة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.. ويستعد دونالد ترامب للفوز والنجاح والعودة رئيساً لأمريكا مرة أخري.
..وقالوا إن عودة ترامب لرئاسة أمريكا.. سوف يشعل الحرب الأهلية الكبرى فى أمريكا من جديد.