وغنينا.. ناصر كلنا بنحبك.. ناصر وهنفضل جنبك
وغداً ذكرى الثورة الأم ثورة 23 يوليو من عام 1952 ولا يوجد عمل سينمائى عبر عن أهداف وأبعاد الثورة المصرية أفضل من فيلم «رد قلبى» الذى جاء بمثابة.. أيقونة خالدة تذكرنا بالعبودية والاستغلال والفوارق الطبقية الهائلة التى دفعت إلى الثورة.. ثورة الشعب التى كانت انتصاراً للإنسانية وللبشرية ونورا يقود الآخرين إلى طريق الحرية والكرامة.
وعندما اجتمع عمالقة السينما المصرية حسين رياض ورشدى أباظة وشكرى سرحان وأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار ومريم فخر الدين وهند رستم وتنافسوا فى الأداء رفيع المستوى فإنهم ترجموا قصة يوسف السباعى إلى عمل فنى رائع تتوارثه الأجيال وتتعرف من خلاله على ثورة يوليو الخالدة وتجد فيه كل الاجابات لمفهوم الثورة.. ولماذا كانت ثورة يوليو هى ثورة الإنقاذ والأمل للملايين الذين كانوا يبحثون عن حقهم فى الحياة الكريمة التى يتساوى فيها ابن الجناينى مع ابنة الباشا.
وفى الفيلم فإن على ابن الجناينى تجرأ على حب إنجى ابنة «الباشا» رغم الفوارق الطبقية الهائلة بينهما ولم يكن ممكنا أن ينتصر الحب لمجرد الحب.. كانت قصة محكوم عليها بالموت.. فإن تظل فى القلوب ولكنها بعيدة عن العقول.. كانت قصة الإعجاب الذى يدفع إلى طريق الانتحار.. ولم يكن ممكنا أن تكتب لها النهاية السعيدة لتنتهى الحدوته لولا أن قامت الثورة وذابت الفوارق وانتهى عصر الإقطاع.
<<<
و«أنت من الأحرار ياعلى».. عبارة قالها الضابط الوطنى سليمان «كمال ياسين» لعلى «شكرى سرحان» وهو ابن الجناينى.. عبارة وجملة شهيرة قالت ولخصت كل الحكاية والرواية.. أنت من الأحرار ياعلى.. لقد قامت الثورة.. تحقق الحلم وأصبحت من الأحرار وفى مقدورك أن تتزوج إنجى ابنة الأمير أو الباشا.. كلنا أصبحنا سواسية.. كلنا أبناء لمصر.. وكلنا فداء لمصر.. وكلنا لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات.
وانت من الأحرار ياعلى عبارة قالت وترجمت أهداف الثورة المصرية الخالدة فى تعميق مفهوم المواطنه والمساواة بين الجميع.. عامل وفلاح ومدرس وجندى وضابط.. والفرصة متاحة أمام الجميع، وتكافؤ الفرص هو مبدأ من مبادئ الثورة.. وابن الجناينى.. ابن الفلاح.. ابن العامل.. ابن ساعى البريد يمكن أن يصبح وزيراً ومسئولاً فى الدولة، فالدولة هى مختلف فئات الشعب العامل.. والدولة هى الشعب والشعب هو السيد وهو من يقرر ويختار.
<<<
ولهذا كنا نحن جيل الثورة.. جيل مجانية التعليم.. والمستوصف المجانى والمجمعات الاستهلاكية ودخول عصر الكهرباء.. جيل الحلم والأحلام.. جيل بناء السد والتصدى للعدوان.. جيل الكبار والقامات فى كل المجالات نغنى لناصر كل صباح.. فى المدارس..فى الجامعات.. فى الحقول.. فى كل مكان.. ناصر كلنا بنحبك، ناصر وهنفضل جنبك ناصر ونعيش ونقولك.. ناصر ياحبيب الكل ياناصر.
وكان ناصر يستحق كل هذا الحب الجارف.. كان ناصر هو الاسطورة الذى اقتحم حقولاً من الألغام من أجل الشعب وأصبح نصيراً للغلابة فى إنحياز كامل للفقراء والمهمشين والطبقات الكادحة.. كان ناصر هو الأمن والأمان، والضمان لمستقبل مصر.. وعلمنا ناصر نبقى أسود على شكل جنود.. علمنا ناصر أن نستعذب الموت لكى تكتب لنا الحياة.. والموت هو الموت فى سبيل الوطن.. الموت فى سبيل بناء الحلم العربى فى أمة قوية تعيد الأمجاد وتتصدى للامبريالية والاستعمار.
<<<
وأنا أكتب عن الثورة وعن ناصر مصرجمال عبدالناصر بكل هذا التقدير فى ذكرى ثورة يوليو الخالدة رغم أننى لم أكن يوماً من الأيام ناصرياً ولا من الذين يرفعون شعارات الناصرية ويتاجرون بها.. ولكن أكتب عن الجوانب الإيجابية فى التجربة الناصرية.. تجربة كان لها حسناتها وسيئاتها.. تجربة كان يمكن أن تستثمر بشكل أفضل لبناء دولة قوية حديثة تصون وتعمر وتحمى وتوفر مستويات متقدمة للحياة وتسابق الزمن لتكون جزءاً من العطاء فى قطار الإنسانية وجزءاً فاعلاً فى الحضارة الكونية الجديدة.
ولم أكن يوماً ناصرياً لأننى ضد الكثير من الأفكار الاشتراكية التى حولت قطاعات كثيرة من المواطنين إلى فئة من الذين يعتمدون على الدولة فى كافة احتياجاتهم إلى «تنابله» فى انتظار الدعم المجانى الذى تحول إلى حق مكتسب وأضاع على الدولة الكثير من مواردها التى ذهبت لمن لا يستحقها فى كثير من الحالات.
ولم أكن يوماً ناصرياً لأننى لم أكن مع المغامرات خارج الحدود دون التركيز على البناء الداخلى أولاً.. ودون أن يكون هناك اكتفاء ذاتى لمصر فى كل احتياجاتها ومتطلباتها.
ولم أكن يوماً ناصرياً لأننى أحمل عبدالناصر مسئولية نكسة يونيو 1967 لتقصيره وعجزه عن قرائة المشهد السياسى العالمى وما يراد بمصر ويخطط للقضاء، على جيشها وهيبتها ومكانتها.
ولكننى مع مصر.. وأحب عبدالناصر.. كان زعيماً وكان قائداً.. وكان وطنياً حتى النخاع.. وكان سبباً فى أننا نكتب ما نكتبه اليوم.. وفى أننا إقتحمنا الحياة بالتعليم الجيد المجانى وفى أننا عرفنا معنى وقيمته العلم لتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية وأنه فى مقدور «على» أن يتزوج «إنجى».. لأن كلنا سواسية.. وكلنا أبناء مصر.. وكل عام وثورتنا بخير.. وشعبنا بخير.. ومصرنا بخير.
<<<
وأخيراً:
< السفن التى تبقى فى المرسى تظل آمنه، لكن ليس لهذا الغرض تبنى السفن
< ولا تضع اللوم على أحد، الناس الصالحون يقدمون لك السعادة، الناس السيئون التجارب، وأسوأ الناس يعطونك دروساً، وأفضل الناس يمنعونك الذكريات الجميلة.
< وكل شىء بجوارك آمن، أخف وألطف ياليت كل حياتى بجانبك.
< ومكسب عمرى فإن كل هذه الضحكات على وجهى منك.